قال بأن مناورة الحوثيين بشأن الميناء لن تنطلي على التحالف ولا على القوى الموجودة على الأرض .. خبير في شؤون الجماعات المتطرفة يفاجئ أوروبا ويشبه خطر الحوثيين بخطر "داعش"
في الوقت الذي تسعى فيها دول الاتحاد الأوروبي إلى وقف تحرير مدينة وميناء الحديدة، وتعلن صراحة وقوفها ضد حسم معركة "الحديدة"، دعا كبير مستشاري مؤسسة توني بلير للأديان، والخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، البريطاني "بيتر ويلبي"، إلى ضرورة سحق المتمردين الحوثيين بنفس الطريقة التي يتم بها سحق "داعش"، كون الجماعتين تدّعيان الحق الإلهي في الحكم والثروة واستعباد الناس.
وقال بيتر ويلبي، في مقال نُشر في صحيفة "التايمز البريطانية" أمس إن : "معركة الحديدة هامة لإنهاء الحرب في اليمن وإنقاذ أرواح المدنيين، ويعد ميناء الحديدة البوابة الرئيسة للبلد لإدخال المعونة والغذاء والأدوية والسلع التجارية، وهو المصدر الرئيس للأسلحة الحوثية المهربة والإيرادات المغتصبة".
وأضاف : "لذا فإن انتزاع مدينة وميناء الحديدة من مليشيا الحوثي سيمثل أكبر نكسة يواجهها المتمردون منذ انقلابهم، مما يمهد الطريق لتحرير تعز، وإب، وذمار، وفي النهاية العاصمة صنعاء".
وأشار إلى أنه : "نظراً للمعاناة التي ألحقتها مليشيا الحوثي بالشعب اليمني، فإنه من الأجدر الترحيب بهزيمتهم المحتملة".
وأكد بيتر، الذي عاش في اليمن منذ عام 2007 وحتى 2008، إن : "وضع الحديدة الحالي ليس في يد من تأمل منه الديمقراطية، بل في أيدي أولئك الذين يعارضونها بشدة، وهم في الحقيقة من تدعمهم إيران التي تتباهى بسيطرتها على أربع عواصم إقليمية".
وتابع : "ما يبدو أن الاهتمام الدولي غفل عن حقيقة الحوثيين الذين هم في الحقيقة جماعة دينية شيعية متطرفة، وهم سلالة مختلفة تماماً تتطابق أيديولوجيتها مع إيران الثورية، وتدّعي حقها الإلهي في الحكم والسلطة والثروة".
وقال : "بما أن معاقل المتمردين الحوثيين تقع في محافظة صعدة الجبلية على الحدود السعودية، لكن، لماذا يريد المتمردون الحوثيون السيطرة على الموارد القيمة في الحديدة؟.. ذلك لأن الميناء الرئيس فيها يعد شريان حياة بالنسبة لهم، لتهريب الأسلحة من إيران وجني إيرادات وجمارك كبيرة تذهب إلى جيوبهم وليس إلى الخزينة العامة".
وأضاف : "ولكن وفي حال انتزعت القوات اليمنية المشتركة السيطرة على مدينة وموانئ الحديدة، فإن الطريق ستكون مفتوحة إلى العاصمة صنعاء التي سيقاتلون فيها بأسنانهم وأظافرهم، وهو نفس المكان الذي هزمت فيه الحكومة اليمنية على أيديهم في 2015، ووقفوا ضد تحالف دولي منذ ذلك الحين".
وتابع : "يزعم الحوثيون أن هذه الأرض وهبها الله لهم، وإذا كان هذا الخطاب مألوفاً فلأن تنظيم الدولة (داعش) يقول الشيء نفسه، بعد أن استهدفوا الجيش العرقي شمالي العراق".
وأشار إلى أن : "المقارنة ليست مجرد تعمق فلسفي، بل إن الجماعتين تسعيان إلى إقامة دولة خاصة بها مدعية الحق الإلهي في الحكم وترويع من يخالفوهم".
واختتم مقاله : "كان هناك دعم عالمي لسحق تنظيم داعش لأننا رأينا أن المتطرفين الذين يسيطرون على الأراضي يشكلون تهديداً للنظام العالمي، ولذا، حان الوقت للتعامل مع الحوثيين بنفس الطريقة التي تعامل معها العالم ضد تنظيم داعش الإرهابي".
التحالف العربي ومناورة الحوثيين
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني / خير الله خير الله ، إن : "التأخير الذي طرأ على استعادة ميناء الحديدة يندرج في سياق خطة واضحة تستهدف بلوغ الهدف من دون التسبب بخسائر كبيرة في صفوف المدنيين".
وأضاف، في مقال بصحيفة "العرب اللندنية" أمس الأول، إنهُ : "لا يمكن تجاهل أن الحديدة ليست ميناءً فقط، بل هي مدينة كبيرة يصل عدد سكانها إلى نحو 800 ألف نسمة".
وأشار إلى أنهُ : "لا يمكن تجاهل أن أهل الحديدة والمنطقة المحيطة أناس مسالمون لا علاقة لهم بالسلاح المنتشر بين قبائل الشمال".
وقال : "ليس في وارد أن يقاتل أهل الحديدة الحوثيين.. القتال ليس من عاداتهم، كلّ ما يستطيعون عمله هو اعتماد الصبر في انتظار اليوم الذي يستعيدون فيه حريتهم بعدما عاثت الميليشيات المذهبية التي ترفع شعارات إيرانية فساداً في المدينة".
وأضاف : "فوق ذلك كلّه، هناك عاملان يمكن أن يؤخرا الحسم العسكري، أولهما أن استمرار الحرب يشكّل مصدر ربح لعدد كبير من الأطراف في اليمن وخارج اليمن، أمّا العامل الثاني فهو عائد إلى أن الجيش الوطني اليمني والتحالف العربي لا يستطيعان إلا مراعاة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفيث الذي يصرّ على إعطاء فرصة للحوثيين".
وأكد أن :"هذه الفرصة ما هي إلا هامش للمناورة يستخدمه الحوثيون وإيران، من أجل المناورة".
وعن طبيعة هذه المناورة، قال خيرالله : "من حسن الحظ، أن هذه المناورة لا تنطلي لا على التحالف العربي ولا على القوى الموجودة على الأرض التي تعرف تماماً أن اللغة الوحيدة التي يفهمها الحوثيون هي لغة الحسم العسكري".
وتابع : "ليس بعيداً اليوم الذي سيكتشف فيه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة أن هؤلاء لا يحترمون كلمتهم ولا الاتفاقات التي يوقعونها، لو كانوا يحترمون أي اتفاق يمكن التوصل إليه معهم، لما كانوا انقلبوا على اتفاق السلم والشراكة" .
وقال الكاتب اللبناني إنه : "لا وجود لحلول وسط مع الحوثيين لا يستهدف كلّ ما يطرحونه الآن بالنسبة إلى تسليم الميناء للأمم المتحدة سوى كسب الوقت، هناك حاجة ماسة لدى الحوثيين إلى ميناء الحديدة حتّى لو كان تحت إشراف الأمم المتحدة، المهمّ أن يبقوا في المدينة وفي داخل الميناء بطريقة أو بأخرى لضمان مصالحهم.. ما يعني ضمان هذه المصالح؟ يعني أوّلاً استيفاء رسوم وخوات على البضائع التي تمر بميناء الحديدة من جهة، واستخدام الميناء من أجل تهريب الأسلحة التي مصدرها العراب الأكبر للحوثيين، وهو إيران، من جهة أخرى".
وأضاف : "عاجلاً أم آجلاً ستستعيد الشرعية الحُديدة، لا خيار آخر غير إغلاق كل الموانئ اليمنية في وجه الحوثيين الذين سيكون عليهم الانكفاء في اتجاه شمال الشمال في انتظار معركة صنعاء".
وأكد أن : "تحرير الحديدة لن يكون إلا خطوة أخرى على طريق توجيه ضربة قاضية للمشروع الإيراني في اليمن، فلو لم يكـن ميناؤها مهمّا لما كان ذلك التشديد من الأمين العام لحزب الله على ما يدور في اليمن".
.