هل تقود مشاورات سلطنة عُمان إلى دستور ليبي جديد؟
اختار فرقاء السياسة الليبيون مدينة صلالة العمانية مقرا لعقد مشاورات توصف بالماراثونية، لإنجاز صياغة توافقية لمشروع الدستور الليبي الجديد الذي تتضمن مسودته 220 مادة.
وانطلقت المحادثات يوم أمس برعاية الأمم المتحدة لتدشين مرحلة جديدة في مشروع الدولة الليبية الجديدة.
وكان وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي دعا المجتمعين في كلمة افتتاحه المحادثات، إلى “التلاحم والتضامن والمودة والتسامح”. واعتبر بن علوي أن “وضع الدستور الليبي سيجد قبولا وترحيبا من قبل الليبيين، وأن الشعب الليبي قادر على تجاوز كل التحديات والأخطار”، مضيفا، إن “الأمم لا تبنى بالنزاعات وإنما بالتسامح وإن الوطن يتسع للجميع رغم الاختلافات”.
واعتبر الوزير العماني أن محادثات صلالة هي فاتحة لكتابة تاريخ جديد لليبيا وإعطاء كل ذي حق حقه دون تدخل من الآخرين.
وتضم الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي اثنين وثلاثين عضوا منتخبا، يمثلون مختلف أطياف وتيارات الشعب الليبي، يعكفون خلال الأيام المقبلة على بحث ومناقشة المواد المقترحة لمسودة الدستور، والتوافق عليها قبل عرضها على الاستفتاء العام في ليبيا، تمهيدا لبدء مرحلة بناء مؤسسات الدولة الجديدة في هذا البلد الذي انهكته الصراعات المسلحة خلال السنوات الخمس الماضية، والذي خرج من العزلة التي ضربها نظام القذافي عليه على مدى أكثر من أربعين عاماً.
صعوبات في الطريق
واعترف رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي الجيلاني عبدالسلام ارحومه بحجم التحديات والصعوبات التي ستواجه أعضاء الهيئة من أجل التوصل إلى مسودة دستور توافقية تعرض على الشعب الليبي، معتبراً أن “صياغة الدساتير تواجه صعوبات بوجه عام وثمة صعوبات خاصة للدول التي لم تستقر بعد مثل ليبيا”.
وقال ارحومه إن ما سيتم الاتفاق عليه في محادثات صلالة بشأن الدستور الليبي لن يكون نافذا إلا بعد موافقة الشعب الليبي في استفتاء عام يشارك فيه جميع الليبيين.
من جانبه وصف مارتن كوبلر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، دور الأمم المتحدة في المسألة الليبية بأنه يقتصر على تقديم المشورة الفنية والتقنية، وليس التدخل في الشأن الليبي.
وأشار كوبلر إلى “ضرورة تطبيق مبادئ الأمم المتحدة والاهتمام بالأقليات والنساء” في مسدوة الدستور الليبي المزمع التوافق عليها.
وبحسب محلل سياسي عماني يتابع المحادثات فإن هنالك “منطقة توافقات مسبقة بين أعضاء الهيئة وأن الدبلوماسية العمانية لعبت دورا مثمرا في تقريب وجهات النظر قبل دعوتهم إلى صلالة”، مضيفا إن مشاروات صلالة ترمي إلى تجاوز بعض نقاط الخلاف على بعض مواد الدستور، خصوصا تلك التي تتعلق بصيغة تقاسم السلطة وتداولها سلميا، وإنهاء كافة مظاهر الاستقطاب والتدافع السياسي غير السلمي وغير الدستوري وغير المؤسساتي.
المحلل السياسي العماني عدّ أن نجاح مشاورات صلالة شبه مؤكد، وأن مسقط ستضيف إلى سجل مبادراتها التوفيقية نجاحا آخر جديداً.
.