شركات غامضة تمول انتخابات الرئاسة الأميركية
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تحقيقا مطولا حول تمويل الانتخابات الرئاسية الأميركية، كشف تورط رجال أعمال وجماعات دينية وإثنية في تمويل الانتخابات، تحت أسماء شركات وهمية تنشأ تزامنا مع بدء الحملات الانتخابية.
وجاء في تقرير الصحيفة حول إحدى هذه الشركات الوهمية، أنه “تم تأسيس شركة دي فيرستهولدينغز في ديلاوير، وبعد يوم واحد ضخّت الشركة مليون دولار إلى إحدى لجان العمل السياسي، التي لها علاقة بعمدة مدينة جيرسي في ولاية نيوجيرسي، ستيفن فيلوب الديمقراطي، الذي يسعى ليصبح حاكم الولاية.
والانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة للعام 2016 ، المقرر إجراؤها في يوم الثلاثاء 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، الذي سيفوز بها سيكون الرئيس 45 للولايات المتحدة.
إذ سيقوم الناخبون الأميركيون من خلالها، بتحديد المجمع الانتخابي من الرئيس ونائبه، من سنة 2017 إلى سنة 2021، وبحسب التعديل للمادة 22 من الدستور الأميركي سيمنع الرئيس باراك أوباما من الترشيح لولاية ثالثة.
ولفتت الصحيفة الأميركية عبر تقريرها، أنه “تم تشكيل العديد من الشركات المماثلة قبل أيام أو أسابيع من بدء المساهمات النقدية الضخمة؛ ما يعد حسب خبراء قانون الانتخاب، أمرا يخالف الحظر الفيدرالي المعروف على أموال التبرع غير القانونية”.
وحول إمكانية محاسبة هذه الشركات من ناحية قانونية، أشارت الصحيفة إلى أنه “يبدو أن القائمين على شركات الأشباح هذه، يواجهون القليل من خطر المحاسبة المفترض من هيئة الانتخابات الفيدرالية، التي باتت متحزّبة بشكل عميق حتى أنها توقفت مؤخرا عن التحقيق في مثل هذه القضايا”.
في حين، يثير وجود هذه “الشركات الوهمية”، خشية الشركات المناصرة لتنفيذ حملات تمويل الانتخابات الحقيقية، من إمكانية وجود المزيد من الشركات ذات المسؤولية المحدودة، تنبثق فجأة وتضخ الأموال لمجموعات مستقلة، في الوقت الذي تجعل فيه الأمر صعبا، فيما يتعلق بالتخلص من اللاعبين الأثرياء الساعين للتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الشيوخ.
في حين، تشهد انتخابات العام 2016 أعلى معدل تبرعات من قبل الشركات، وذلك منذ سماح المحكمة العليا بمثل هذا الانفاق، عبر قرارها في العام 2010، الذي يقضي بمنع الحكومة من تقييد النفقات السياسية المستقلة.
ووفقا لصحيفة “واشنطن بوست”، فإن كل دولار من بين ثمانية دولارات تم جمعها من قبل لجان العمل السياسي في هذه الدورة الانتخابية، ينبع من خزينة “الشركات الوهمية”، بما في ذلك الملايين المتدفقة من جهات مجهولة وصعبة التعقب، و ذلك وفقا لتحليل صحيفة واشنطن بوست لملفات تمويل الحملات الفيدرالية .
وخلصت “واشنطن بوست”، إلى أن “680 شركة قدمت للجان العمل السياسي الانتخابية، ما لا يقل عن 10.000 دولار في هذه الدورة الانتخابية، أي ما يقارب 68 مليون دولار قيمة مساهماتها مجتمعة إلى يوم الحادي والثلاثين من يناير/ كانون الثاني”.
وأردفت الصحيفة بقولها “شكلت هذه التبرعات ما قيمته 12 بالمئة من إجمالي مبلغ 549 مليون دولار تم جمعها بواسطة مثل هذه المجموعات التي يمكن أن تقبل تبرعات غير محدودة”.
وطبقا لتفسير الصحيفة، فإن هذا يعني أن “الشركات في طريقها إلى تجاوز مبلغ 86 مليون دولار كانت منحتها للجان العمل الانتخابي في الدورة الرئاسية للعام 2012، التي في حينها شكلت ما مجموعه 10% من المال الذي تم جمعه بالطريقة ذاتها، وفقا للبيانات المتوافرة من مركز السياسة المتجاوبة المستقل (CRP)” .
ويعد العديد من متبرعي “الشركات الوهمية”، متبرعين ذوي تمويلات ضخمة، وينتمون لشركاء الطاقة ومؤسسات عقارية، ولكن القسم الأكبر من هذه الأموال يأتي من شركات ذات مسؤولية محدودة، تم تشكيلها حديثا وتحمل أسماء غامضة تفصح قليلا عن داعميها الحقيقيين”.
وفي معرض استعراضها لبعض أسماء هذه الشركات، بينت الصحيفة أن شركة “أبناء إسرائيل المحدودة”، التي شُكلت في كاليفورنيا، من قبل أحد عملاء الشؤون العقارية “شاوفن ليزا غاو ” في كوبيرتينو كاليفورنيا، هي من بين هذه الشركات.
وبعد أسابيع على إنشائها، منحت “أبناء اسرائيل” 50.000 دولار للجنة العمل السياسي “بيرسوينغأمريكازقريتنس ” المؤيدة لحاكم و لاية أركانسس الأسبق مايك هاكبي في سباقه نحو الرئاسة، وذلك حسب ما بينته سجلات هيئة الانتخاب الفدرالي.
كما منحت الشركة مجموعة مؤيدة لـ “هاكبي ” 100.000 دولار، في حين تبرعت بـ 250.000 دولار للجنة العمل السياسي “ستاند فور تروث” الداعمة للسيناتور “تيد كروز ” عن ولاية تكساس.
واستنادا للقانون الفدرالي في أميركا، فإنه يدعو لجان العمل الانتخابية إلى التأكد من قانونية التبرعات قبل قبولها من المانحين والمتبرعين..
بدورها، قدمت العديد من المجموعات المراقبة لحملات التمويل، الشكاوى لدى هيئة الانتخابات الفيدرالية ضد “الشركات الوهمية”، التي تنبثق فجأة، ولكن يبدو أن فرص متابعتها من قبل الهيئة ضئيلة جدا..
ففي الشهر الماضي قامت الهيئة برد شكوى مضى عليها خمس سنوات حول إحدى “الشركات الوهمية”، التي تردد أنها تخفي هوية أحد المتبرعين رافضة حتى أن تكون الشكوى جديرة بالنظر .
وحول الرأي القانوني بشأن “الشركات الوهمية”، قال “بوب باوير”، وهو محام متقاعد لإحدى حملات تمويل الحزب الديمقراطي: “إن عدم قدرة هيئة الانتخابات الفدرالية على اتخاذ قرار يحفّز الأشخاص على المخاطرة، متبنّين فكرة أنه حتى وإن حدثت المساءلة القانونية فإنها لن تكون شديدة “
إلى ذلك، حذر “إلين وينتراب”، الذي يعدّ أحد الديمقراطييّن الموجودين في هيئة الانتخابات الفيدرالية ، من المتبرعين الذين يسعون للاختباء خلف ستار الشركات الوهمية، قائلا: “عليهم أن يعتقدوا بوجود عواقب لذلك”.
.