ميليشيات الحوثي هاجس المحافظات الجنوبية
على الرغم من إعلان الحكومة اليمنية، تحرير عدن منتصف يوليو/ تموز الماضي، من قبضة الميليشيات الحوثية والمخلوع صالح، وما أعقب ذلك من تحرير بقية محافظات الجنوب (أبين، لحج، الضالع، شبوة) إلا أن خطر الميليشيات المتمردة لا يزال قائماً، وبنسب متفاوتة، خاصة في المناطق الحدودية التي تفصل بين شمال اليمن وجنوبه، أو فيما كان يعرف بالحدود بين شطري الوطن.
لا يمكن بحال من الأحوال تجاهل الانتصارات التي حققتها المقاومة الشعبية في المحافظات المحررة، والتضحيات الجسام التي قدمها شباب تلك المناطق، بمساندة فاعلة من قوات دول التحالف العربي، خاصة السعودية والإمارات، إلا أن بقاء الميليشيات في مناطق «بيحان» بمحافظة شبوة، ومكيراس في أبين، يُبقي الأمور غير واضحة المعالم. والمتفحص لمجريات الأمور هناك، سيخلص إلى حقيقة أن ميليشيات الحوثي وصالح تسعى جاهدة لإرباك المشهد في المناطق المحررة من خلال بعض المناوشات التي عادة ما تكون عبر محاولات التسلل التي تنفذها بين الفينة والأخرى، أو عبر إطلاق صواريخ الكاتيوشا، لتسجل حضوراً ولو معنوياً عند أنصارها.
وبات من الأهمية بمكان الإدراك أن بقاء قوات الحوثي وصالح في مكيراس، التابعة لمحافظة البيضاء حالياً بحسب التقسيم الإداري الأخير لليمن عام 1998، وأبين ما قبل الوحدة اليمنية 1990، تشكل عامل قلق ليس على سكان مديرية لودر والقرى التابعة لها فحسب، ولكنه أيضا مصدر قلق وخوف على «عدن» التي لا تبعد عن لودر بأكثر من 170كم.
وتكمن أهمية مكيراس «الجبلية» 30 كم عن مديرية لودر، محافظة أبين، في أنها بوابة الجنوب الشمالية، وفيها تحشد الميليشيات قواتها القادمة من محافظة البيضاء، للإبقاء على هذه المدينة التي كانت إلى الأمس القريب تمثل شريان حياة وخط إمداد للميليشيات، صوب أبين وعدن قبل تحريرهما. ومن مكيراس تشن الميليشيات الحوثية هجماتها الصاروخية، بين الحين والآخر على مختلف قرى ومناطق لودر، التي لا يفصلهما سوى عقبة «ثرة» الشاهقة وأكثر الطرق اليمنية وعورة وصعوبة. وبالتالي فإن بقاء «مكيراس» في قبضة الحوثيين وتحت سيطرتهم، يعني بقاء الخطر محدقاً بالمحافظات الجنوبية، وبقاء هاجس التمدد، ممكناً، ومرحلة الحرب والاقتتال والتدمير قائمة.
وفي نقطة أخرى وتحديداً في مديرية بيحان، محافظة شبوة (200 كم) عن عاصمة المحافظة «عتق» يبقى الخطر قائماً على كل المحافظات الجنوبية، بما في ذلك حضرموت التي ترتبط جغرافياً بأجزاء كبيرة منها. وتكتسب «بيحان» أهميتها الجغرافية والعسكرية، باعتبارها منطقة حدودية للجنوب اليمني مع محافظتي مأرب والبيضاء في الشمال اليمني، وكانت بوابة العبور الأولى لدخول قوات صالح وميليشيات الحوثي واجتياحها لشبوة، أواخر شهر مارس الماضي وتمكنها من الوصول فيما بعد إلى العاصمة «عتق» بعد معارك شرسة مع أفراد المقاومة الشعبية التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي.
وعندما انسحبت ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح من عاصمة المحافظة بعد سيطرة دامت 6 أشهر، لم تغادر شبوة كاملة، بل استقر بها المقام في مديرية بيحان وعززت من تواجدها هناك بشكل لافت، وهو ما يشكل عامل تهديد حقيقي للانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش الوطني وقوات التحالف العربي في محافظة مأرب والمناطق القريبة منها.
ولم يقتصر تهديد الحوثي للمناطق المحررة في الجنوب على ما تقدم، فالخطر قد يأتي أيضاً من الضالع (130 كم) إلى الشمال من عدن، خصوصاً وميليشيات الحوثي ما زالت تفرض سيطرتها على بعض المناطق التابعة للضالع، وإن كانت في الأصل مناطق تتبع الشمال اليمني، وفق التقسيم الإداري قبل الوحدة، تم ضمها مؤخراً للمحافظة وتحديداً عام 1998. فمنطقة «دمت» تم ضمها إلى محافظة الضالع بحسب التقسيم الإداري الأخير، وسكانها محسوبون على الشمال اليمني سابقاً، وهو ما ساعد الحوثيين على استعادتها بسهولة من المقاومة الشعبية التابعة لهادي، وبات وجود القوات فيها، مصدر خطر على الضالع التي لا تبعد بأكثر 70 كم، والحال ذاتها بالنسبة لمنطقة «مريس» التي شكل بعض سكانها حاضنة للحوثيين بحكم انتمائها الجغرافي السابق لمحافظة «إب» شمالي اليمن، الأمر الذي دفع المقاومة الشعبية في الضالع، إلى اتخاذ العديد من الإجراءات الاحترازية، على طوال الشريط الحدودي الممتد من الشعيب شرقاً وحجر شمالاً وحتى مديرية الأزارق غرباً، تحسباً لأي محاولات حوثية ضد المناطق الجنوبية.
- عن الخليج:
.