الشاعر الدكتور محمد الجعمي ... شجاعة قلم و ضياء نوراني في الأدب العربي الحديث

 

 

      ما زلت أذكر ذلك الزمن المرير.. هناك في ريف الجنوب قسوة الحياة في السبعينات, والخوف الذي قد كان يعتصر القلوب.. كُنْتُ طِفْلا وَكنتُ أَسألُ أُمّي عنْ أبي مَالهُ بِنَا لا يُباَلِي؟ كلَّ عيدٍ وَ وَالدي في غيابٍز.والمساءاتُ لمْ تَجِب عَنْ سُؤالي.

   قيلَ في السّجنِ كَانَ يَقتَاتُ حُزنَاً..ذَلِكَ الشَاعِرُ الودودُ المثالي..أيُّ ذنبٍ جناهُ؟

  قالتْ: سمعنا.. أنّهُ كَانَ شاعِر "رأسمالي".

    هكذا تحدث الشاعر الدكتور محمد ناصر شيخ الجعمي في حوار مطول حول حياته الأدبية وارتباطها بوقائع الأحداث في اليمن.

 * من كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية؟

** أنا نشأت في بيئة كانت تتنفس الشعر، حيث كان والدي شاعرًا معروفًا وشخصيةً قبليةً ومناضلًا ثوريًا مع القومية العرب آنذاك, وتعرض للسجن في مراحل كثيرة, وكان الى حد كبير الشاعر الوحيد الذي يتغزل بالوطن من داخل السجن في المنصورة, وعلى صعيد الشعر الفصيح غلب علي أنني اكتشفت نفسي بداية وبعدها أسندني ابن عمي الأستاذ محمد سليمان شيخ؛ كونه شخصية أدبية وكنت استفيد من قصائده التي كان يكتبها من أربعة أبيات, كذلك مكتبته في بيته التي تحوي كما من شعر الحكمة, وربطني بعدها بجريدة العربي الكويتية.

* ما هي الأوقات والظروف التي تحب كتابة الشعر فيها؟

** الشِّعرُ هو الذي يكتبني يَأْتِي مُبَاغَتَةٌ مِنْ صَيْد الخاطر أو الخيال فأقوم بتدوينه حتى لا أنساه, وفي الصباح عندما أستيقظ من نوم مريح والنور يعانق شرفات البيوت أكمل الكتابة.

                                  0 نقد يحترم الأخر

*ما هي فضاءات الشعر التي يطمح دكتورنا وشاعرنا إلى التحليق فيها ممارسة وتجربة ؟

** بالنسبة لفضاءات الشعر لم تعد القنوات التقليدية في التواصل بين الشاعر وجمهور الشعر عبر الديوان الورقي أو الأمسيات الشعرية, وبالتالي فان التحليق في فضاءات واسعة أكان عبر وسائل التواصل الاجتماعي, وايصال رسالة الشاعر للمتلقي على أوسع نطاق, ويجب أن يرتقي الطموح ويتجاوز المحلية إلى فضاءات رحبة من الإبداع الإنساني ولكن بنكهة الأصالة والمعاصرة, وليس الحداثة هنا بمفهومها الشائع والذي عرف بصدمة الحداثة التي تبنّاها أنصار" قصيدة النثر " لم تكن إضافة ذات قيمة جمالية ولا فنية للنص الشعري، ولكن صدمت جمهور الشعر في ذائقته حين ساهمت في عزوفه عن الحضور إلى ملتقيات الشعر وندواته بسبب الإيغال والإفراط في الغرائبية في اللغةً والدلالة، الأمر الذي أفقد التراكيب والجمل الشعرية رونقها وانسجامها مع الذائقة الشعرية المعتادة والتي لا سبيل لتجاوزها كموروث ثقافي وإبداع أصيل, علينا أن نحلق في فضاءات الشعر بأدواتنا ولغتنا وأن نبتكر الجديد من هذا الموروث الغني ولا ننسلخ من هويتنا ولغتنا لا لشي ولكن فقط كي نقلد لغة أخرى.

* إذا عدنا إلى تاريخك وقلبنا صفحاتك.. ما الذي سنجد فيهما؟

**ما زلت أذكر ذلك الزمن المرير هناك في ريف الجنوب قسوة الحياة في السبعينات والخوف الذي قد كان يعتصر القلوب: كُنْتُ طِفْلا وَكنتُ أَسألُ أُمّي... َعنْ أبي .. مَالهُ بِنَا لا يُباَلِي كلَّ عيدٍ وَ وَالدي في غيابٍ ... والمساءاتُ لمْ تَجِب عَنْ سُؤالي؟ قيلَ في السّجنِ كَانَ يَقتَاتُ حُزنَاً... ذَلِكَ الشَاعِرُ الودودُ المثالي أيُّ ذنبٍ جناهُ؟ قالتْ: سمعنا... أنّهُ كَانَ شاعِرًا "رأسمالي".

   رَأسمَالي ! وتمتمت وَهيَ تَبكِي... رُبَّما قَيلَ هَكَذَا .. يَا عِيَالي! بَعْدَ عَقدَينِ يَا بَلادي كَبِرَنَا ... وَمَشينَا عَلَى الدَّرُوبِ الطَوَالِ المُنَى الذّابِلاتُ كَانَت حِصَادَاً... لِعَقُودٍ مِنَ الأسَى وَ الضَّلالِ.

* لاشك أن الحب والسلام من أعظم وأسمى مبادئ الحضارة الإنسانية, كيف تقوم بتوظيف ذلك لخدمة الشعر ؟

** آمَنْتُ بالحُبِّ يَا مَوْلايَ أَنْتَ بِهِ ... أخْرَجتَنَا مِنْ كُهُوفِ الشِّرْكِ وَالضَّمَدِ.

    كل قصائدي العمودية تحوم حول الحب, كثقافة إنسانية ليس بوسع البشرية ان تغادر مستنقعات الحروب والغل والأحقاد والكراهية إلا بالحب وبالحب وحده كتبت على التفعيلة و على مقام الحب كتبت هذه القصيدة : بالحُبِّ نَحْلمُ أَنْ نَكُون... باِلحُبِّ نَحْلمُ أَنْ نُعَانِقَ بَعْضَنَا رَغْمَ الخِصَام وَنوُدُّ انّ نَمْضي نُسَافِرُ في مَرَايَا الحُلمِ نَركَبُ طَيْفَ سَارِيَةٍ بِجنْحِ الليّلِ نَنْسَىْ أن نَنَام.

                                               0  لا شاعر للعرب

* من هو أشعر العرب من وجهة نظرك؟

**  لم يتفق النقاد ويجمعوا على شاعر واحد فعند المفاضلة قيل أن أشعر الشعراء في الجاهلية "امرؤ القيس بن حجر ، والنابغة الذبياني، وزهير ابن أبي سلمى" ومما قرأت:" قيل كان الفرزدق يشبه زهير في رصانة شعره وشدة أسره. وكان جرير يشبه الأعشى وكان الأخطل يشبه النابغة الذبياني" لكل شاعر تجربته ولغته وأسلوبه, يقال: " أن الأخطل الصغير بشارة هو الجسر الذي ربط بين الشعر العربي قديمة وحديثه، أحمد شوقي والبارودي ومطران إلى البردوني ونزار والجواهري والحديث يطول " وحكاية أفضل الشعراء أنا لا أميل لها لأنها تصدر عن ذائقة شعرية نقدية معينة ربما انحازت لأسلوب معين من الشعر فبنت عليه حكمها, والذائقة هنا تتعدد بتعدد المدارس والتجارب الشعرية والنقدية, والعملية الإبداعية مستمرة والشعر العربي قادر على الاستمرار و المشهد الشعري العربي يشهد حراك ثقافي شعري من خلال وسائل التواصل و تعدد المنتديات الشعرية والمنابر الثقافية الحقيقية واستثني من ذلك المنتديات الهابطة والتي لا تنتمي للغة العربية ولا للشعر العربي وليس لها في ذلك ناقة ولا جمل.

* ماذا يمثل لك أديب وشاعر اليمن الكبير السيد عبدالله البردوني ؟

** سمّني إن شئت نوّاحاً .... وإن شئت مغنّي ... فأنا حيناً أعزّيك…وأحياناً أهنّي لك من حزني الأغاريد…. ومن قلبي التمنّي… " هذه هي فلسفة الفن عند عملاق الشعر العربي عبدالله البردوني) الذي ظل متفردًا في إبداعه ولغته، في فلسفته، وتجلياته, يحلق بنا على جناح الشعر والجمال إلى صباحات صنعاء وعدن المعتقة بنكهة البن والبحر و الفل و الحبق و بلون اللوز، و العنب حتى وهو يتحدث عن الوجع العام., أحبه الشعب اليمني من صعدة إلى المهرة، وظل محافظًا على هذا الحب وهذه العلاقة المتبادلة بينه وبين عامة الناس والنخب المثقفة حتى اليوم وإلى ما شاء الله..لم ترق له تلك المكونات التي يتغنى أصحابها بالمشاريع المستهلكة، فلا بركة لمشاريعهم الكبيرة، ولا قدسية لمشاريعهم الصغيرة, كان البردوني بحجم اليمن السعيد الخالي من كل المنغصات التي انتجتها السياسة العقيمة لفرقاء السياسة بالأمس و اليوم، ولم يكن في يوم من الأيام يعبدُ الأصنامَ التي أنتجتها المراحلُ المتلاحقة أكانت (بشرية) تمثلت في بعض الرموز والقيادات، أو (رمزية) وتمثلت في الاعياد والمناسبات الوطنية, إنه يعاتب سبتمبر و أكتوبر بلغة العارف بمجريات الأمور بل كان بعين البصيرة يرى الواقع كما لا تراه عيون المبصرين: يا سبتمبر قل لأكتوبر كل منا أمسى في قبر" إذ لا قيمة لهذه المناسبات طالما والشعب اليمني يعاني مرارة الفقر والقهر والاستبداد.

    ولا يحتاج البردوني أن يعبر عن وطنيته بأغنية وطنية أو بالأناشيد المدوية التي تستخدم اليوم هنا وهناك,     و رغم ما تمثله هذه الأغاني والأناشيد الوطنية من قيمة في جانبها الأخلاقي، في ميزان المقارنة مع غيرها من الأغاني والأناشيد الأخرى، كحصيلة لما انتجته العبقرية الشعرية الثقافية اليمنية من قصائد خالدة في مسيرة النضال الطويل والمثقلة بالآلام والدموع .. لكن ذلك الفارق قد تقلص اليوم مع انهيار مشروع الدولة الذي ناضل من أجله الناس و ضحوا بكل غال ونفيس، على امتداد تراب الوطن المنهك والمغدور به في سيادته، وكرامته، وحريته.

      لقد أدرك البردوني في وقت مبكر إن هذه الأغاني والأناشيد والأعلام التي ترفع في الأعياد و المناسبات الوطنية لا تعبر البتة عن رأي الشعب، بقدر ما تستخدم لتخديره ودغدغة مشاعره ..إنه يتنفس شعرًا هذا العملاق الذي قهر الإعاقة والظروف القاهرة التي رافقته منذ سنوات الطفولة والصبا وحتى شيخوخته في وطن مثقل بالأوجاع والمحن يغني للوطن بلغته التي تفرد بها عن غيره، من عمالقة الشعر، وفرسان البيان، والبلاغة.. إنه يحلق في فضاءات الوطن يحمل أنينه وحنينه و يطوع الموروث الشعبي بكل ما يحمله من تنوع وجمال و يوظفه في القصيدة يطرز به ثوبها ويزخرف به معانيها.

* يقول الحطيئة " أجزع على المديح الجيد أن يمدح به من ليس له أهلا.."رأيك بهذا الكلام, ولماذا نمدح الفارغين؟

** الم يقل الشاعر دوقلة المنبجي في يتيمته الخالدة: آلَيتُ أَمدَحُ مقرفاً أبَداً... يَبقى المَديحُ وَيَذهَبُ الرفدُ. وقال عملاق الشعر البردوني في عروبة اليوم :

وَتَجْتَـدِي كُـلَّ لِـصٍّ مُتْـرَفٍ هـبَـةً وَأَنْتَ تُعْطِيـهِ شِعْـرَاً فَـوْقَ مَـا يَهِـبُ شَرَّقْتَ غَرَّبْتَ مِنْ «وَالٍ» إِلَـى «مَلِـكٍ» يَحُثُّـكَ الفَقْـرُ ... أَوْ يَقْتَـادُكَ الطَّلَـبُ.

     إلى أن يقول:

     لكِن أنا راحلٌ في غيرِ ما سفرٍ رَحلي دمي .. وطريقي الجمرُ والحطبُ

   المديح وهو غرض من أغراض الشِّعر أرفعه وأجله ما كتب في المدائح النَّبويّة وأوضعه ما كان للتكسّب وقد أكثر الشّعراء قديمًا من المديح ومنهم المتنبي والحديث هنا يطول.

                                         0 هذا هو الأروع

* ما هو أروع كتاب داعبته يداك ؟

** كتاب ربي القرآن العظيم.

* كيف أثرت القصيدة الشعبية في اليمن على الشعر الفصيح ؟

** اللغة الْعَرَبِية الْفُصْحَى : هي لُغَةُ الْقُرْآنِ وَالشِّعْرِ وَالنَّثْرِ الْفَصِيحِ, والمطابقة للقواعد، لا لحن فيها ولا خلل , وانتشارها يتجاوز المجتمعات المحلية إلى العالمية فأنت تخاطب العالم بلغتك الفصيحة التي يعرفها العالم والشعر العامي هو موروث ثقافي وأدبي, محلي يجب الحفاظ عليه ومن خلاله حافظت الأجيال على تقاليدها وتراثها.

* كتبت كثيرا عن الوطن, من المسؤول برأيك عن ترسيخ معاني السمو في حب الوطن والحفاظ عليه عند الأجيال الناشئة؟

** لأن الوطن الكلمة والمفردة أضحت خالية من دَلالَةُ اللَّفْظِ و فَهْمُ الْمَعْنَى في هذا الزمن الرمادي المعتم.. كان لابد من ترسيخ القيم الوطنية للأجيال القادمة من خلال الحديث عن أمجاد وبطولات الأمة وثوراتها الخالدة وتراثها العظيم,هذا التراث الذي يطول الحديث عنه وهو كلما انتجته العبقرية العربية خلال القرون ليس فقط في الشعر والأدب ولكن في النثر _أيضًا_ من مخطوطات للأسف منتشرة في متاحف العالم ولم يتم جمعها حتى اللحظة إضافة إلى أدب الرحلات والعلوم التجريبية .

                                      0 غياب الدولة

* لماذا لا ترع الدولة الأدباء والشعراء والفنانين وتلتمس معاناتهم ؟

** الدولة غائبة، ورعاية الإبداع والمبدعين لا يمكن أن يتبناها مسؤول جاهل لا يعرف قيمة الأدب بمعناه الرحيب والواسع والثقافة والفنون يعتبرها البعض من أنواع الترف , والإنسان عدو ما يجهل.

* " يا هند لاحت أنجم وقباب... المجد يروى والخنوع يعاب" من برأيك الذي تخلى عن قضية فلسطين من العرب والمسلمين ؟

** اقرأ كتاب عبدالناصر والعالم لـ محمد حسين هيكل لتعرف ماذا يقول الحكام العرب عن فلسطين في الغرف المغلقة , وأقرأ في سيرة محمود درويش من سجل أنا عربي وحتى سرير الغريبة وحالة حصار , لتعرف كيف تباع الأحلام في سوق النخاسين من سماسرة بيع الأوطان والخنوع الذي ليس له شبيه على مدى التاريخ.. هل كان في التاريخ غير صهيلنا أم هل تناست عرقها الأعراب.

* ماذا تمثل لك القومية العربية حتى تغنيت بجمال عبدالناصر في أحد كتاباتك ؟

** أعتز بعروبتي وأحب وطني وثقافتي عربية إسلامية أصيلة, أعبر عنها بكتاباتي الشعرية والنثرية في وسائل الإعلام المختلفة, ولا أحتاج الى أي تجمع أو مكون سياسي كي أعبر من خلاله عن مواقفي تجاه ما يدور في العالم.

* تغنى وتفنن الشعراء الأقدمون والمعاصرون في وصف محمد صلى الله عليه وسلم, ما أجمل ما قاله محمد الجعمي في خير الورى شعرًا ؟

** نبي الهدى بدرٌ تَجَلّى فَسَارَ النّوْرُ في الظُّلَمِ...مِنْ بَعْدِ أزْمِنَةٍ ضَجّتْ مِنَ الألَمِ تَعَاقَبَتْ حِججٌ والأرضُ متعبةٌ... تجرُّ أنْفَاسَهَا كالمُدنِفِ الهَرِمِ يا ليلةً لمْ تَزَلْ بالخيرِ مُشْرِقَةً... سَقَى ليَاليك ِهَطلٌ وافر الدّيَمِ كانتْ طيوفُ المُنى تَختَالُ في طَربٍ... يا مَا أحيلاه مِنْ وَعْدٍ ومِنْ حُلُمِ هذا الرّبَيعُ الذي تَزْهو خَمَائِلُه ... بالخَيْرِ والبِشْرِ بالآمالِ والنّعَمِ مِنْ غيمةٍ من حياضِ الخُلْدِ نَاضحَة... بالمِسْكِ جَادَ بِهَا ذُوْ الجُوْدِ والكَرَمِ وقلت أيضا في أخرى : جاءَ والارضُ في اشتياقٍ إليه ِ تَعِبَتْ مِنْ أنيْنِهَا الأرجَاءُ جاءَ والكونُ في ظَلامٍ وظُلمٍ فَدَنَتْ رَحْمَةٌ وَسَادَ رَخَاءُ جَاءَ والحُبُّ والنّدَى في يَديْهِ وعلى إثرهِ تَسَيْر السّماء.

* من تراه أديبًا يصحبك في مواقفك مع القضايا الشعرية, وأنت معجب بشعريته ؟ الشاعر الدكتور الجعمي : دع عنك لو هذه فهم كثر ويصعب الاختيار, لكني بالفعل على تواصل مع صديقي د. سعيد محمد العوادي "صاحب بروم" الشاعر والناقد والأديب الأريب, أستاذ اللغويات المشارك بجامعة عدن ,وهو قامة أدبية وعالم من علماء اللغة قلت له ذات مساء : يا ابن الأجاويد كمْ تنسابَ في شَغَفٍ ... وكمْ على الودِّ نَاجَى آبُ نيسَانَا برومُ يا "جارةَ الفيروزِ" طبتِ شذا ... ما عادَ عيدٌ ونادى الصّبُّ أوطانا فقال لي: شجى تردد في الآفاق ألحانا ... فرفرف القلب في جنبيه نشوانا أجريت من سحره قولي على قلمي ... لكن لدهشته ما حاز عنوانا عذرا أخا الشعر عذرا قد كبا قلمي .... وتاه عني بياني.. فاعذر الآنا ... وهو منارة للأدب يهتدي بها السائرون وقد عصفت بهم ريحٌ ظمأَى لا ماء فيها ولا ندى حدثني عنه صاحب دار نشر في القاهرة قال : "لم أقرأ مقدمة لديوان شعر إلا ووجدتها باهتة ليس لها علاقة بقصائد الديوان بل ربما تصلح كمقدمة لأكثر من ديوان إلا العوادي فإنه يتحدث عن تجربة شعرية بعد قراءة رصينة خالية من المجاملة والتكلف".

                                        0 جمهور ذواق

*  نلتم المرتبة الثانية في المسابقة الدولية للقصيدة المنظمة في سوريا, ما هي العوامل التي أسهمت في حصولكم على هذه المرتبة؟

** كانت تجربة جميلة رغم أني لا أهتم بالمسابقات وربما كان اشتراكي تلبية لطلب بعض الشعراء والشواعر العرب.. و هناك مسابقات لا أهتم بها مع احترامي للجهات المنظمة لها هناك معايير لتقييم الشعر من لدن لجان خاصة وليس عبر التصويت من جمهور ليس له علاقة بالشعر والأدب.

                                           0 ومسئول لص

* قلت يوما" إذا كان اللص والفاسد والمرتشي قد أصبح هامة وطنية في عدن فلكم دينكم ولنا ديننا .." من تقصد باللص والفاسد والمرتشي هنا؟

**  للأسف أن اكثر التعيينات لشخصيات هزيلة ليست جديرة بتحمل مَسؤولِيَّة وطنيَّة ,بكل ما تحمله الكلمة من دلالة في الأمانة وتتمتَّعُ بِكَفَاءةٍ عَالِية مُؤَهِّلاَت عِلْمِيَّة وأخلاقية و بِقُدرة عَاليةٍ عَلَى العَمَلِ، بِجدارة وَأَهْلِيَّة كل هذه المعايير لا وجود لها عند الاختيار فقد أصبح اللص والمرتشي والفاسد هو المسؤول الا من رحم ربي, فكيف يصير مثل هؤلاء رموزًا وهامات وطنية ؟ وكيف يستبعد أهل الثقة والكفاءة والوطنية والأخلاق؟.

* أين رمزية عدن والقضية الجنوبية في شعر الدكتور محمد الجعمي ؟

** عدن حبيبة القلب وسمية الخلد التي أهيم بها وجدًا وشغفت بها حبًا وتنساب في قصائدي لحنًا وكانت حاضرة في أخر قصيدة شاركت بها في برنامج (عرب فيسبوك) بث مباشر من صوت العرب من القاهرة مع الإعلامي المصري الكبير محمد الناصر.

   وَكَانَ قلبي يُنَاجِي طَيفَ غَائِبَةٍ وَالشِّعرُ يُذْكِي الأسَى وَالشَّوقَ والشَّجَنَا

يا رَبَّةَ الحُسنِ مَا في الوَردِ مِنَ عَبَقٍ وَقَدْ طَوَى البَيْنُ عَنْ أحْدَاقِنَا "عَدَنَا"

الكلام عن عدن أوسع من أن يختصر في قصيدة أو مقالة ولكن هذا جهد المقل كما يقال :

يا حَنِينَ المَوْجِ في "عَدَنِ"... سَالَ حِبْرُ الشِّعْرِ بِالشَّجَنِ إنَّ قلبي سَاحِلٌ وَأَنَا... قاربٌ يَغْفُو بَلا رَسَنِ

هذهِ الأقمَار شَاحِبَةٌ... وَالدُّجَى قَد ضَاقَ بِالمُدُنِ عُدْتَ يَا "نَيْسَانُ" مُكتَئِبَا...

هل تَرَى مَا حَلّ بِالوَطَنِ تَركُضُ الأيَّامُ في عَجَلٍ...

وَالمُنَى تَمشِي على وَهَنِ كيفَ مَرَّ الْعِيدُ ..

قُلْتُ لهَا :زَارَنَا كالمُدنِفِ الشَّجِنِ لمْ يَعُدْ يَخْتَالُ في وَلَه ٍ

بالنَّدَىْ وَ العِطْرِ وَ الدَّدَنِ

هَكَذا يا "عَدْنُ" مرَّ بِنَا .... مِثْلَمَا الأحلام في الوَسَنِ .

* كيف تنظر إلى تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في حرب اليمن؟

** تدخل فاشل, والعبرة بالنتائج بالنسبة لي, فالأمور تقاس بنتائجها. ما الذي جنيناه من الربيع العربي غير تدمير الأوطان والقتل والتشرد وانتشار البلطجة والحرابة وانهيار منظومة الأخلاق العامة وانتشار ثقافة الغل والكراهية ونهب الممتلكات الخاصة والعامة , وللأسف هناك من يسبح بحمد الربيع العربي , ويتحدث عن الحرية التي وصلنا إليها , وكأن غياب الدولة وانتشار الفوضى هي نوع من أنواع الحرية والعدالة الاجتماعية .

                                               0 النُخب رأس البلاء

* سبع سنوات دموية من الحرب أهلكت الحرث والنسل وشردت الملايين، متى سينعم اليمن بالسلام والاستقرار ؟

** لم تستوعب النخب السياسية في الحكم والمعارضة نتائج المكايدات السياسية التي كانت تدار بين فرقاء السياسة , حتى تم استخدام قضايا محورية مهمة في دهاليز السياسة والمناكفات السياسية بدلًا من حل المشاكل من خلال إصلاحات سياسية جوهرية تلامس أوضاع الناس , وكانت القضية الجنوبية هي محور الصراع وأم القضايا ونتيجة تجاهل هذه القضية اتسعت رقعة الخلاف حتى عصفت رياح الربيع بالكل , ودخلت البلاد في أتون صراع وحروب عبثية ليس لنا فيها ناقة ولا جمل.

* يقال " تبعا للأحداث والتطورات المعيارية في الأزمة اليمنية أن الاستقطاب السياسي أثر سلبا على وسائل الإعلام اليمني" رأيك وتعليقك من منظور الأدب في واقع هذه الأحداث ؟

** بالطبع كان التأثير سلبي للغاية, لأن الإعلام اليمني لم يراعِ خصوصية الدولة اليمنية من حيث الحفاظ على السلم الاجتماعي الذي كان ينعم به الشعب اليمني قبل تحقيق الوحدة السياسية بين طرفي الحكم في الشمال والجنوب.. وتم توجيه الإعلام في مناكفات سياسية تستخدم لمصلحة فرقاء السياسة من أحزاب ومكونات سياسية عقيمة لا يهمها الوطن ولا مستقبله ولا ازدهاره بقدر ما يهمها الحصول على مكاسب خاصة من المحاصصة والشراكة في المكاسب الشخصية والحزبية وليس في البناء والتنمية " وشتان ما بين اليزيدين في الندى... يزيد سليم والأغر ابن حاتم.

                                  0 هذا لا يشرفني العمل السياسي

* لماذا لم تطرق باب الحركة السياسية بشكل مباشر في اليمن وتكون أحد قادة الأحزاب السياسية؟ **  لا يشرفني الانتماء لأي فصيل من فرقاء السياسة في اليمن حاليًا, هم شركاء في تدمير البلد وإن اختلفت النوايا والمسميات فالنتائج واحدة , شعب تطحنه الحروب العبثية جوع وتشريد وقتل ودمار, والنخب السياسية تعيش في رفاهية على حساب البسطاء من الناس.

*  هل كان يدور في مخيلتك سؤال شارد لم نتطرق إليه؟

** ما شاء الله،  تبارك الله عليك، كان لقاءًا رائعًا جدًا.. وقلت فيه ما لم أقله ذي قبل, فشكرًا لك، وشكرًا سلفًا لمن سيتجول في سطوره.