التحليق.. طقس روحاني يعود لـ2000 سنة في المكسيك
السبت 30 مارس 2019 04:01 صباحاً
وكالة الأنباء الفرنسية AFP
على ارتفاع 30 متراً يتربع رجال على قمة جذع شجرة ضخم متحدّين الفراغ في طقوس روحانية تقليدية تعود إلى أكثر من 2000 سنة يسعى شعب توتناك في المكسيك إلى تحديثها من خلال عقود تأمين خصوصاً لجذب المتطوعين.
يتسلق 5 شباب يطلق عليهم اسم "المحلقون" وهم يرتدون سراويل حمراء ويعتمرون قبعات تقليدية أو ريشاً أحياناً إلى قمة جذع شجرة مقطوعة ويرقصون عليها على أنغام الفلوت أو قرع الطبول. ومن ثم يقفز 4 منهم في الفراغ فيما رجلهم موصولة إلى حبل ويدورون على الأرض.
ويرمز "المحلقون" الـ4 هؤلاء إلى الجهات الـ4 الأصلية، وهم يسعون من خلال هذه الطقوس المحفوفة بالخطر إلى تحفيز خصوبة الأرض.
ويروي كروز راميريس (58 عاماً) وهو "محلق" سابق: "الرقصة استحدثها شعب (توتوناك) لوضع حد لموسم جفاف رهيب. وكلفت المهمة إلى 5 رجال يتسلقون أعلى شجرة ويقفزون منها مثل الطيور".
ومن أجل استمرارية هذا التقليد، أنشئت مدرسة في ولاية فيراكروز (شرق) لتدريب الأجيال الجديدة وأدخلت تحسينات إلى ظروف عمل "الرجال المحلقين" لجعل هذه الممارسة الخطرة أكثر جذباً.
ويقول المدرب فرانسيسكو هرنانديز (51 عاماً): "يأتي الشباب إلى مدرستنا من أجل منح هذه الطقوس قيمة فهي شيء أساسي في الحياة، ومن أجل الدمج بين ما هو روحاني وذهني وعاطفي".
ويتواصل هذا التقليد وقد أدرج العام 2009 على قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو.
وتعرف هذه الطقوس ذروتها سنوياً مع اعتدال الربيع خلال تجمع في تاخين في شرق المكسيك.
وبات "الرجال المحلقون" يجوبون العالم وأقاموا عروضاً في فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وسويسرا والإمارات.
ويشارك هؤلاء أيضاً في مهرجانات تقليدية مختلفة في ولايات البلاد، فضلاً عن العاصمة مكسيكو قرب متحف الأنثروبولوجيا الوطني أحد المعالم السياحية الرئيسة في المدينة.
ومن أجل جذب الشباب إلى ممارسة هذا التقليد، تم تحسين ظروف العمل.
ويقول راميريس: "قبل 10 سنوات، لم يكن لدينا تأمين على الحياة أو تغطية صحية، لم يكن لدينا أي شيء".
في العام 2009 منحتهم الحكومة المحلية تأميناً على الحياة وشملتهم بالضمان الاجتماعي في حال تسجيل حوادث عندما يسافرون عبر المكسيك وإلى الخارج.
وعلى أرض الواقع، الحوادث قليلة بفضل التدريب الذين يحصلون عليه على ما يؤكد المدربون.
أوخينيو سان مارتن (14 عاماً) هو طالب في المدرسة ورث هذا التقليد من والده وأجداده. وهو أصبح "كابورال" أي الراقص الذي يعزف الفلوت ويقرع الطبل في وضعية توازن على قمة الجذع.
ويقول أوخينيو: "بدأت في سن الـ7 لأنني كنت أحب ذلك.. المرة الأولى التي تسلقت فيها الجذع كنت خائفاً جداً إلا أن المدرب أتى معي".
وتضم المدرسة نحو 100 طفل بين سن الـ8 والـ10، إلا أن 20 من بينهم سيرتقون إلى المستوى الضروري ليصبحوا محترفين.
ويؤكد هرنانديس: "لا يملك الجميع الموهبة الضرورية. عندما يملك الطفل هذه القوة نرى ذلك في عينيه".
ويقول المدربون: إن تعلم الطقوس كلها يحتاج إلى 10 سنين على الأقل. ويوضح هرنانديس في الواقع "لا نتوقف أبداً عن التعلم".
ويختتم: "الطفل يقرر متى يكون مستعداً لتسلق قمة الجذع لكن عندما يصل إلى فوق عليه أن يحلق".
.