رياح التغيير في الخليج.. آفاق تحركات دبلوماسية تقودها السعودية والإمارات قد تعيد تشكيل خارطة الزعامة في العالم العربي

يبلغ عرض البحر الأحمر، الذي يفصل قارة أفريقيا عن شبه الجزيرة العربية، في أوسع نقطة منه نحو 355 كم فقط. ويعد البحر الذي يستخدم كطريق الشحن الرئيسي للتجارة الدولية بمثابة كنز اقتصادي لأي قوة إقليمية.

وعلى مدى العشر سنوات الأخيرة، أصبح الطريق التجاري الدولي الممتد من خليج عدن باليمن جنوباً وحتى قناة السويس بمصر شمالاً، ملغماً بالعديد من المخاطر والصعوبات، من ضمنها تهديدات القراصنة الصوماليين، والنزاع على الحدود بين دولتي إريتيريا وجيبوتي، ومساعي إثيوبيا، البلد المحاط باليابسة، للنفاذ والحصول على نقطة وصول على البحر الأحمر.

وليس آخرها الحرب المستعرة في اليمن. كل ذلك ساهم في جعل المنطقة مشتعلة وغير مستقرة.

لذلك فلا عجب في أن اتفاق السلام لعام 2018 بين الأطراف المتحاربة منذ زمن طويل ، إثيوبيا وإريتريا ، كان موضع ترحيب كبير في المنطقة. أما بالنسبة للدولتين الحليفتين (السعودية والإمارات )فقد شكل الاتفاق انتصارا دبلوماسياً هائلاً.

ورعت الدولتان الخليجيتان اتفاق السلام بين الجارتين الواقعتين في القرن الأفريقي في مدينة جدة السعودية. وعلاوة على ذلك ، فقد قاموا أيضا بجلب جيبوتي للجلوس على طاولة المفاوضات مع منافستها الحدودية ، إريتريا.

وعقب المفاوضات والتوقيع ، تحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "رياح أمل تهب في القرن الأفريقي".

طموح اقتصادي

هذه الرياح المفعمة بالأمل يمكن أن ينظر إليها أيضًا على أنها رياح تغيير في المنطقة. ووفقاً للمحللين ، فإن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تضعان نفسها معاً كأقوى قوتين إقليميتين بين الدول العربية في الخليج العربي، في الوقت الراهن.

ويرى أليكس دي وال ، الذي يدير مؤسسة أبحاث السلام العالمية في جامعة تافتس في الولايات المتحدة ، أن المملكة العربية السعودية تتحرك باتجاه الهيمنة الاقتصادية كوسيلة من وسائل الأمن القومي. وقال "قبل نحو عشر سنوات بدأ السعوديون في وضع خطط لبناء أسطول بحري على البحر الأحمر والسيطرة على الحركة فيه".

مضيفاً: "ومن الدوافع التي حفزت هذا التحرك كان استشعار السعودية باحتمالية أن يقوم الإيرانيون بإغلاق مضيق هرمز، وبالتالي فإن السعودية ستحتاج إلى منفذ بديل لحركة شحناتها النفطية، لذلك بدأوا في بناء خطوط الأنابيب ومصافي النفط على ساحل البحر الأحمر ، وهذا بدوره عزز احتياج المملكة الى تأمين الخط التجاري البديل الواقع على طرفي البحر الأحمر ".

من جهتها تعتقد اليزابيث ديكنسون ، وهي باحثة مختصة في شئون شبه الجزيرة العربية مع فريق مجموعه ألازمات الدولية ، ان المملكة السعودية تكثف مشاركتها السياسية الدولية.

وقالت ديكنسون في هذا الصدد "تعتبر المملكة العربية السعودية من اللاعبين الرئيسيين كما أنها تعتبر القرن الأفريقي أولويه دبلوماسية جديدة. "

كما ترى ديكنسون أن الامارات تتحرك في نفس الاتجاه، مشيرة الى أن أبوظبي " وضعت نفسها كمستثمر رئيسي في مجال الدعم اللوجستي وتطوير الموانئ وتنميه التجارة".