الشرعية تتنفّس مجدداً.. فهل تتحرك دفة الحسم؟ (أبرز الملامح)

بدأت ملامح استعادة السلطة الشرعية لتوازنها وتأثيرها المفقود منذ زمن تظهر بشكل مكثف شيئاً فشيئاً في الأيام الماضية.
ولعل الصاروخ الحوثي الذي بلغ درجة عالية من الخطورة بعد وصوله سماء الرياض يوم السبت من الأسبوع الفائت كان له عظيم الأثر – بحسب ما يراه مراقبون – لاستدراك جميع الأطراف التي تحارب الحوثي خطورة وضع الشرعية على الهامش، والاكتفاء بدورها التمثيلي في المحافل الدولية، فيما يتم عزلها بشكل شبه كلي من المحافظات التي تحررت من المليشيات، وتحجيم دورها، بسبب الانشغال بأجندات ومخططات أخرى لا تخدم في الأساس القضاء على الحوثي، بقدر ما تحاول تخليق واقع سياسي يتناغم وأحلام بعض دول التحالف العربي.
ومنذ الوهلة الأولى لاندلاع عاصفة الحزم قبل أكثر من عامين ونصف العام بقيادة تحالف عربي تقوده المملكة العربية السعودية، كان الهدف الاوحد والعنوان البارز لهذا التدخل العربي هو كسر شوكة الانقلاب وإعادة المسار الشرعي الذي حدث انقلاب عليه من قبل أطراف شاركت في الحوار الوطني (الحوثي – صالح)، قبل أن تستغل لحظات الصراعات البينية المتفجرة بين معظم القوى لتنفذ الى واجهة المشهد من جديد وتنسف المسار التوافقي المعمول به منذ العام 2012م.
وحقق التحالف العربي أكبر انتصاراته في الأشهر الأولى من الصراع مع الانقلابيين، فحرر معظم مناطق اليمن الجنوبية، لكن وتيرة التحرير انكفأت بعد ذلك لصالح حسابات سياسية صرفة.
وشهد شهر أكتوبر المنصرم أكبر خفوت لتأثر السلطة الشرعية على مجمل الأحداث في الجغرافيا اليمنية، خاصة في مدن الجنوب، والتي عاود فيها المجلس الانتقالي (الانفصالي) تحركاته الميدانية بزخم كبير، ويبدأ في تنظيم الفعاليات والمهرجانات الشعبية في عدد من المدن، في وقت غادر فيه رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر الساحة الجنوبية تاركاً المجال لقوى الانفصال كي تعبث بالمشهد كيفما تشاء، بعد أن وصلت محاولاته المستميتة لإعادة بسط الشرعية نفوذها في الجنوب لطريق مسدود بسبب خذلان كبير من التحالف العربي، وبإرادة إماراتية أكبر، بحسب ما يراه ناشطون.
غير أن المعطيات انقلبت بشكل كبير منذ سقوط الصاروخ الحوثي في الرياض، ما دفع عدداً من المراقبين للتأكيد بأن المرحلة المقبلة قد تشهد انقلاباً دراماتيكياً في سير الأحداث.
ومن بين النقاط التي شكلت ما يمكن أن يطلق عليه "إعادة بعث الشرعية" من جديد ما يلي:
تشكيل تحالف سياسي يجمع أغلب المكونات والأحزاب السياسية: وهو إعلان ينم في طياته عن تصاعد وعي مختلف الطيف السياسي بخطورة الانشغال بقضايا جانبية قبل اسقاط الانقلاب.
ولعل من اللافت أن يتم الإعلان عن هذا الطيف الموحد في هذه الأثناء، بالرغم من عدم نجاح محاولات تشكيله منذ بدء عاصفة الحسم، ما يحمل مؤشرات هامة بحسب كثيرين قد تسرع في سقوط الانقلاب..
الشرعية تتحرك بزخم يتناسب وطبيعة المرحلة بالرغم من تواجد القيادة بالرياض، فالرئيس عبدربه منصور هادي عقد قبل أيام لقاءً هاماً بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قبل أن يعتقد اجتماعاً بالقيادة الشرعية في الرياض، وعقد يوم امس أيضاً اجتماعاً هاماً بقيادات الأحزاب السياسية، انبثق عنه إعلان تشكيل التحالف الحزبي الجديد.
أما النائب علي محسن الأحمر فقد تواجد في جبهة نهم على مشارف صنعاء قبل نحو اسبوعين، ثم عاد الى محافظة مأرب الشرقية ليشرف على العمليات العسكرية المشتعلة في مختلف جبهات الصراع في الآونة الأخيرة. بينما وصل رئيس الوزراء بن دغر يوم امس الى عدن، ما يعني عودة تدريجية للسلطة الشرعية في العاصمة المؤقتة.
اللقاء الذي عقده الأمير محمد بن سلمان مع قيادة حزب الاصلاح بالمملكة قبل يومين كان فارقاً بشكل كبير، باعتباره أول لقاء يجمع القيادة السعودية مع حزب ذو خلفية إخوانية، بالرغم من التحفظات الإماراتية الشديدة في هذا الوضوع.
الوديعة السعودية تكشف مدى التزام المملكة – بحسب مراقبين – لإعادة الاستقرار الاقتصادي في المحافظات المحررة، والتي بلغت مليار ريال سعودي، ما سيدفع الى استقرار سياسي يتلوه.
وتأتي الوديعة السعودية في وقت تشهد فيه اليمن أكبر انهيار اقتصادي في تاريخها، ما هوى بالعملة الوطنية الى مستويات متدنية غير مسبوقة.
- المصدر: مواقع
.