صبر..الجبل الأشم وذكرى ملحمة الخلاص الثانية من الحوثيين

بل أن يجرفهم سيل الكرامة من الجبل الأشم ” صبر ” ويحول أحلامهم إلى مجرد ذكرى تقض مضاجعهم وتنكئ جراحهم ما دامت ذاكرات عقولهم لم تتوقف ، وذلك في أواخر شهر شوال الموافق للأيام الأولى من شهر اغسطس 2015م كانت مليشيا الحوثي قد اجتاحت مديريتين من مديريات جبل صبر الثلاث ” الموادم وحدنان والمسراخ” قبل ذلك التاريخ بثلاثة أشهر فقط وخلال فترة احتلالهم للمنطقة أكثروا فيها الفساد وأسرفوا في قتل وأسر وإهانة أبناءها والتنكيل بهم وتفجير منازلهم ودور عبادتهم واحتلال مدارسهم …
قبل ذلك الاجتياح .. في شهر إبريل من العام 2015 م كانت المقاومة الشعبية مديرية صبر الموادم قد طردت الجيش الموالي للانقلاب من المواقع العسكرية فيها ومنها معسكر الدفاع الجوي الاستراتيجي ” العروس ” ومثلها فعلت مديرية صبر مشرعة وحدنان وذلك بعد أن أحرقت الدبابة التي كانت تستهدف مواقع المقاومة الشعبية في جبل جرة والأحياء التي تسيطر عليها وسط المدينة الأمر الذي استفز الانقلابيين فأعدوا العدة لاستعادة المديريتين الهامتين في جغرافيا المعركة القائمة فبهما سيتم احكام السيطرة على محافظة تعز .
اجتياح
في بداية شهر مايو من ذات العام قامت قيادة الانقلاب في صنعاء ــ بحسب بعض المصادر العسكرية الموالية لهم ــ بتوجيه قوات عسكرية ضخمة من بعض معسكرات صنعاء ومن لواء الصواريخ من ذمار ومن معسكراتها أيضا في تعز وتم تسليح تلك القوة بمختلف أنواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة بالإضافة إلى أسلحة نوعية خاصة بالاشتباكات المباشرة وبالفعل استطاعت القوة السيطرة على مديرية صبر الموادم بعد مقاومة شرسة من شباب المديرية دامت قرابة 72 ساعة نفذت بعدها ذخيرتهم ولم يكونوا يمتلكون من الأسلحة سوى الخفيفة منها فاضطروا للانسحاب وقد رافق تلك المقاومة خذلان تام من التحالف وطيرانه ، وبعد الانتهاء من الموادم توجهت المليشيا صوب مديرية حدنان وهناك ارتكبت كل الجرائم .
جرائم وانتهاكات
وفقا لما رصده مراسل ” المشاهد “ إلى جانب شهادات عدد من السكان عند اجتياح الحوثيين لصبر فإنه فور وصولهم واستقرارهم في مديرية الموادم وأطراف مديرية مشرعة وحدنان باشروا أعمالهم المعروفة حيث قاموا بتفجير عدد من منازل المواطنين بدعوى أنهم يوالون للمقاومة الشعبية كما قاموا باحتلال الكثير من المساجد والمدارس وحولوها الى ثكنات عسكرية لمسلحيهم ..ولم يكتفوا بذلك بل ونصبوا نقاط عسكرية متقاربة مارسوا من خلالها مختلف الانتهاكات من اعتقال تعسفي لمواطنين وإخفائهم قسريا وتجنيد عدد من الشباب اجباريا للزج بهم في الخطوط الامامية للمعارك وسقط عدد من أولئك المجندين قتلى ، ومن الممارسات البشعة منع دخول المواد الغذائية لسكان بعض عزل وقرى مديرية الموادم وكل مناطق مشرعة وحدنان بالإضافة إلى توجيه الشتائم المختلفة للمواطنين دون أدنى سبب ، وقد أكد ذلك عدد من مواطني المديريتين الذين أفادوا ” للمشاهد “ أنهم تعرضوا لمختلف أنواع الانتهاكات والإهانات في فترة وجود المليشيا في مناطقهم ويرى المواطن الشاب سمير عبدالجليل من مديرية الموادم أن تعامل الحوثيين معهم لا يختلف عما قرأه عن تاريخ الإمامة الظالمة وأسلوب امتهانها لليمنيين آنذاك ، واشار عبدالجليل الى ان الحوثيين نشروا الرعب والخوف في نفوس المواطنين خصوصا النساء والاطفال ويقول ان من ضمن جرائمهم بصبر تقييد الحريات العامة حيث كانوا يقومون مساء كل يوم بمراقبة الناس في منازلهم والتصنت على احاديثهم .
محمد الصبري احد القيادات الميدانية بالمقاومة الشعبية تحدث لنا عن ارهاصات ما قبل الانتفاضة والتحرير فيقول ” بعد مضي ثلاثة ايام فقط من بدء المواجهة بين الحوثيين والمقاومة بصبر تمكنت المليشيا من احكام السيطرة على مديرية صبر الموادم فاتجهوا بعدها الى مشرعة وحدنان وكانت نقطة البداية للمعركة تبدأ من اخر عزل الموادم فكان الناس هناك يتابعون ويشاهدون جرائن الحوثيين بأعينهم مما ولد لديهم شعور الانتقام من هؤلاء وبالمقابل كان ابناء مشرعة وحدنان قد ذاقوا من المليشيا الامرين بعد ان استهدفت المواطنين بالقتل والاسر والتعذيب وذلك دون تفريق بين المقاتل من غيره فكانت النساء والاطفال والشيوخ اهدافا لهم فقتلوا اكثر من 70 شخصا خلال تلك المعارك بالإضافة الى عشرات الجرحى وتدمير عدد من منازل المواطنين ، ومثلما حدث في حدنان حدث سابقا في الموادم لكن ليس بنفس المستوى ففي حدنان كان الجرم أفظع ”
انتفاضة وثأر
تذكر القيادات الميدانية الرفيعة في مقاومة صبر انها وضعت خطة للتحرير وكانت خلاصة تلك الخطة أن يأتي مقاوموا حدنان بقيادة اكرم الزعيم ورفيق النظامي القياديين الميدانيين في المديرية من اتجاه مديريتهم ويأتي من الاتجاه الاخر مقاوموا صبر الموادم بقيادة عبدالعزيز المحيا القائد الميداني والفعلي لمقاومة صبر الموادم والذي استشهد لاحقا في جيهة الشقب في 31 ديسمبر من العام 2015م ..غير ان ما حدث كان ليس متوقعا ففي الوقت الذي بدأت فيه المعركة كان المواطنون قد قرروا المشاركة فهبوا جميعا لمساندة المقاومة ويقول احد الشباب الذي شاركوا في تلك الانتفاضة ان الكثير ممن شاركوا لم يكونوا يمتلكون السلاح فاضطروا للانضمام لقوافل الامداد والدعم ويصور اخر حماس المواطنين بذكره لمشهد شاهده في المعركة وهو وجود رجل مسن بيده ” معول ” وهو ما يقطع به الحطب متجها الى مناطق الاشتباكات المباشرة يود لو يشارك بأي طريقة .
نصر وذكرى
لم تستمر معركة التحرير الأخيرة كثيرة حيث ابتدأت من الساعة الحادية عشرة صباحا لتنتهي في الثالثة عصر وكما أن معركة النصر الأخيرة كانت خاطف كان كذلك فترة وجود الحوثيين في صبر خاطف أيضا إذ لم يكملوا شهرهم الثالث هناك ، وكانت الحصيلة خلال الفترة مقتل أكثر من 400 مسلح حوثي وجرح آخرين كثر منهم 41 مسلح قتلوا في اليوم الأخير وذلك وفقا لإحصائيات المقاومة الشعبية آنذاك ومنذ ذلك الوقت وجبل صبر الأشم يتنفس رياح الحرية ويحي ذكرى النكبة والخلاص أيضا في مثل هذا الوقت من العام 2015م.
المصدر: المشاهد
.