يمنيون يزوجون بناتهم القاصرات مقابل المال وأحدهم زوج ابنته لتاجر للحصول على القات
كشف تحقيق لصحيفة “ذي إندبندنت” البريطانية عن توجه أرباب الأسر في اليمن إلى تزويج بناتهم في سن صغيرة مقابل المال، بالتزامن مع تردي الحالة المادية للملايين من الأسر هناك جرّاء الأزمة.
وبينما تستمر رحى القتال في الدوران في عامها الثالث، تواجه ملايين الأسر ظروفًا مادية صعبة، حيث هجّر أكثر من 3 ملايين شخص من ديارهم، وانتهى بهم المطاف في المخيمات، والعائلات بحاجة ماسة للمال وغير قادرة على إعالة أطفالها أو تخشى أنها لا تستطيع حماية “شرف بناتها”، فيصبح الزواج هو الحل الأنسب للفتاة.
وقالت منظمة اليونيسيف في شهر آذار/ مارس، إن الزواج المبكر في اليمن قد أصبح أمرًا “مرعبًا وعلى نطاق واسع”. وفي دراسة استقصائية أجريت في شهر أيلول/ سبتمبر في 6 محافظات يمنية، تبين أن حوالي 72% من الإناث تزوجن قبل بلوغ سن الـ 18، مقارنة مع حوالي 50% في دراسة مشابهة قبل الحرب، وحوالي 44% قلن إنهن تزوجن قبل بلوغهن سن الـ 15.
وقالت اليونيسيف إن “الآباء يقومون بتزويج بناتهم للتخفيف من تكلفة رعايتهن أو لأنهم يعتقدون بأن أسرة الزوج يمكن أن توفر للفتاة حماية أفضل”.
وأضافت اليونيسيف: “أن الأسر تسعى أيضًا للحصول على المهر لمواجهة الصعوبات التي سببها النزاع الدائر”. وتعمل المنظمات المحلية من أجل إنهاء زواج الأطفال مشيرة إلى وجود العديد ممن يعتبرونه من الحالات الصارخة. ففي إحدى الحالات، عندما نفدت السيولة لدى أحد الآباء لشراء “القات”، قام بعرض ابنته على أحد التجار للزواج منها.
ورجل آخر قام بتزويج ابنته ثلاث مرات في غضون عامين للحصول على المهر عدة مرات، قبل أن تبلغ سن الـ 18. وفي حالة أخرى، عروس طفلة سلمها والدها لزوجها مقابل سيارة أجرة، نزفت حتى الموت بعد أن أجبرت على ممارسة الجنس بعد أيام قليلة من زواجها.
في حين لا يوجد أي حد أدنى لسن الزواج في اليمن. وفي التسعينات، ألغي قانون تحديد السن في عمر الـ 15 من قبل البرلمان تحت ضغط من رجال دين متشددين، الذين قالوا إن الشريعة الإسلامية لا تمنع زواج الأطفال، وإن المحاولات الرامية إلى الحد من الممارسة هي مؤامرة غربية.
في حين أن وزارة العدل قد أصدرت توجيهًا ضد زواج الفتيات دون سن 18، وهو ما يتم تجاهله غالبًا من قبل القضاة.
حظرت السلطات، قبل الأزمة، الاتصال الجنسي قبل وصول الفتاة إلى سن البلوغ، ولكن من المستحيل تقريبًا إنفاذ هذا القانون، لتدهور مؤسسات الدولة وقدراتها، حيث وثقت جماعات حقوق الإنسان حالات لفتيات قبل سن البلوغ نزفن حتى الموت بعد اغتصابهن من قبل أزواجهن.
وتروي الصحيفة قصة نسرين التي واجهت المستحيل لحماية ابنتها من الزواج المبكر الذي قادها له أبوها بعد تردي حالته المادية وتطليقه لوالدتها.
وتمكنت نسرين من عرقلة هذا الزفاف وهربت لتختبئ هي وابنتها في أحد الملاجئ في مدينة “إب” اليمنية.
وتشكل قضيتها ما يحاول الناشطون في مجال حقوق الإنسان وصفه بالخطير ، بالنسبة للفتيات في اليمن أفقر بلد في العالم العربي، زواج الأطفال في تزايد هائل في هذه الدولة التي تغذيها الحرب التي ألقت بالمجتمع في حالة من الاضطراب.
وقالت “نسرين” لوكالة “الأسوشيتد برس” عن نضالها لإنقاذ ابنتها، “قبل الحرب التي دمرت عائلتها، كان زوجها يحصل على أجر مناسب لإعالة عائلته وتوفير احتياجاتها”.
ولكن بعد فقدان أعماله التجارية والبحث عن عمل بدون نجاح يذكر، تقول نسرين بأنه “فقد الرغبة للقيام بأي شيء، والعمل، والأكل وحتى العيش”.
وأضافت: “لقد اعتاد أن يضربنا وأصبح متشائمًا جدًا، على عكس الرجل الذي كنت أعرفه، والذي اعتاد أن يكون متفائلاً”.
وبعد الطلاق بين الزوجين، علمت نسرين أن زوجها قام بتوقيع عقد زواج لابنتهما وإقامة حفل الزفاف الذي كان من المقرر أن يجرى خلال شهر. وقد تدخل أحد كبار زعماء القبائل، “محمد شبانة” ووافق الأب تحت الضغط على إعادة نصف المال والتوقيع بالاتفاق مع الزوج والتعهد بعدم الزواج من الفتاة حتى تبلغ سن الـ 18.
وقال “شبانة” إن الأب أبرم هذا العقد للحصول على المال والانتقام من زوجته السابقة. وقال: “ولكننا قمنا بإيقاف ذلك”.
وفي محاولتها لمنع حفل الزفاف، قالت نسرين إنها طلبت المساعدة من القاضي الذي ترأس عقد الزواج، ولكنه رفض.
وقالت نسرين مقتبسة كلامه: “اذهبي وتعلمي القانون ثم تعالي لتحدثيني في وقت لاحق. حتى لو أن عمر الفتاة شهرين فقط ووافق الأب، فقد انتهى الأمر”.
القاضي “عبد الواحد ناجي محسن”، نفى اتهامات الأم، وقال إنه لم يكن أبدًا طرفًا في أي زواج دون السن القانوني. وقال إنه يسأل عن تحديد الهوية وإثبات السن وفقًا لتعليمات وزارة العدل.
وتختبئ “نسرين” الآن في ملجأ يديره “اتحاد النساء اليمنيات”، وهو منظمة لحقوق المرأة، وقالت إنها تخشى أن يقوم زوجها السابق والعريس بمحاولة لاستعادة الفتاة.
وأضافت أن هذا الوضع يخيفها: “أريد لابنتي الخروج واللعب مع بقية الأطفال. منذ حوالي سنة وحتى الآن، هي محبوسة هنا”.
.