الخميس 02 مارس 2017 04:19 مساءً
محمد العولقي يكتب : حمولة برتقالية ...!!!
*تماما مثلما يفعل التاجر الهندي ، قررت بيني وبين نفسي أن أفتش في الدفاتر القديمة بحثا عن اضاءات اخلاقية تنير لي هذا النفق المظلم الذي يحيط بشعبنا الصابر الغابر ..
*ومن باب رد الجميل ، وليس من باب رد الفعل ، ليس لي الا أن أشكر اربعة من مبدعي ذلك الزمن ، اتاحوا لي فرصة تقليب ذكريات الماضي الجميل ، والاقتراب من مرآة نكران الذات ، في زمن كانت البساطة عنوانه ، والتناغم والانسجام و الايثار الأخلاقي مفاتيحه ..
* المبدع الأول كان كبيرهم وحابس دم الخصوم ، سلطان الجهة اليمنى ، حيث يقف هناك مدونا تاريخا عريقا لكرة القدم الجنوبية على قمة جبل (شمسان)..
* لفريق (شمسان) كنوز لا تساويها كنوز الذهب ، لكن (جميل سيف) كنز كروي بريقه مختلف تماما عن بريق الكنوز التي تتلألأ على قمة جبل (شمسان)، حكايات (جميل) مكتوبة على اغصان شجر البرتقال ، مرسومة على صفحات أمواج الجزيرة ، وقراءتها متاح لكل عابر سبيل ونبيل ..
*المبدع الشمساني الثاني كوكب متعدد المواهب والمناقب ، هذا لأنه أول وآخر لاعب امتزجت دماء موهبته الكروية ، بدماء موهبة فنية خصبة ، حلقت بنا حنجرته الذهبية في مختلف بقاع وجداننا ، وفي أصقاع قلوبنا العاشقة للحن الفريد والصوت المجيد والشعر المفيد ..
* مع الشميساني (عصام خليدي) لابد أن تتحول غصبا عنك الى مستمع جيد فوق العادة ، فهو يقف أمامك شامخا بعظمة فنه الأصيل ، وطربه الكروي ، حين كان لاعبا شمسانيا موهوبا ، يداعب معشوقته بحس شاعر ، وفلسفة فنان تحمل طبقات صوته المخملية فيروزا من التنوع التراثي الخلاب ، فنان بألوان طيف تستحضر عمالقة الطرب الأصيل ، فيه الكثير من أنفاس عمالقة الفن الذين كتبوا وصيتهم الأخيرة على موجته الصوتية ، فكان امتدادا طبيعيا لعاطفة (الزيدي) الجياشة ، و وريثا شرعيا لعبقرية (المرشدي) الفذة ، وحاملا لمشعل التنوع في جاذبية صوت (العزاني) ..
* أما ثالث المبدعين ، فهو شمساني يخبئ بين ضلوعه قصصا وحكايات ، أظنها لو دخلت موسوعة القصص والحكايات لنافست من حيث الطرافة والتشويق تراث (ألف ليلة وليلة ) ، ففضل عبد الفتاح من النوع الذي يدخل القلوب دون استئذان ، وهو صاحب تجربة كروية ثرية ، تجمع بين سياسة التهويل لغرض زيادة فاعلية (المقالب) اللذيذة التي يفتعلها في السراء ، و سياسة (التهوين) لغرض امتصاص رواسب مواقف عند الضراء ، قلبه أبيض كلبن الحليب ..
* والرابع برز كموسوعةكروية في فرز الغث من السمين ، لقد كان الكابتن (ناصر عقربي) خلاصة لذلك الجيل ، كان من حسن حظه أنه سقى موهبته من نهر مواهب ذلك الجيل ، فسار على خطاهم، قاصدا ديار التألق بعيدا عن مضارب التملق ، فقدم نفسه لنا واحدا من كواكب تلك المجرة الشمسانية الخالدة في تلافيف ذاكرتنا ..
*اسعدني الحظ بلقاء النجم الشمساني البديع خلقا وخلقا الكابتن (فضل عبد الفتاح ) ، وسعدت أكثر وهو يسرد لنا في جو ليلي شاعري بصيرة الكثير من القصص والمواقف الطريفة و الظريفة ، والحق أن (فضل عبد الفتاح) متحدث ذكي ، يجيد فن صياغة المفردة السهلة البسيطة التي تتناسب مع بساطة ورقة ودماثة اخلاق فرسان زمان ، ومع ومثله عليك أن تكون مستيقظ الحواس ، سريع البديهة ، متفتح الذهن ، هذا لأنه يعطيك من طرف اللسان حلاوة ، ولكنه عند أول محاولة جس نبض يروغ منك كما يروغ الثعلب ..
*اتاح لي العزيز (خالد بيزع) نائب رئيس نادي (شمسان) ، فرصة ذهبية للجلوس على طاولة واحدة مع اربعة من كواكب (شمسان) ، وكان التنوع في الصيغة العامة دليلا على فلسفة جيل كروي ، تعامل مع كرة القدم ببساطة وتبسط وانبساط ، والنتيجة أنني نمت تلك الليلة وأنا أشكو من تخمة في مفكرتي ، وحمولة زائدة في تفكيري ، فكان لابد من الاستجابة لطلب الفنان (ابو بكر سالم بلفقيه) وهو ينصحني عبر مسامات هاجسي قائلا : ( يا حامل الاثقال خففها شوي) ..
* عملت بالنصيحة صباحا وتخلصت من بعض الحمولة الممتعة على قلبي ، فكان التحريض الأدبي يحثني أولا على توجيه الشكر والتقدير للرباعي البرتقالي ، ومعهم أيوب الحراسة الشمسانية الكابتن (نزار ) ، وختاما اعترف انني كنت في حضرة فضل وجميل وعصام وناصر اشبه بطفل يستمتع بحكايات قبل النوم ، فشكرا لأنكم اخرجتموني للحظات من نفق حاضرنا المظلم التعيس ..!