لافروف في مسقط.. ملف الأزمة اليمنية وعين موسكو على “المياه الدافئة”
ثلاثة ملفات على طاولة محادثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع المسؤولين العُمانيين، اثنان منهما يتعلقان بأزمات ونزاعات المنطقة السياسية والعسكرية، والثالث بالعلاقات بين مسقط وموسكو وسبل تطويرها.
المسؤول الروسي الرفيع الذي يزور السلطنة للمرة الأولى منذ سبع سنوات، استهل زيارته مسقط اليوم باجتماع مع الرجل الثاني في هرم السلطة في عُمان، نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء السيد فهد بن محمود آل سعيد، تلاه اجتماع مع نظيره العُماني يوسف بن علوي.
ووفق ما رشح من لقاءات لافروف مع المسؤولين، فإن البلدين وقعا اتفاقية حول إعفاء مواطني البلدين من تأشيرات الدخول، وهي خطوة تنهي عقود من الحذر العُماني حيال الدولة الشيوعية السابقة، وتفتح أبواباً واسعة لحركة الأموال والاستثمارات والسياحة بين عُمان وروسيا.
وكشفت تصريحات لافروف اليوم في مسقط أن المحادثات تركزت على ملف الأزمة السورية، والدور المحتمل لمسقط لعبه لحلحة هذه الأزمة، خصوصا وأن العاصمة العُمانية استقبلت أواخر العام الماضي وفداً من الائتلاف السوري لقوى المعارضة زار مسقط بعيد زيارة الوزير العُماني المسؤول للشؤون الخارجية يوسف بن علوي لدمشق التقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد.
غير إن محللين سياسيين يرون أن موسكو لا تحتاج كثيراً لمسقط في حلحلة الأزمة السورية، فالأولى أحد الأطراف الفاعلة والمؤثرة في هذه الأزمة الملف، وإن زيارة المسؤول الروسي الرفيع إلى العاصمة العُمانية تستهدف بالدرجة الأولى الاستفادة من “الخبرة العُمانية” في الأزمة اليمنية، فالسلطنة التي رفضت الانضمام أو حتى تأييد التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثي وميليشيا الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح في اليمن، تمتلك الكثير من خيوط هذه الأزمة اليمنية المتشابكة.
وبحسب محللين سياسيين، فإن موقف مسقط المحايد من الصراع في اليمن، يمنحها نفوذا وتأثيرا كبيرين على بعض أطرافه، لاسيما جماعة أنصار الله الحوثية التي زار قادة بارزون فيها مسقط عدة مرات في الأشهر الثمانية الماضية، وهو النفوذ التي تسعى موسكو إلى استثماره للدخول على خط الأزمة اليمنية من أجل إيجاد حل يُنهي الحرب والصراع.
وتذهب بعض التحليلات إلى أن موسكو، التي دخلت طرفا رئيسا على خط الأزمة السورية وأعلنت تحالفا عسكريا مع نظام الأسد وحليفه القوي إيران، تعمل على التدخل في الملف اليمني ولكن من البوابة الدبلوماسية، خصوصا وأن هناك من يرى أن جميع أطراف الأزمة اليمنية باتت مقتنعة أن الحرب، التي لم تنه الصراع بعد، تفاقم الأزمة الإنسانية وقد تدفع باليمن ذي التركيبة القبلية المعقدة إلى مزيد من الانشقاق والصراع.
في هذا السياق، فإن موسكو لن تجد أكثر نفعا من مسقط في البحث عن مخرج يُرضى أطراف الصراع، وفي الوقت ذاته، يُعطي روسيا الدور والمكانة اللتين تبحث عنهما في منطقة ” المياه الدافئة” والتي طالما حلم القادة الروس بالوصول إليها.
وبحسب مراقبين فإن روسيا، عبر انخراطها في أزمات المنطقة العربية، إنما تستثمر تراجع الدور الأميركي، وفتور العلاقات بين بعض العواصم الخليجية وبين واشنطن، خصوصا بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران.
لكن السؤال المثار في مسقط، التي تستضيف سيرغي لافروف اليوم هو ما إذا كان المسؤول الروسي، الذي زار أبوظبي أيضا، يحمل “وعوداً أو إشارات واضحة” من الرياض وحلفائها في التحالف بإحياء مباردة النقاط السبع التي كانت مسقط تقدمت في شهر أغسطس / آب الماضي لحل الأزمة والتي لم يقدر لها النجاح حينها.
وتقوم مبادرة النقاط السبع العُمانية على:
- ﺍﻧﺴﺤﺎﺏ كافة مسلحي جماعة أنصار الله الحوثية وميليشيا صالح ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ، وإنهاء كافة المظاهر المسلحة.
- ﺇﻟﺰﺍم الحوثيين وأنصار صالح ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺘﺎﺩ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ الذي نهب من معسكرات ومخازن الجيش اليمني ووحدات الحرس الوطني، وتحول الجماعة الحوثية إلى العمل السياسي السلمي كحزب معترف به.
- عودة الشرعية ممثلة بحكومة الرئيس ﻋﺒﺪ ﺭﺑﻪ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﻫﺎﺩﻱ، والبدء في عملية حوار وطني بين كافة الاطراف ومكونات الطيف السياسي في البلاد.
- ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﻀﻢ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻃﻴﺎﻑ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ ﻭﺃﺣﺰﺍﺑﻪ .
- ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺑﺮﻟﻤﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺭﺋﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻗﺮﺏ ﻭﻗﺖ .
- ﻋﻘﺪ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺩﻭﻟﻲ ﻟﻠﻤﺎﻧﺤﻴﻦ ﺑﻬﺪﻑ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻳﺔ .
- ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﺑﺈﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺿﻤﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ دول ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ.
غير إن مياها كثيرا عبرت تحت جسور المبادرة العُمانية منذ إطلاقها قبل سبعة أشهر غيرت الكثير من الوقائع على الأرض، أهمها عودة الشرعية إلى الحكم على الأرض في اليمن، وتقلص سيطرة الحوثيين على مناطق النزاع الحيوية، وتضعضع التحالف بين الجماعة الحوثية والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. هذه المياه التي تضعف أوراق التفاوض الحوثية وداعمها الرئيس إيران، تقوي في المقابل، حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي وقوات التحالف بقيادة السعودية، إنما قد تمنح المبادرة العُمانية حياة وحيوية جديدتين قد تفضيان إلى نجاحها وإلى حصول موسكو على موطئ قدم مطلوب على البحر الأحمر.
.