معبر الصراط .... ( صورة )
لم يُعد يكترث ابناء مدينة تعز لسماع دوي الانفجارات اثناء اليوم والليلة ، أذ اصبح الامر مألوف كطلوع الشمس وغياب القمر، ولا يُبالون بمناظر الخراب والدمار الذي حل بالمدينة ، برغم الألم والحسرة .
المجازر التي حدثت ولا زالت تُرتكب ضد إنسانيتهم ويندى لها جبين التاريخ والجُغرافيا ويحُرمها الشرع والدين ، لم تعُد بذات أهمية ، بفعل غزارة أعدادها الرقمية وفداحة نتائجها الإجرامية لتُصبح حدث يومي مُعتاد وواقع مُعاش الفتهُ العين وخلدتهُ الذاكرة .
لم يعُد سُكان المدينة المُحاصرة من الماء والغذاء والدواء يفكرون بما حدث وما سيحدُث ، لعلمهم المُسبق بأن مدينتهم تخوض حرب إستنزاف وهي بمثابة الساحة الكُبرى لمعركة وطن خذلهُ الجميع .
لذلك بات الشغُل الشاغل للموظف ًوالكابوس المُزعج لرب الاسرة والقلق اليومي للطفل والشاب والمرأة والألم النفسي لكبار السن ، يتمثل ب(معبر الدحي ) المنفذ الغربي الوحيد للخروج من المدينة لقضاء الحاجة وطلب الرزق .
هُناك وعند الحاجز المكون من حبات البردين الإسمنتي على عرض الشارع وبأرتفاع ما يُقارب الخمسين سم ، يلية الحاجز الترابي الذي يساوية بالارتفاع ، تُنتهك حُرمات الناس ويُمارس أفراد ميليشيا الموت ومناصريهم الإذلال والتعسُف والنيل من كرامة الداخلين والخارجين .
هُناك يتعرض ابناء تعز لشتى انواع الذُل والهوان والضرب والتنكيل .
في ذلك المنفذ لا يعرف الصديق صديقة والأخ اخاه ، وكُلاً في حال سبيله للنفاذ بالدخول او السلامة بالخروج ، يتعرض الأغلبية بما فيهم النساء والأطفال للإهانة والضرب وإن حركت ساكناً بالدفاع سكنت رصاصات بنادقهم في أحشائك .
في ذلك المعبر الجميع يتبع أسلوب لا ارى لا اسمع لا أتكلم ، فالكُل مشغول بنفسه وبكيفية نجاحه بالدخول للمدينة بمعية مواده الغذائية وسلامته من جهة ، وخروجه لطلب الرزق والوصول بحِفض الله من جهة أُخرى .
في ذلك المكان ينعدم الإحساس وتُفتقد المشاعر ويُسيطر الرعُب على الجميع ويلوح شبح الموت ، فأذا تمكنت من المرور من الحاجزين بسلام أصبحت هدفا سهلا وصيدا ثمينا لمناظير قناصاتهم المُنتشرة كالذباب .
استفزاز الناس بأطلاق الرصاص الحي وضربهم بالهراوات ورجمهم بالحجارة و دفعهم فوق بعض اصبح روتين يومي ووجبة ضرورية يُخييل إليك بأنهم سيُقادون لقعر جهنم .
في تلك البقعة السوداء من تراب تعز الطاهر
والذي يصفها احدهم بمعبر الصراط المُستقيم كناية عن الأهوال الذي يواجهونها من زبانية ميليشيا الموت ، تنهال لعنات البُسطاء وترتفع أياديهم لرب السماء لطلب الرحمة والخلاص. المشهد اليومي للناس في ذلك المكان والذهول العجيب لمناظر وجوههم المُغطاة بسواد الخوف وتراب الموت ولسعة الشمس الحارقة تجعلك تتسائل ، الى متى سيظل هذا الوضع جاثماً على ابناء مدينة ترفُض موت الحياة وهي تعيش حياة الموت ،،
لكِ الله يا تعز ولأبنائك الرحمة ولشهدائك المغفرة والجنة ..
.