الرئيس علي ناصر يكتب عن محطات مواقف جديدة من سنوات رئاسته لدولة الحنوب
سرد الرئيس علي ناصر محمد محطات ومواقف وذكريات جديدة مؤثرة عن سنوات قيادته لدولة الجنوب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة
وتحدث الرئيس ناصر في رسالة الى الزميل الصحفي علي منصور مقراط معلقا على مقال نشرة الكاتب الدكتور أنور الصوفي وايضأ مقال للأخ أحمد السيد عيدروس عن هيبة النظام والقانون في دولة الجنوب آنذاك والتزام المواطن في الريف والمدينة بالتعاطي معه بمسؤولية بما في ذلك حمل السلاح واطلاق النار
مبيناً كان المواطن وعلى بعد نحو ٨٠٠ كيلومتر عن العاصمة عدن في الصحراء ومناطق الريف البعيدة لايطلق رصاصة وهو تعبير عن الثقافة التي وصل إليها وللاستفادة من تلك التجربة الوطنية التي لن تتكرر ننشر نص ماكتبه الرئيس علي ناصر محمد
الأخ العزيز الصحفي الوطني علي منصور مقراط
لقد قرأت المقال بعنوان :
عندما نام رئيس الوزراء على الحصير كنا ننام آمنين للدكتور أنور الصوفي.
وقد نشر في كثير من الصحف والمواقع الالكترونية وكانت له أصداء ايجابية في أوساط القراء الذين اشادوا به وبكاتبه وبالزمن الجميل الذي يتحدث عنه المقال والناس لانه عكس بحق نبض الشارع في وطننا العزيز والجريح.
وقد تحدث الكاتب عن الانجازات المتواضعة التي تحققت في بلادنا وخاصة الاوضاع الأمنية والمعيشية والتعليم والتطبيب المجانيين، وفي كافة المجالات الزراعية والصناعية والعسكرية وغيرها، وكنا نتمنى أن نحقق مزيداً من الانجازات لشعبنا العظيم لولا التطرف والمزايدات.
فكان المواطن في عدن يترك منزله وحتى اذا كان الباب مفتوحاً فلن يدخل اليه احد او يقترب منه ويعود الى منزله آمناً فلا يفقد شيئاً من محتوياته.
كما كان المواطن يتنقل في أحياء عدن وضواحيها وشواطئها ويسبح في بحارها ويسهر على شواطئها الرملية الذهبية في جولدمور وغيرها مع أسرته دون خوف من أحد وهذه نعمة من نعم الله.
كما كان المواطن يتنقل بين عدن وآخر حدود محافظة المهرة على حدود عُمان ولا يعترض طريقه أي مخرب أو مهرب وأحيانا ينام في الطريق مع أسرته ولا يقترب منهم أحداً الا اذا كان توقف وسأل هل لهم حاجة أو خدمة أو مساعدة وبعدها ينصرف في طريقه.
أتذكر أن سيارة قد تعطلت وتوقفت وهي تحمل قمح في المعجلة بأرض باكازم محافظة أبين ولم يتمكن السائق من اصلاحها فعاد الى عدن لاحضار قطع غيار للسيارة تاركاً سيارته مع حمولتها على الطريق ليعود بعد ثلاثة أيام ليجدها كما تركها فلم يقترب منها أحد.
وهذا يدل على وعي المواطنين وانتشار الأمن والأمان .
وكان بعض المواطنين يكشفون أعمال التخريب والتهريب طوعياً مساهمة منهم في حماية أمنهم و أمن الوطن كعصابة دهمس التي كشفها المواطنون ولم تكشفها أجهزة الأمن في الثمانينات.
وكان المواطنين في بقية المحافظات يعيشون في أمن واستقرار بدون خوف أو ثأر فقد انتهت أعمال الثأر في الجنوب منذ قيام الدولة وحتى عام ١٩٩٠ بعد أن أصدر الرئيس قحطان الشعبي قراراً بالصلح العام بين القبائل لمدة عام ولكن هذا الصلح استمر من ١٩٦٨ وحتى عام ١٩٩٠ لأن المواطن ينشد السلام والأمن والاستقرار ونبذ الفتنة والطائفية والقبلية والثأر
فلا لصوص ولا قطاع طرق، فلا أحد يحمل السلاح الذي اختفى بكل أنواعه، حتى الخناجر والسكاكين والعصي و(الباكورة) في الحارات، وساد فيها الأمن والاستقرار، وأصبح الناس يحترمون النظام والقانون والدولة ودستورها وقوانينها، ويلجأون إلى حل مشاكلهم عن طريقها، وليس عن طريق الاحتكام إلى السلاح، بعد أن صاروا متساوين أمام القانون في كل شيء، صغيرهم وكبيرهم ووزيرهم ورئيسهم، وأصبح السلاح بيد الدولة ومؤسساتها فقط. حتى في المناسبات والافراح، فإنك لا تسمع طلقة في أي مدينة أو قرية، حتى أطراف الصحراء.
وأتذكر أنني بعدد أن أصبحت رئيساً للبلد، حضرت مهرجاناً جماهيرياً في غيل بن يمين بمحافظة حضرموت عام 1982، فإذا بأحد المواطنين يصيح : "مظلوم.. مظلوم يا رئيس"، وكان صوته يعلو فوق صوت الميكروفون، وطلب منه البعض أن يصمت حتى ينتهي المهرجان، وقد طلبته للمثول أمامي في منزل صالح بن حسينون لأعرف الظلم الذي حل به، فدخل وصاح: "مظلوم يا رئيس، أريد العدالة منكم"، طلبت منه الجلوس، فجلس وهو يردد:
"مظلوم".
وسأل: هل ستنصفني؟
أجبته:إذاكنت على حق.
قال: مظلوم.
علّق بن حسينون بطريقته الساخرة (لبوك الراعة يا عبيد الغلال)، وكان هذا اسمه، تكلم هل أخذوا عليك مالك؟
قال: ما عندي مال، عندي عيال، واليوم يوم فرحهم وعرسهم، وطلبت من الحكومة أن يسمحوا لنا بإطلاق النار في الفرح ورفضوا، وأنا أطلب خمس طلقات ورشاش من شان نطلق النار في فرح أولادي!
قلت له: هذا الظلم الذي حل بك؟ قال: نعم.
قلت له: طالما أنك تحترم النظام والقانون الخاص بتنظيم السلاح وحمله، فأنا أهديك وأهدي أولادك 50 طلقة مشاركة منا في الفرح، وطلبت من قائد الحرس تسليمه رشاش مع الذخائر لاستخدامه في العرس وإعادته للشرطة بعد الفرح.
فرح وقام وهو يصيح : "عاشت العدالة عاش الرئيس".
قدرت موقف هذا الشخص وغيره الذين يحترمون الدولة وهم موجودون على بعد 800 كيلومتر من العاصمة عدن التي لم تشهد أو تسمع فيها طلقة واحدة من المواطنين منذ قيام الدولة، ما عدا طلقات الرفاق، بعضهم على بعض، مع الأسف، أثناء مراحل مختلفة من الصراع السياسي في الجنوب ، وهذا
ليس شأننا وحدنا في عدن، ولكن شمال اليمن وبعض الدول العربية مرت بمثل هذه الصراعات.
في ختام هذه الرسالة أرجو أن تنقل تحياتنا للدكتور أنور الصوفي وكذلك للكاتب أحمد السيد عيدروس.
علي ناصر محمد
.