مواطنون في عدن يشترون الصحف لمساعدة "يسرى"؟!
انباء عدن الجمعة 25 ديسمبر 2020 07:53 صباحاً

كتب/ وائل القباطي:
مبكرًا تصل يسرى عبده (38 عامًا) برفقة طفلتيها إلى جولة كالتكس في مديرية المنصورة بمحافظة عدن، جنوبي اليمن. تفرش عند السابعة صباحًا صحفها على الرصيف لبيعها للمارة وسائقي المركبات الذين واظبوا على الشراء منها لسنوات طويلة. بسبب استمرار النزاع في البلد, توقفت معظم الصحف عن الإصدار الورقي, كما تراجع الإقبال عن الصحف التي ما زالت تصدر, ولهذا تخشى يسرى من فقدان مصدر الدخل الوحيد لأسرتها، فتتشبث به على الرغم من تلاشي مردوده يومًا بعد آخر.
“صحف عالمية كتبت عني”
لربما كانت هذه المرأة المكافحة من أوائل النساء اللائي اضطرتهن الظروف الاقتصادية للتجوال وبيع الصحف. بدأت العمل منذ 2008, حيث لم تعد هذه المهنة من حينها مقتصرة على الرجال. توضح “صحف عالمية كتبت عني، وكثير من الزبائن يشترون الصحف كمساعدة لي ولأطفالي؛ لأنني محتاجة”.
الحالة المعيشية الصعبة دفعت يسرى للخروج إلى الشارع لتوفير ما يسد رمقها وأسرتها المكونة من 4 فتيات وولد واحد، وإيجار المنزل الصغير الذي تقطنه (غرفة وحمام ومطبخ)، في منطقة البساتين الشعبية شمالي المحافظة الجنوبية.
ليس أكثر من وجبتين
تؤكد المرأة الأربعينية وهي تقلب يديها أن مردود بيع الصحف لا يوفر لأسرتها أكثر من وجبتين في اليوم ومصروف دراسة الأطفال الذين تتحمل وحدها مسؤولية الانفاق عليهم بعد انفصالها عن زوجها وانقطاعه بالتالي عن دفع أي مصاريف.
تشير يسرى إلى أن كمية النسخ المباعة من الصحف مرتبطة بحسب الأخبار “إذا كانت هناك أخبار مهمة نبيع أكثر”، مضيفة بملامح حزينة “زاد الطين بلة ارتفاع أسعار الصحف من 100 ريال إلى 200, فلما نبيع النسخة بمكسب 50 ريال إضافي, يتساءل المشتري ’من أين آتي بهذه الـ50؟‘”, فتضطر مرات كثيرة إلى البيع بسعر النسخة المقرر من الصحيفة “200 ريال” بسبب انعدام الفئات الأصغر للعملة اليمنية التي أصبحت أقل فئة موجودة منها هي الـ100 المطبوعة مؤخرًا والتي مع ذلك بدأت تشكل تراجعًا هي الأخرى بعد أن اقترب سعر الدولار من حاجز الـ900 ريال.
غياب المساعدات أيضًا
لغياب أي مساعد لها, تضطر لاصطحاب طفلتيها معها حين تذهب ابنتها الكبرى إلى المدرسة. صعب عليها العثور على عمل إضافي إلى جانب بيع الجرائد “من سيشغلني؟ هؤلاء الأطفال, أين أذهب بهم؟”, تتساءل.
تبدو يسرى مثقلة بمسؤولية كبيرة تستعصي على كثير من الرجال، وهي إعالة أسرة في ظل أوضاع اقتصادية ألقت بظلالها حتى على الموظفين وأصحاب الدخول الثابتة، ومع ذلك لا تُشمل بأي إعانات، حسبما أوضحت “كثير من الناس يجدون مساعدات، بخصوص حالتي فهذا دخلي الوحيد، أكثر من مرة يعدونني لكنني لم أحصل منهم على شيء”.
حلم تلاشى
لم يعد القادم يشغل تفكير يسرى. تضع رأسها على يدها “ابنتي الآن ستكمل الثانوية وتتأهب للجامعة. تحتاج مصاريف لكن ربنا كريم”. تتذكر حلمها في بداية مشوارها بتأسيس مكتبة خاصة أو كشك لبيع الصحف والمجلات، قبل أن يتلاشى الحلم مع سنوات الحرب وزيادة احتياجات أسرتها وتراجع مدخول بيع الصحف.
مع الساعة الـ 9 صباحًا تسارع يسرى لمغادرة موقعها في جولة كالتكس مصطحبة بقية الصحف التي لا تبيعها في أحيان كثيرة بسبب عدم وجود ما تستظل به وأطفالها، فبالرغم من استعدادها للبقاء حتى الظهيرة، لكنها تخشى على طفلتيها اللتين لا تقيهما القبعات حرارة الشمس.
تأثير الحرب على النساء
بحسب تقارير حديثة, فإن الحرب التي تشهدها اليمن منذ العام ٢٠١٥ والتي أدت إلى الركود الاقتصادي, قلصت فرص العمل بنسبة كبيرة، كما أثرت على النساء العاملات أكثر من الرجال، حيث انخفضت عمالة الذكور بنسبة 11%، بينما انخفضت عمالة الإناث بنسبة 28%.
ووفقًا لاستطلاع أجرته منظمة العمل الدولية, شاركت 6% فقط من النساء في القوى العاملة، بينما كانت 7% فقط من الوظائف تشغلها النساء عام 2013، وتم ربط مستويات التعليم العالي بزيادة مشاركة النساء ضمن القوى العاملة، حيث كانت نسبة 62.1% من النساء الحاصلات على تعليم جامعي يشكلن جزءًا من العمالة في اليمن، مقارنة بـ 4.5% فقط من الحاصلات على تعليم ابتدائي أو أقل.
وبينت إحصاءات المنظمة الدولية الصادرة عام 2019, أن من بين 293 ألف امرأة تم توظيفهن قبل اندلاع الصراع، كان حوالي النصف منهن يعملن في الزراعة، إما كمنتِجات ألبان وتربية حيوانية أو كمزارعات، بينما كان ثلثهن يعملن في قطاع الخدمات، وشكلت العاملات في شركات مملوكة للعائلة نسبة الثلث مقارنة مع أقل من العُشر من الرجال.
صوت انسان
.