من نحن | اتصل بنا | الأحد 21 سبتمبر 2025 09:53 صباحاً

الأخبار

ما الذي كان يفعله هارون الرشيد عندما يشتاق لجارية بعيدة؟

أنباء عدن محمد المياحي الأحد 06 ديسمبر 2020 12:39 مساءً
محمد المياحي
هل كان هارون الرشيد، يملك القدرة على تصفح العالم مثلي، هل كان بمقدوره أن يشرب عصيرًا باردًا في الظهيرة، هل امتلك رفاهية الحديث مع أي صديق في أي وقت يريد، يفتح نقاش مع الغرباء، الإطلاع على أفكار جديدة كل يوم واستكشاف عوالم مختلفة أو التغزل بجميلة في أقصى الكوكب، هل امتلك صديقات جميلات مثلنا، يتأملهن هنا يحادثهن متى أراد يتبادل معهن الفكرة والنكتة وينشرن البهجة في حياته.
ما الذي كان يفعله حين يشتاق لجارية ما بعيدة، هل كان بوسعه مثلًا بعث رسالة لها بعد الساعة الثالثة فجرًا وترد عليه حالًا..ألم يكن الزمن لديه بطئيًا وخانقًا وفقيرا وما نستطيع نحن فعله في دقائق يحتاج هو شهور؛ كي ينجزه..؟ من هو الجدير بالسعادة إذًا، نحن أم هو..؟
إن أكثرنا تعاسة في هذا العصر يملك إمكانية للسعادة متجاوزة بملايين المرات لأثرياء الزمن المنصرم. في أشد لحظات بؤسي، إحساسي بالاختناق، أقول أحيانًا: إنني أملك إمكانية حياة لم يعشها حتى ملوك الزمن القديم، حتى وأنا أفكر بمصروف الغد، أظل أستشعر تفوقي الباطني عليهم، إن بحوزتي عوامل سعادة ما كانت متوفرة لأكبر أباطرة القرون الماضية..وإن التحدي أمامي هو كيفية تجديد إحساسي بما أملك؛ كي تستعيد الأشياء قيمتها وتمنحنى شعورًا بالسكينة.
لكن لماذا يبدو الكائن البشري في هذا الزمان، أكثر اضطرابًا أقل بداهة وأضعف ذاكرة..لماذا لم نعد نشعر بالسعادة، لم نعد نستشعر قيمة الأشياء المتوفرة معنا، نحن كائنات غريبة، ملولة، سرعان ما تفقد الأشياء قيمتها لدينا، وتعجز عن بث البهجة فينا، حتى تلك التي كنا نطمح لها ما إن نصل إليها يتلاشى أثرها داخلنا بالتدريج ثم بفترة قصيرة، نشعر أنها صارت باهتة ولم تعد قادرة على تحريكنا.
لقد فقدنا الاتصال بمنابع البهجة الخالدة في حياتنا، وصرنا مستعبدين بأشياء خارجة عنا، فقدنا قدرتنا على رعاية عالمنا الداخلي بعناية وتوجيهه نحو عناصر الثراء الحقيقي، نحو الأدب والفن والفكرة والمعنى. لقد أسهمت الحياة السوقية في تخريب قوة الروح وسحبها بعيدا عما يغذي صلابتها، صارت مشاعرنا سائلة وسريعة التقلب، وصار الإنسان الحديث أكثر هشاشة، أكثر فقرًا وقلقًا وأقل إحساسًا بالامتلاء.
من المؤكد أن ثمة حلقة مفقودة في هذه الحكاية، وأن نظام الحداثة قاصر عن رعاية كينونة الإنسان، أغرق حياته بالأشياء، وخلق بداخله حاجة قسرية ودائمة للإستهلاك، منحه إحساس وهمي بالقوة وجرده من حرية الاكتفاء.
أظننا بحاجة لتنشيط إحساسنا بقيمة الأشياء التي نملكها، يمكننا إعادة التحديق في أعماقنا، لجم حالة اللهاث المسيطرة على حياتنا؛ كي نجدد استشعارنا تجاه ما نملك، بهكذا نظرة، يستطيع المرء الحفاظ على عوامل سعادة ثابتة ونشطة في حياته، هذه ليست دعوة للزهد؛ لكنها محاولة لتهدئة الروح وتحريرها من مجاعتها الذاتية.
ما لم ستظل غواية الحياة الحديثة تستنزفنا، ستكبر المسافة بيننا وبين أعماقنا وكلما جذبتنا الأشياء خارجنا سيتضخم خواءنا، وسوف نواصل اللهاث طمعًا بالمزيد وكلما وصلنا ستولد الرغبة نحو غواية أخرى، ويزداد جوعنا، ثم نستمر في حركة دائرية مفرغة وتتوالد فيك رغبات جديدة ولن تهدأ حتى تسترخي على عتبات المقبرة.
 

.

 
المزيد في الأخبار
بقلم: جهاد عوض تبذل الحكومة عبر السلطات المحلية في المديريات والمؤسسات المركزية جهودًا كبيرة في تسخير الإمكانيات المادية لبناء البنية التحتية للمناطق، من حيث
المزيد ...
  شهدت محافظة تعز إنجازًا جديدًا بعد الانتهاء من أعمال تأهيل وصيانة طريق موزع – المخا – الكدحة، على يد شركة أولاد اللجامي للمقاولات العامة، التي أثبتت
المزيد ...
    واصلت جامعة الجند للعلوم والتكنولوجيا تنظيم احتفالات تخرج الدفعة الرابعة حيث كان احتفالها ، اليوم، في كلية الهندسة وتقنية المعلومات، في قسمي: تقنية
المزيد ...
     جرى اليوم الاحد توزيع عدد من الحقائب المدرسية المتكاملة على الطلاب في عدد من مدارس مديرية دار سعد بالعاصمة عدن.     وجاءت هذه المبادرة الإنسانية
المزيد ...
 
 
أختيار المحرر
بودابست - انطباعات زائر الحلقه الاولى
بانوراما الأداء الجنسي للرجال.. أسباب تراجعه وكيفية الحفاظ عليه
أحمد سويد ينحت معالم المكلا ليصبح هو من معالمها!
من التهام الطعام بسرعة إلى الإضافات الضارّة بالقهوة.. خبراء: 6 عادات صباحية تمنع إذابة دهون البطن
آخر الأخبار
الأكثر قراءة
مقالات
    تلقى الرأي العام خبر استقالة رئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، سالم ثابت
   تسلّل إلى ذاكرتي وأنا أعود من سفر طويل، ذاك البيت من أغنية فيروز الشهيرة "سهار بعد سهار"،تقول
  لم أكن متفاجئًا بما يُنشر حول نشاط الأستاذة الدكتورة عميده شعلان عندها حيوية ولديها اهتمام بالغ بدراسة
    قرأتُ في فيسبوك ما يمكن اعتباره محاولة  لتقديم المعبقي في صورة "حامي الحمى" المكافح حفاظًا على
    في خطبة الجمعة الماضي، أطلق الشيخ حداد باطبي عبارة مؤثرة لاقت تفاعلاً واسعاً: "العملة قد تهبط ثم ترتفع
اتبعنا على فيسبوك
جميع الحقوق محفوظة لـ [أنباء عدن-إخباري مستقل] © 2011 - 2025