الحريات والمعاناة والإرهاب.. أهم قضايا مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير

شهدت الدورة السادسة لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير التي أقيمت نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي تجارب سينمائية شابة في أسبوع حافل بأفلام متنوعة القضايا من مختلف بلدان العالم العربي، حيث كان البعد الإنساني وقضايا اللجوء والإرهاب وحقوق المرأة وتغيير الهوية الجنسية من أكثر المواضيع التي عرضت في أفلام هذا العام.

ونالت الأفلام التي حملت بعدا إنسانيا اهتمام لجان التحكيم، فحصد الفيلم الليبي "السجين والسجان" للمخرج مهند الأمين جائزة "هيباتيا الذهبية" ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، ويحكي الفيلم عن أكثر الأحداث تأثيرا في التاريخ الليبي وهي مذبحة "سجن بو سليم" من خلال شخصين متناقضين في ليبيا، الأول مسؤول رئيسي في النظام السابق، والثاني من الشخصيات البارزة بعد الثورة، ومن خلال الأحداث نكتشف الظروف المحيطة بالمذبحة.

أما جائزة أفضل فيلم وثائقي في المهرجان فذهبت لفيلم "جدي الشقي" للمخرجة منة محمود البزاوي حفيدة الكاتب الساخر محمود السعدني، حيث وثقت منة في فيلمها تجربة جدها حول ما تعرض له جراء انتقاده حكم الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات.

وكشفت منة في فيلمها تفاصيل تجربة إنسانية وسياسية عاشها جدها، وما تعرض له من أزمات اضطرته للسفر خارج مصر مع أسرته، كما عرض الفيلم تفاصيل لأول مرة حول السعدني، مما أثار حالة من الجدل عقب عرض الفيلم للمرة الأولى في مصر.

وكانت الجائزة الفضية كأفضل فيلم وثائقي من نصيب السعودي "بيانيست" للمخرج حسن مالدوخ، والذي يوثق رحلة عازف البيانو والفنان السعودي الراحل علي البوري.

الأفلام الأكثر جدلا
وبمتابعة عروض وأفلام المهرجان سيطرت قضية الإرهاب والحروب واللاجئين على أغلب الأعمال التي عرضت طوال فترة الفعاليات، ومنها فيلم "سأخبر الله كل شيء" للمخرج بن عبد الله محمد، حيث نشاهد "الإرهابي" الذي يحاول الانقضاض على أحد الجنود مستغلا انشغاله بالصلاة، قبل أن يجد مسدسه فارغا، في حين يمسك الجندي برصاصة واحدة في يده مع صوت الأذان.

لم ينتصر الفيلم لأي منهما، بل قرر ترك النهاية مفتوحة، حيث يعيش كل منهما صراعا داخليا وهو يحاول قتل الآخر إنقاذا لنفسه.

وفي فيلم "ليلة خمس نجوم" للمخرج زكري أشرف يقرر أمير (الشاب الثلاثيني) أن يقضي ما تبقى من حياته وساعاته القليلة في الحياة داخل أحد الفنادق ليبتعد عن أي شخص قد يثنيه عن مهمته الانتحارية، قبل أن يسجل فيديو خاصا يوضح فيه ما سيقوم به خلال ساعات.

وبين انتظار الموت وشغف الحياة والحب يجد نفسه متورطا بالشك بعد أن يصادف فتاة شابة صغيرة تطرق غرفته، ليجد نفسه داخل حلم الحياة ورقصتها الشهية، قبل أن يصدمه الواقع بالمتفجرات التي يضعها على جسده لإنجاز مهمته بعد قليل.

وفي الفيلم المصري "برزخ" للمخرج حسين حسام يسرد تجربة شاب مصري يتقدم بأوراقه إلى سفارة دولة أجنبية حالما بالهرب من الحياة الصعبة التي يعيشها، وبعد استجواب حاد من الموظفين في السفارة نكتشف أنه عالق في برزخ بين الحياة والموت وطالبا العبور للعالم الآخر.

أما الحرب الأهلية في لبنان وويلاتها فنجد في فيلم "سلسلة اختفاءات وعلاقات غير مريحة" تجربة مريرة عاشها البطل العائد من الخارج لاستلام جثمان والده الذي تم اختطافه أثناء الحرب، وعندما يصل تختفي الجثة مرة أخرى.

ومن العراق يقدم فيلم "عودة الروح" للمخرج مهند الطيب قصة فتاة تنقذ جنديا من الموت وسط فوضى وحرب دمرت كل شيء في مدينة الموصل شمالي العراق، وفي نهاية الفيلم نكتشف أن روح الفتاة هي التي أنقذته، في إشارة إلى أن أرواح الشهداء هي من حققت النصر.

المرأة وتغيير الهوية الجنسية
استحوذت قضايا المرأة أيضا على مجموعة من الأفلام المعروضة في المهرجان، ويعتبر أكثر هذه الأعمال جرأة هو فيلم "عبور" البحريني كونه يدافع عن امرأة متحولة جنسيا، وكيف يتم التعامل معها بعد تغيير جنسها واسمها في الهوية الخاصة بها، فالمخرج سلمان يوف يرصد حالة سارة التي تحتجز في مركز الشرطة بسبب حادث مروري فتتعرض للكثير من التعقيدات كونها في الأوراق الرسمية تدعى "أحمد"، قبل أن تغير هويتها.

وفي الفيلم الإماراتي "مريم" سلط المخرج محمد أحمد الحمادي الضوء على معاناة الفتيات وصراعهن الدائم بين ضغوط المجتمع والمطالبات بالزواج وطموحهن لاتخاذ اتجاه وهدف مختلف في الحياة، واختار الحمادي أن تكون الحرية نهاية لطموح فتاة تسعى للسفر وتعلم التمثيل والإخراج والمسرح بدلا من أن تتزوج بالإكراه.