جميع مضاعفات مرض السكري
السبت 25 يناير 2020 06:20 مساءً
يُعرف السكري كأحد الأمراض المزمنة الشائعة، ويزداد شيوعها على مدى السنوات الأخيرة بشكل متواصل. بحسب تقييمات منظمة الصحة العالمية (WHO) حول العالم، فقد ارتفع بشكل كبير عدد المصابين بالسكري من 108 مليون في العام 1980 إلى 422 مليون في العام 2014، ووصلت نسبة البالغين المُصابين بالسكري الذين يزيد عمرهم عن 18 سنة حوالي 4.7% من البالغين في العام 1980، وقد تضاعف هذا الرقم تقريبًا على مدار 34 سنة ليصل في العام 2014 إلى 8.5% من البالغين. في الأدب الطبي، من المتوقع ارتفاع نسب المرض والموت من السكري بعشرات النسب المئوية في السنوات القريبة.
إن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها مرضى السكري هي مضاعفات المرض التي قد تؤدي إلى إعاقات صعبة وأمراض مُصاحبة بالإضافة إلى عوامل خطر تُسبب الموت. السكري هو سبب الموت السادس بنسبة شيوعه في العالم اليوم بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية.
مضاعفات السكري المحتملة
المتلازمة الأيضية
مرضى السرطان متواجدون في خطر متزايد للتشخيص بالمتلازمة الأيضية، وهي مجموعة من الحالات الصحية التي تزيد خطر الموت - تشمل هذه الحالات السمنة البطنية، فرط ضغط الدم، فرط الدهون في الدم (تريغليسيريدات)، كولسترول جيد (HDL) منخفض ومستويات مرتفعة من سكر الدم في حالة الصوم. يرتكز تشخيص المتلازمة الأيضية على وجود ثلاثة من بين خمسة عوامل.
هذه المتلازمة وحدها تزيد خطر الأمراض القلبية والأوعية الدموية بمرتين وخطر السكري من النوع 2 بخمس مرات.
يتم تشخيص حوالي 85% من الأشخاص المصابين بالسكري من النوع 2 بالمتلازمة الأيضية، بحسب بيانات المعهد الوطني للقلب، الرئة والدم في الولايات المتحدة الأميركية (NHLBI).
ما العمل؟ يتم تحديد العلاج الرئيسي بالمتلازمة بحسب توصيات لتغييرات في أسلوب الحياة: تحسين التغذية، زيادة النشاط الجسدي وإيقاف التدخين، وإذا كانت المقاييس غير متغيرة - ملاءمة الأدوية من أجل توازن عوامل الخطر، بشكل يمكنه تخفيف خطر المضاعفات التي من الممكن أن تكون بالغة لدى المصابين بالسكري الذين يعانون من المتلازمة.
العمى
ينبع الخطر الرئيسي لتضرر الرؤية لدى مرضى السرطان بتضرر الأوعية الدموية الصغيرة في شبكة العين، وهي حالة طبية تُدعى "اعتلال الشبكية السكري".
بحسب مقالة نُشرت في آذار/مارس 2012 في مجلة Diabetes Care تلخّص 35 دراسة في هذا المجال، تشير إلى أن حوالي 93 مليون شخص يعيش في هذا العالم وهم مصابون بشكل من أشكال اعتلال الشبكية السكري، منهم 17 مليون يعانون من اعتلال الشبكية السكري التكاثري (Proliferative Retinopathy) ومن خصائصه الرئيسية مضاعفات في المراحل الأولية، 21 مليون يعانون من الوذمة البقعية السكرية (Diabetic Macular Edema) و28 مليونًا يعانون من الشبكية السكرية الحادة وخطر الإصابة العمى.
ما العمل؟ فحص العيون الموسمي للكشف عن اعتلال الشبكية السكري هو مهم لمرضى السكري، لأن العلاج لدى الذين يعانون من اعتلال الشبكية ناجع في منع تفاقم النظر والعمى، وتزيد نجاعته كلما كان اعتلال الشبكية في مرحلة أكثر تقدمًا.
يطلب اتحاد أطباء العينين الأميركي (AAO) من الأشخاص المصابين بالسكري من النوع 1 بالخضوع لفحص عيون مرة في السنة ابتداءً من خمس سنوات ما بعد انتشار المرض، أما الاشخاص المصابين بالسكري من النوع 2، فينصحهم بالخضوع للفحص فور تشخيص المرض والخضوع لفحص العيون مرة كل سنة بعد ذلك - من أجل الكشف المبكر عن اعتلال الشبكية السكري. كما أن خدمات الصحة الحكومية في بريطانيا (NHS) تنصح مرضى السكري بالخضوع لفحص عيون سنوي. أما التوصية في اسرائيل فهي خضوع كل مريض سكري لفحص عيون موسمي مرة كل سنتين، والخضوع للفحص مرة في السنة للمرضى الذين تم تشخيصهم منذ أكثر من عشر سنوات. تنصح منظمات أخرى حول العالم بالخضوع لفحص اعتلال الشبكية السكري المنتظم ابتداءً من 3 حتى 5 سنوات بعد تشخيص السكري.
اعتلال عصبي سكري
إن تضرر الأعصاب هو من المضاعفات الإضافية لدى المرضى المصابين بالسكري، ويُدعى باللغة الطبية "اعتلال عصبي سكري"، ويظهر على شكل ألم حارق ناتج عن العصب، وخز، نعاس، ضعف، تأخير في الارتكاسات وفقدان الحركة في الأطراف.
أشارت أبحاث حول العالم تم تلخيصها في مقال نُشر حول هذا الموضوع في نيسان-أبريل 2016 في مجلة F1000 Research بأنها تقيّم نسبة الذين يعانون من هذه الظاهرة بأنهم حوالي 50% من مرضى السكري من أي مرحلة من مراحل حياتهم. نحن نتحدث هنا إذن عن مضاعفات السكري الأكثر شيوعًا. الاعتلال العصبي السكري هو العامل الذي يؤدي إلى الإعاقة نتيجة بتر الأطراف.
ما العمل؟ تقضي التوصية الطبية بإجراء فحوص تشخيص للاعتلال العصبي مع تشخيص السكري من النوع 2 وبعد خمس سنوات من تشخيص السكري من النوع 1. فحص التشخيص يشمل فحصًا جسديًا، منه فحص عصبي لمجرى الأعصاب (ألكتروميوغرافيا) في خمس أعصاب، بالإضافة إلى أسئلة وأحيانًا دمج فحص طرق بالشوكة الرنانة وفحص غدد العرق.
إن علاج حالة الاعتلال العصبي السكري يشمل توازن السكري وعوامل الخطر المرافقة الأخرى، تقليص الضرر العصبي ومعالجة الألم المُصاحب للاعتلال العصبي السكري، الألم الحاد والحارق، وقد ثبت أن العلاجات الناجعة ضده تشمل أيضًا مسكنات آلام قوية من نوع الأفيونات، أدوية مضادة للاكتئاب وأدوية مضادة للصرع.
بتر الأطراف
إن بتر الأطراف هو أحد المضاعفات الأكثر حدة للسكري، ويؤدي إلى إعاقة وظيفية حادة دائمة. يحدث بتر الأطراف لدى مرضى السكري في معظم الأحيان نتيجة "نعل القدم السكري" - وهي حالة تتطوّر فيها في نعال القدمين لدى مرضى السكري جروح لا تشفى نتيجة مرض في الأوعية الدموية المحيطية، وقد تؤدي إلى تطور الغرغرينا التي تستوجب البتر.
إن بتر الأطراف لا يؤذي مريض السكري نفسيًا فقط، بل جسديًا أيضًا: لدى حوالي 18% من الحالات، تتطوّر عدوى موضعية بعد البتر أو لا يشفى الجلد الجراحي ويعاني 30% من الذين تعرّضوا للبتر إلى قصور قلبي، جلطة دماغية أو مرض قلبي قاتل. كما أن حوالي عُشر أولئك الذين يتعرّضون للبتر يحتاجون إلى بتر إضافي في نفس الطرف بعد حوالي سنة.
يطوّر حوالي 40% من مرضى السكري أمراضًا في الأوعية الدموية بعد حوالي عشرون عامًا من المرض وحوالي 4% حتى 10% من مرضى السكري يعانون من جروح صعبة الشفاء في كعب القدم.
بحسب بيانات منظمة الدول المتطورة OECD) التي قدمت تقاريرها في دراسة نُشرت في تموز/يوليو 2016 في مجلة Acta Diabetologia، حتى سنة 2016، لا زال بتر الأطراف نتيجة السكري يُنفّذ في عدد كبير من الدول الغربية، منها اسرائيل (19.5 بتر ساقين لكل مئة ألف مواطن)، ألمانيا (18.4)، الولايات المتحدة (17.1)، بولندا (13.9)، هولندا (13.5)، فرنسا (7.1)، بريطانيا (5.1) وفي أسفل القائمة السويد (3.3) ولوكسمبورغ (2.8 لمئة ألف).
ما العمل؟ إن التأخر في تشخيص نعل القدم السكري هو أحد الأسباب الرئيسية للبتر لدى مرضى السكري، لأن الكثير من المرضى لا ينتبهون إلى وجود الجرح أو التقرحات أو الفطريات الحادة بين الاصابع لفترة طويلة من الزمن ولذلك لا يتوجهون للحصول على العلاج الذي يمنع البتر. لذلك، تنصح اليوم جمعيات السكري في الولايات المتحدة الأميركية وفي أوروبا بإجراء فحص نعال القدمين لدى مرضى السكري من قبل الطبيب المُعالج أو الممرضة الرئيسية مرة في السنة على الأقل، وفي حالة وجود ضرر ملموس في نعال القدمين- مرة كل ستة أشهر. إن هدف هذه الفحوص هو الكشف عن عوامل خطر في نعل القدم، يشمل الوذمات والجروح الصغيرة.
من جهة أخرى، يجب على مرضى السكري الحفاظ على نظافة كعوب القدمين، من خلال غسل وتنظيف وتجفيف كعب القدم بشكل جيد، الاغتسال بماء بدرجة حرارة حتى 37 درجة، الامتناع عن مشي حُفاة القدمين حتى في البيت، التزييت اليومي للجلد، قص الأظافر بخط مستقيم، والتوجه فورًا إلى الطبيب في كل حالة ضرر لكعب القدم. لذلك يُنصح بملاءمة ضبانات وأحذية كبيرة لمرضى السكري من أجل تجنب الضغط على كعب القدم ممايساهم في ظهور جروح الضغط.
من المعروف اليوم أن التقرّح المزمن في كعب القدم ليس سببًا لبتر الأطراف، وتوجد علاجات ناجعة لمنع تكوّن الغرغرينا، رغم أن بعضها غالي الثمن. تشمل العلاجات الروتينية علاج موضعي للجرح ومنع الضغط على الجرح. من بين أكثر العلاجات ارتفاعًا للثمن والتي أثبتت نجاعتها: علاج خلايا الضغط وأيضًا علاج مكثّف للجرح يشمل استخدام فيتامينات متنوعة وضغط سلبي (فاكوم) حتى قسطرة أقدام مرضى السكري الذين يعانون من نعل القدم السكري، مع فتح الانسدادات في الأوعية الدموية وتجديد تزويد الدم.
مضاعفات في الكلى وغسيل كلى
أحد المضاعفات الرئيسية للسكري هو تضرر وظائف الكلى ويُدعى "اعتلال الكلية السكري" (Diabetic Nephropathy)، وقد تتفاقم هذه الحالة إلى قصور كلى يتطلب علاج غسيل كلى وزرع كلى.
بشكل عام، يتطوّر اعتلال الكلية لدى 20% حتى 40% من مرضى السكري على مدار سنوات، وتظهر المرحلة الأولى على شكل إفرازات متزايدة لبروتين الألبومين في البول.
بيانات تسجيل أمراض الكلى في الولايات المتحدة الأميركية (USRDS) للعام 2009 تشير إلى أن السكري كان السبب لمضاعفات الكلى لدى 43.7% من متعالجي غسيل الكلى، في اسرائيل 43.1% من متعالجي غسيل الكلى يعانون من السكري، في ماليزيا 59.9%، في المكسيك 58%، في تايلند 47.7%، في أستراليا 32.6%، في بريطانيا 25.6%، في السويد 25%، في فرنسا 22%، في بولندا 20.6%، في روسيا 16.8% وفي رومانيا (13.1%).
تُسجّل الدول الغربية نسبًا أقل لكنها أيضًا مرتفعة. بحسب مقالة نُشرت في بداية 2017 في مجلة International Journal of Health Sciences، سجلت المملكة العربية السعودية تشخيص 10.8% من المصابين بالسكري ذوي اعتلال الكلية السكري، وسجلت البحرين 22% من المصابين بالسكري المُشخصين بميكروألبومينوريا - وهي حالة علامة مسبقة لاعتلال الكلية، وسجلت تونس 23% من المصابين بالسكري المُشخصين بميكروألبومينوريا، وفي السودان 44% من المصابين بالسكري مُشخّصين بهذه الحالة.
ما العمل؟ من الضروري إجراء فحص البول الذي يتابع مستويات بروتين الألبومين في البول كعلامة مسبقة للضرر الكلوي لدى مرضى السكري. تدعو الإرشادات الدولية، منها إرشادات جمعية السكري الأميركية (ADA)، إلى إجراء الفحص على عينة البول الأولى في الصباح وإرساله إلى المختبر مرة في السنة على الأقل، لأن فحص مستويات الألبومين في فحص جمع البول لمدة 24 ساعة قد لا يكون دقيقًا بسبب الصعوبة في جمع البول والأخطاء في الأوقات. إن إفراز ما يزيد عن 300 ملغ من الألبومين في اليوم يُدعى 'بروتاينوريا'، وهو العامل الذي يتوقع تقدّم المرض الكلوي وتطوّر القصور الكلوي ولذلك يزيد خطر الأمراض القلبية والأوعية الدموية بشكل مستقل.
يسمح إجراء الفحص بتقديم علاج دوائي لمنع تفاقم الضرر الكلوي من خلال أدوية من نوع ARB (تُعيق مستقبِل أنجيوتنسين) وأيضًا أدوية تُعيق الأنزيم ACE– وهما مجموعتان من الأدوية التي تُستخدم أيضًا لعلاج فرط ضغط الدم.
أمراض القلب والأوعية الدموية
يزيد السكري بشكل كبير خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، يشمل النوبات القلبية والجلطات الدماغية، وبعض أدوية السكري هي أيضًا أدوية لمنع الجلطات القلبية.
بحسب موقف منظمة الصحة العالمية (WHO)، يشكّل السكري أحد عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى فرط ضغط الدم والمستويات المرتفعة من الدهون في الدم (هيبرليبيدميا).
ما العمل؟ تنصح الجمعية الأميركية للسكري (ADA) في ورقة موقفها بتاريخ كانون الثاني/يناير 2017 بإجراء عدة خطوات لمراقبة وتخفيف خطر الأمراض القلبية والأوعية الدموية لدى المصابين بالسكري، منها:
إجراء قياسات لضغط الدم بشكل ثابت في كل فحص في العيادة، وعند تشخيص شذوذ - يجب إجراء فحص إضافي في يوم آخر لتأكيد النتيجة.
يجب على معظم المُصابين بالسكري والمُشخّصين بفرط ضغط الدم الحصول على علاج لتخفيف ضغط الدم الانقباضي إلى مستوى حتى 140 ملم زئبق وضغط الدم الانبساطي حتى مستوى 90 ملم زئبق.
حتى يُنصح الأشخاص ذوي الخطر المرتفع للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بمحاولة الحفاظ على قيم ضغط دم أقل من 130/80 ملم زئبق.
تُنصح النساء الحوامل المُصابات بالسكري وفرط ضغط الدم بالحفاظ على قيم ضغط دم من 160/80-120-105 ملم زئبق.
السمنة ومضاعفات في الجهاز الهضمي
يرتبط السكري ارتباطًا مباشرأ ومعروفًا بالسمنة: السمنة هي عامل الخطر الأكثر أهمية في تطوّر السكري. والعلاقة معكوسة أيضًا: يزيد السكري من خطر السمنة، وأحد أسباب السمنة لدى من تم تشخيصه كمريض سكري هو العلاج بالأنسولين.
بحسب تقييمات الجمعية الأميركية لدراسة السمنة، يعاني حتى 90% من مرضى السكري من فرط الوزن أو السمنة الزائدة. يعاني الرجال المُصابون بالسمنة الزائدة من خطر أكبر بـ6.7 مرات من الإصابة بالسكري، ولدى النساء، تزيد السمنة المفرطة خطر الإصابة بالسكري بـ12.4 مرات.
قد يؤدي السكري أيضًا إلى مضاعفات في الجهاز الهضمي، يشمل في وظائف المعدة، وهي ظاهرة طبية تُعرف باسم "غستروبرزيس" (شلل المعدة)، وتظهر على شكل تباطؤ إفراغ المعدة إلى الأمعاء.
ما العمل؟ يُنصح مرضى السكري اليوم بمحاولة منع تطوّر السمنة من خلال ملاءمة التغذية. إن ورقة موقف جمعية السكري الأميركية التي نُشرت في تشرين الأول/أكتوبر 2013 في مجلة Diabetes care شددت على عادات الطعام أكثر من اتباع حمية معينة، وحددت عدم وجود توصية مؤكدة للمصابين بالسكري باتباع حمية معينة، مثلاً حمية قليلة الدسم أو حمية قليلة الكربوهيدرات.
مقارنة بهذا، يشدد المستند على الحاجة إلى عادات غذائية لمنع تفاقم السكري، يشمل الالتزام العام بالاطعمة الصحية؛ استشارة غذائية شخصية؛ تحديد وزن الهدف والحفاظ على تغذية لا تؤدي إلى الانحراف عن وزن الهدف؛ والتشديد على مستويات الكولسترول السيء (LDL) في الدم أقل من 100 وحدة ومستوى الكولسترول الجيد (HDL) أعلى من 40 وحدة لدى الرجال و50 وحدة لدى النساء. وأيضًا بهدف منع نوبات الهيبوغليكيما (انخفاض السكر) التي قد تظهر لدى الأشخاص المصابين بالسكري، تنصح الإرشادات بتناول مكوّن كربوهيدرات في كل وجبة مع تحقيق التوازن في كمية الكربوهيدرات في الوجبات وعدم تفويت وجبات.
السرطان
أشارت الأبحاث أن مرضى السكري قد يكونون في خطر تطوير أنواع مختلفة من السرطان. ينبع جزء من العلاقة الموجودة بين السكري وتزايد خطر الإصابة بالسرطان من السمنة التي تساهم في ارتفاع خطر الإصابة بالسرطان، لكن العلاقة بين السكري والسرطان هي مباشرة وغير مباشرة أيضًا.
مقالة الاستطلاع التي نُشرت في شباط/فبراير 2018 في مجلة Lancet أشارت إلى إمكانية وصف السكري والسمنة كعوامل خطر مستقلة تظهر بالتزامن في 5.6% من حالات السرطان المُشخّصة في العالم حتى العام 2012 - أي ما يقارب 800 ألف حالة من السرطان. بحسب الدراسات المشمولة في المقالة، ثبُت أن السكري هو عامل خطر مستقل لأنواع كثيرة من الأورام الخبيثة: سرطان الأمعاء الغليظة، سرطان البنكرياس، سرطان الكبد، سرطان مثانة البول، سرطان الثدي وسرطان الرحم.
أشار بحث اسرائيلي من المركز الطبي رامبام نُشر في نيسان/أبريل 2015 في مجلة Handbook of Experimental Pharmacology بأن السمنة والسكري هما عوامل خطر للهيبرأنسولينميا - أي لمستويات مرتفعة من هرمون الأنسولين في الدم. تحدث هذه المستويات لدى مرضى السكري بسبب مقاومة الجسم للأنسولين ومحاولة البنكرياس التعويض عن ذلك من خلال إنتاج فائض للهرمون. كما تحدد دراسات كثيرة أن هيبرأنسولينميا هي حالة تشجّع على الانقسام غير السليم للخلايا وتطوّر أورام سرطانية في جسم الانسان.
لا زالت العلاقة بين السكري والسرطان قيد البحث، وبحسب المعهد الأميركي لبحث السرطان (AICR)، فإن العلاقة الأكثر أهمية التي تم التعرّف عليها حتى الآن هي بين السكري من النوع 2 وبين سرطان الأمعاء الغليظة، إذ وجد باحثون من جامعة مينيسوتا أن النساء المُصابات بالسكري يتواجدن في خطر أكبر بنسبة 60% لتطوير سرطان الأمعاء الغليظة مقارنة بالنساء غير المُصابات بالمرض، وارتكزت هذه النتيجة على دراسة متابعة واسعة لـ516 امرأة، 45 منهن تشاركن منذ السبعينات، ونُشر هذا البحث في نيسان/أبريل 2017 في مجلة Cancer Causes and Control.
ما العمل؟ يُنصح المُصابون بالسكري، كما يُنصح كل شخص آخر، بالعمل على تخفيف عوامل الخطر المرتبطة بالسرطان، وبشكل خاص - إيقاف التدخين، الحفاظ على وزن جسم سليم، الالتزام بالطعام الصحي، الحد من استهلاك الكحول وممارسة التمارين الجسدية بشكل منتظم وأيضًا الالتزام بالخضوع لفحوص المتابعة التي يُنصح بها للتشخيص المبكر للسرطان.
*البروفسور المشارك الإكلينيكي نعيم شحادة هو مدير معهد السكري والغدد الصمّاء والأيض في المركز الطبي رامبام في حيفا ورئيس الجمعية الاسرائيلية للسكري
.