الاثنين 21 مايو 2018 01:35 مساءً
زمان كانت لنا أيام !!
ـ زمان كانت لنا أيام ترفع فيها الموالد وتبسط الموائد في البيوت والمساجد، والجميع إما مشارك وإما مشاهد، إذا حل المساء ثار في النفوس ولع اللقاء.
ـ أما اليوم فنفوس كبارنا مكروبة، وجيوب من يعيلوننا منتوفة، ولسان أحوالهم وحالنا تقول في السر والخفاء اللهم نفسي نفسي، وكأننا في يوم الحشر نصبح ونمسي نلهث بلا طائل نجري .. ندفع الوقت بالوقت وببعضه على بعضه نستقوي نرفع ايدينا (ندعي) .. خارجنا يا رب من هذا الوضع.
ـ زمان كانت لنا أيام نتسابق لصلاتي المغرب والعشاء وبعد انتهاء الأولى نتحول إلى حلقات داخل وخارج المسجد نظل وقوفاً لساعة نتحدث ونضحك ونسأل عن فلان من زملاء الدراسة أو العمل أو الأيام الخوالي .. نوسع دائرة الاهتمام بيننا نسمح بتدفق مشاعر الألفة والرضى والمحبة ونظل كذلك مكتفين بما فطرنا به من حبات تمر وسنبوسة أو كم ملعقة شربة تقاسمناها دون ان نعرف من الذي حملها إلينا وقاسمنا إياها .. ونظل كذلك حولنا يلهو ويستبق الأطفال فرحين جذلين، وما ان يرتفع صوت أذان العشاء حتى نلبيه مذكرين الامام بضرورة تلاوة قصار السور فهناك من ينتظرنا على العشاء.
أما اليوم إذا لم نُصلّ في منازلنا وذهبنا إلى المسجد انفضضنا بعد الصلاة إلى منازلنا وجوهنا مكفهرة وأحوالنا غير مسرة، وبالكاد ينظر الواحد منا إلى الآخر، أو نعود لنتزعم صمتاً طويلاً أمام التلفزيون نتابع بلا رغبة أو شوق مسلسلات فارغة تافهة أو مسابقات الغاز واطية ومتردية، إذا حضرنا صلاة العشاء جماعة كررنا بعد انقضائها رحلة العودة إلى داخل جدران منازلنا لا نعرف ماذا نصنع أو نفعل غير اكل الحاصل من الطعام بهدف اطفاء جذوة الجوع والانخراط في أحسن الحالات في الاشراف وتوجيه اعمال ترفيع الصحون وتغسيلها.
ـ زمان كانت لنا أيام لا تعجز فيها أرواحنا، وتجليات عقولنا وايحاءات ترابطنا وتآلفنا شيوخا وشبابا وأطفالا، من أن نشكل فرق مباريات وننظم اعمال مسرحيات اضافة إلى تقضية الوقت في عمل دوري تنافسي بألعاب الشطرنج نتحلق فيها ومن حولها من مختلف الأعمار نضحك ونشجع ونصرخ ونحذر ونوجه ونهدئ.
نجدد ونتجدد من خلال مزيد من التعارف والتقارب والتآلف، أما اليوم فالفراغات مصادرة بالبناء العشوائي أو بمقالب القمامات أو مرتع للكلاب الضالة والمسعورة. نادراً ما يكون هناك مكان يمكن أن نجتمع فيه أو يثير فينا رغبة بإقامة وتنظيم لقاءات رياضية أو فكرية أو مسرحية يؤديها شباب الحي ويحضرها ويتفاعل معها كبارهم.
زوايا مظلمة وفراغات ضيقة وأنفس مكدرة تضيق من سماع صوت أو إطلاق قهقهة، أو تجمع صاخب لشباب لا يعرفون كيف يزجون الوقت.
رمضان مبارك.
(يتبع 3)