السبت 28 يناير 2017 11:38 صباحاً
محمد العولقي : ( غاندي) الكرة الجنوبية ...!!!
* لهذا اللاعب القدير معزة خاصة في قلبي ، ليس لأنه كان أول ظهير طائر في منتخب (الجنوب) في أيام سادت ثم بادت ، ولا لأنه لاعب معجون بسحر خاص في تلقائية اداء يصل حد الابهار فقط ..
* ولكن لأنه مؤرخ كروي نذر نفسه لرصد محطات ابداعات نجوم كبار سبقهم في الميدان وسبقوه في تسليط الأضواء ..
*لم يكن الكابتن (عصام عبده عمر) سوى (سوسنة) نبتت في حقل اعلامي مريض بنتوءات التطبيل لجيل لا علاقة له بالموهبة الحقيقية ..
* دخل الكابتن (عصام) محيط اعلامي صحنه ملئ بالقدح والمدح الى آخر متناقصات (التبكيت والتنكيت) ، شاهرا سيفه في وجه تخاذلنا تجاه نجوم زمان ..
*نذر الكابتن (عصام) حياته بعد اعتزال معشوقته لانصاف زملاء عاصرهم وعاصروه ، تخلى عن هدوئه وقرر التمرد على سلاسل الواقع المرير ، ففتح أمام الأجيال نوافذا من المعرفة تبرز محطات من لعبوا كرة لأجل كرة القدم نفسها ..
*وللكابتن (عصام) ذاكرة فوتوغرافية من اسمنت مسلح (اللهم لا حسد) ، يستخرج منها ما لذا وطاب من حكايات تسحر العقول وتأسر الالباب..!
* لم ينصف (عصام) نفسه بحكم ايثاره ، وتضحيته ليبقى برزخا يفصل بين ماء اجاج اجيال ترى في الكرة مضيعة للوقت ، وماء فرات يخص لاعبي ذلك الزمن ، حين كانت عقلية الاحتراف هي من تتحكم في مقاليد الهواية . !
*قدمت الكرة الجنوبية كوكبة من لاعبي النفس الطويل في مركز الظهير ، لكن (عصام عبده عمر ) كان أول طبق كروي طائر يظهر في سماء الكويت ، وكان أهم عنصر يستند عليه المدرب الراحل (علي محسن مريسي) في مباغتة الخصوم من الخلف ..!
* ظهير عصري جدا لا يكف اطلاقا عن التحليق ، وهو يمتلك حدس صانع الالعاب المقتدر ، فمعظم تحويلاته من خانة الرواق كانت حمما ملتهبة (قالك دانيلو المعتوة الذي يوقف قلوب المدريديين) .
* لم يكن (عصام ) مجرد ظهير بارع في تجسيد المرتد الخاطف فقط ، لكنه كان العنصر الفعال الذي يزيد من سرعة التفاعل الخططي داخل الملعب ، في الدفاع يحمل (الشاكوش) والويل والثبور لمن يقترب من مملكته الخاصة ، وفي الهجوم يتحول الى شاعر رومانسي من وزن و قافية ..!
* كثير من اللاعبين استلهموا من مدرسة (عصام عبده) فلسفة التحول السريع من الدفاع للهجوم ، كان أبرزهم دون شك (جلال عفارة) والسهم الملتهب (ياسين محمود ) ، لكن أحدا لم يستطع تقليد عبقرية (عصام) في فك طلاسم الكرات المؤطرة التي يقتنصها المهاجمون وكأنهم درسوها في بيت (عصام)..!
* حرص الكابتن (عصام) على نقل معارفه وتراثه الكروي الى تلاميذه الصغار في نادي (الوحدة) ، ولقد تخرج على يديه الكثير من اللاعبين الممتازين ..
*كان الكابتن (عصام) أمينا في تلقين الناشئين دروسا تجمع بين الاخلاق الرفيعة ، والمستوى الفني المرتفع ، كان عميدا لكلية خاصة كان فيها المحاضر الذي يزاوج بين التطبيق العملي والعلمي باسلوب فريد غزير الابتكار والانتاج معا ..!
* ومن يحاول التفتيش عن الوجه الآخر للكابتن (عصام) فهو نسمة رقيقة يذوب خجلا كسوفا عندما يتعلق الأمر بوصلة مديح واطراء ، يتعايش معنا ببساطة وتبسط مصحوبتين بتواضع جم ، ورزانة رجل عصامي عركته الحياة القاسية فعركها بطيبة قلبه الأبيض وروحه الشابة المرحة التي تطوف ملاعبنا دون ضجيج . !
* ولأننا نعيش في زمن (مكور) لا مكان فيه للرجل العفيف و النظيف ، لم يلتفت المسؤولون لهذا الرجل الذي نذر نفسه مؤرخا لأزهى حقبة كروية في تاريخ الجنوب ، ولم تهز محطاته الاعلامية شنب أي قيادي غيور على مصلحة البلاد والعباد ..
* غير أن هذا التجاهل لم يفت من عضد وعزيمة الظهير الطائر ، فواصل نضاله وكفاحه غير المسلح مدافعا عن التاريخ ، رافضا طمس معالم الكرة الجنوبية ، متحديا (الطحالب) الفاترة التي ركبت موجة التاريخ بغارب الخطأ . .
* ما رأيكم يا من زاملتوا (عصام عبده) ، و يا من نهلتوا من نهر مدرسته أن نحتفي بهذا الرمز الأصيل ، الذي يلعب نفس دور الزعيم الهندي (غاندي) ، فهو من حرم نفسه ملذات الحياة بهدف رفع راية ذلك الجيل الكروي الذي لن يتكرر ..
ما رأيكم لو أننا أقمنا لهذا المبدع الجنوبي الأصيل حفلة تكريم ومؤازرة حتى لا يشعر أنه كساع الى الهيجاء بدون سلاح ..؟
ما رأيكم أن نكرم هذا الرجل بمبادرة ذاتية منا كرياضيين ، فقط نريد أن نقول له شكرا يا (غاندي) الكرة الجنوبية ..!!!
الكابتن / عصام عبده عمر :