لإول مرة صحفي يمني يتحدث عن الخفايا المذهلة في فيلم الرسالة
الجمعة 30 سبتمبر 2016 11:21 مساءً

- عارف أبوحاتم
شاهدت مطلع الأسبوع الجاري فيلما وثائقيا عن مراحل إعداد فيلم "الرسالة" الشهير، كان قد أهداه لي في الكويت الصديق هائل المحاميد، وكان دافعا للبحث عن تفاصيل أكثر خفاء في شبكة الانترنت.
يا إلهي ما هذه التفاصيل والصعوبات والتحديات التي تشق الأكباد وتذهب بالعقول، ومن له القدرة على حملها، وكأن هذه الرسالة السماوية فعلا شاقا سواء للمكلف بتبليغها (محمد صلى الله عليه سلم) أو المعنى بالدفاع عنها (مصطفى العقاد).
ولدت الفكرة في رأس مصطفى العقاد رحمه الله في أمريكا عام 1970 حين رأى جهل الناس بالإسلام يزداد وأراد أن يقدم للمواطن الغربي ما يعرفه بدين الإسلام.. كانت فكرته انتاج فيلم روائي وعارضه صديقه المثقف السيناريست الكويتي محمد السنعوسي وقال لابد أن يكون فيلم وثائقي عن الإسلام.
توجها إلى بيروت والتقيا برجل الأعمال الشهير عدنان خاشقجي ووعد بالتكفل بالفيلم وتم تأسيس شركة فيلمكو عام 1971 غير انه قدم لهم 350 الف دولار فقط.
الاحباط الذي أصاب العقاد نتيجة الشح المادي عالجه صديقه السنعوسي وقال له لن يخذلني أهلي في الكويت وهناك كان الفضل الكبير لوزير المالية والنفط عبدالرحمن العتيقي الذي نصحهم بالذهاب الى البحرين لتأسيس شركة إنتاج، لأن القيود القانونية الضريبية سهلة التعاطي وأرسل العتيقي رسالة لنظيره البحريني يوسف الشيراوي وكان الأخير أكثر حماسا لإنتاج الفيلم، وفي المنامة تم تأسيس "الشركة العربية للإنتاج العالمي" وقدم الشيراوي تعهدا خطيا بإعفاء الشركة والفيلم من الضرائب 15 سنة.
تحمست الكويت ودفعت 25% من رأسمال الشركة ومثلها البحرين وليبيا والربع الأخير كان قرضا على ذمة الشركة.
بدأ العمل وطاف العقاد كل صحاري ليبيا والجزائر والمغرب بحثا عن بيئة للتصوير مضاهية لبيئة مكة والمدينة.
من التفاصيل المدهشة جدا أن فيلم الرسالة هو أول فيلم يخرجه مصطفى العقاد، وإن كان سبق له إخراج مسلسلات في أمريكا.
ومع أن التقنيات لم تكن عالية حينها واستخدام الكمبيوتر والتكنولوجيا الرقمية والكاميرات الحديثة وإنتاج الخدع السينمائية كلها لم تكن موجودة إلا أن العقاد تجاوز ذلك بتوفير أفضل وأمهر الفنيين والمهندسين والمصورين وحشرهم إلى الصحراء من كل العالم... كان يقول هذا فيلم يقدم دين الإسلام ونريد له الخلود والبقاء.
من التفاصيل المدهشة أيضا أن الموسيقى التي رافقت الفيلم في كل مشاهده كانت بهندسة ورؤية فنية عظيمة.. كان العقاد يرى أن يرافق الفيلم صوت موسيقي يليق بجلالة الإسلام.. فذهب للتعاقد مع الموسيقار العالمي موريس جار وأحضره للقاهرة والمغرب للاستماع للأذان في الأحياء والمدن وعمل موسيقى تليق بمقام هذا الصوت الإلهي حين يصدح به بلال لأول مرة من سطح الكعبة.
ثم الذهاب إلى أفضل كتاب السيرة النبوية وهو عبدالحميد جودة السحار في القاهرة.. وطلب منه كتابة أفضل وأدق ما في السيرة.. ولأن العقاد رجل عظيم وواعي عرض النص على كبار الأدباء والمؤرخين والعلماء ثم بحث عن إجازة خطية من الأزهر والمجلس الشيعي الأعلى بلبنان، فالأزهر لوحده استغرق سنة كاملة في قراءة ومراجعة السيناريو مع السحار والشرقاوي وتوفيق الحكيم وأحمد الشلبي والمراجعة مع كاتب النص السنياريست الأمريكي هاري كريد.
واجه العقاد ضغطا شديدا جدا من مفتى السعودية العلامة عبدالعزيز بن باز الذي استطاع إقناع الملك فيصل "رحمهما الله" بمعارضة الفيلم.. وهنا قرر العقاد زيارة الإمام بن باز لإقناعه فقالوا له كيف تزور رجل يعتقد أن التصوير حرام أصلا، ورغم حضور العقاد إلى مقر رابطة العالم الإسلامي بمكة إلا أنهم أصروا على حرمة التصوير، فالتفت إلى جواره ورأى صورة الملك فيصل على جريدة عكاظ، سألهم عنها فالتزموا الصمت، واللافت هنا بحسب شهادة العقاد أن العلماء الذين رفضوا الفيلم لم يكونوا سعوديين، بل من المقيمين في السعودية، وكان من بين العلماء عالم سعودي اسمه أحمد الجمال هو الوحيد الذي وقف مع العقاد!!.
وفي لبنان قال لهم رئيس المجلس الشيعي الأعلى موسى الصدر -من خلال قراءته للسيناريو- لماذا يظهر سيف علي "ذي الفقار" فقط.. أعرضوا علي شخصيا.. فأقنعه العقاد أن المسألة فوق طاقتهم.
بعد رحلة بدايات تشق الأكباد قرر العقاد أن يكون التصوير في قرية تبعد نصف ساعة عن مراكش المغربية وتم إحضار أمهر الحرفيين والعمال والنساجين من كل العالم.. وإنشاء كل متطلبات مدينة إنتاجية مصغرة.. واستئجار كامل فندق "هولداي إن" في مراكش للمثلين وطاقم الانتاج.
ومن الأسباب التي جعلت الفيلم يطول زمنيا أنه كان بنسختين عربية وانجليزية..
"وتم بناء بيوت لآلاف البشر الذين تم الاحتياج لهم" -هكذا بشهادة السنعوسي- وجاءت الحاجة إليهم في المعارك وفي خطبة الوداع.. وبعد كل هذا العمل الجبار والجهد الاستثنائي بدأ الت
.