دفاع الحربي تكتب : تركتني يا صديقي الأقرب إلى وجداني !
الجمعة 02 سبتمبر 2016 11:00 مساءً

- الشهيد/ صالح ناجي الحربي :
رحلت يا أبي !
تركتني يا صديقي الأقرب إلى وجداني !
لمَ أردت لهذه الطفلة أن تكبر و يكهلها غيابك وأنت في عنفوان عطاءك الأبوي ؟!
لمَ يا أبتي ؟!
في غيابك يا أبي أضعت مفاتيح اللغة وأنا التي أفتيت أن (لا سلطة لنا إلا على 28 جنديا في أبجدية اللغة) .. لكأن مفاتيح لغتي تحركها يداك الزاهدتان ..
يداك اللتان تلامسان النقاء بخفة ؛ تلك التي قادت أمنياتي هي ذاتها اليدين اللتين مسحت على رؤوس كل يتامى الحي ، وأشعلت شموع أعيادهم في سواد لياليهم ..
يداك يا أبي خطت كل تاريخ يهمني والآن أضحى التاريخ يستنطق ذاكرتي ، فلا أتذكر سوى الفاجعة بأهوالها الموجعة .. فأي تاريخ سأكتب بعدك يا أبي وقد أفرد التاريخ يوما لذكرى خضوع التراب وهو ينهال على جسدك الذي غادرته روحك اللصيقة بتربة هذا الوطن !
كل ما جاد به قلبك أيها التقي ، الوفي ، النقي ، وما جادت به أفكارك ويداك للناس والأرض والحياة ستتذكره ضمائر الأوفياء .. سيتذكرون إن لمحت أعينهم مشاعل التذكار ، وستأخذهم مشاغل الحياة وهمومها .. وسيرحل هدير بكاء المحبين والمعزين الذي يجتاح بساطة منزلنا الآن .. سيتركون دعائهم الصادق ويذهبون .. وستبقى أنت يا أبي .. ستبقى أنت نبراسي ..
وسأراك في مجلسك أمام التلفاز ، في شرفة المنزل تنتظر عودتي ، على سجادتك البيضاء الشاهدة على صدق ابتهالك " اللهم إنا نسألك الرضا عند القضاء ومنزلة الشهداء " ..
سأراك أمام مكتبتي وأنت تزهو بي .. أمام مائدة الطعام وأنت تمد ما طاب منه إلى متناول أيدينا ..
سأسمع حديثك الشيق الذي يؤنس ليالينا .. نبرات صوتك الحنون على خط الهاتف لتطمئن علي ..
سأظل أنتظر طلتك بعد العودة من صلاة العيد وقبلتك التي تضعها على جبيني فتشع مباهج العيد من حنايا أضلعي .. سيأتي العيد قريبا ياأبي وسيمضي كلحظات الغروب ..
وستبقى أنت يا أبي ضيائي الذي لن يأفل ..
.