النكتة السياسية: ضحك و جروح “استطلاع”
الأحد 19 يونيو 2016 04:01 صباحاً

استطلاع_ علياء الشامى:
تنطلق الكلمة حاملة معها الالف المفردات التي تكون شرارة الوعي، وعنوان الدولة، والطريق الممهد لبناء الراي العام. تتزين تلك الكلمات بطابعها الساخر لتعبر حينها عن هموم الشعب واصوات الثورة ومتنفس الخاضع والمظلوم وسوط جلاد على جلود اولئك الذين خلقت من اجلهم السخرية.
النكتة السياسية وعاء يملئه واقع المجتمع ومشاكله تختصر الالف الكلمات وتزيل عن طريقها المقالات والخطب والتحليلات. لا تحتاج الى هوية تنطلق كالسهم يضحك الجميع بينما تحقق هدفها في سرية وهدوء لا يكاد يشعر بها سوى ذلك الذي وقعت عليه.
عن النكتة السياسية وظهورها وانتشارها والمعالجات والقضايا التي تقدمها التقينا بالعديد من الشخصيات لنعرف آرائهم حول ذلك السوط الضاحك.
• النكتة السياسية : ظاهرة إنسانية
البداية كانت مع الدكتور سامية عبد المجيد الاغبري. اكاديمية في كلية الاعلام بجامعة صنعاء. حيث بدأت حديثها بالقول: الكبت السياسي والضغوط الاجتماعية هي من تظهر النكتة السياسية لتعبر بشكل ساخر عن الواقعة او الحدث الذي يهم المجتمع بصورة بسيطة وسلسة وتوجيهية. وتضيف: هي الخطاب الاعلامي السهل الذي يتناوله الجميع بدون رقابة مسبقة وبدون تخطيط متقن تقوم على الفكاهة والتنفيس عن الكبت الاجتماعي للمجتمع.
وتقول: لهجتها الشعبية وتحررها من الرقابة وظهورها بصورة كاريكاتورية او بطريقة سردية او حوار هي أبرز ما يميزها ويجعلها سهلة وسريعة الانتشار. وعن القضايا التي تتناولها النكتة السياسية تضيف: هناك جملة من القضايا التي تتناولها النكتة السياسية لا يمكن حصرها ضمن قائمة معينة ولكن هناك نكت ظهرت وانتشرت بالتزامن مع احداث وازمات معينة لعل أبرزها احداث الربيع العربي والسخرية من النظام السابق وبعض الاحزاب والشخصيات السياسية.
الدكتور ايمن حجي استاذ الاتصال السياسي بالجامعة الامريكية ببيروت يضيف بالقول: النكتة السياسية هي صوت الشعب ، ولسان حالة ، تعبر عن آرائه في الاوضاع الصعبة والازمات الحرجة لا تحتاج النكتة الى قواعد معينة ولا وسائل اتصال محددة هي كفيلة بنشر نفسها بين الاوساط. وعن اسباب الظهور يعلق: تنطلق النكتة في ظروف سياسية واجتماعية صعبة يحاول الناس من خلالها ايصال كلمتهم والتعبير عن آرائهم حول تلك المواقف.
لا غبار في كونها ظاهرة انسانية لا تترك الجوانب المحيطة بها دون ان تمسها وتعتبر مؤشرا واضح لمدى وقع الازمات على المجتمع ومدى وعي المجتمع من خلال التعبير عن الواقعة التي المت به.
• صناعة النكتة السياسية
هيثم احمد مسئول أحد مواقع التواصل الاجتماعية المتخصصة بالنكت الساخرة ومنها السياسية يقول: نسعى من خلال إطلاق النكتة السياسية والترويج لها الى ايجاد متنفس بسيط لهذا المجتمع حيث يجد المواطن ما يريد قوله والتعبير عنه من خلال النكتة. وعمن يقف خلف النكتة السياسية يقول هيثم: غالبًا ما يكون مصدر تلك النكت هم العامة الذين يختلقون الكلمات والاحداث والحبكات للوصول الى تعبير ساخر عن قضية معينة. نستخدم في بعض الاوقات نكت سياسية من دول مجاورة نسقطها على واقعنا وبلهجتنا لإنتاج النكتة السياسية.
وعن المحور الاخير في حديث هيثم يبين الدكتور مجيب الشميري أكاديمي في كلية الاعلام بجامعة صنعاء قائلا: ان من يقف خلف النكتة السياسية هم السياسيون أنفسهم.
واضاف: قد تأتي النكتة السياسية بشكل عفوي ولكن هناك نكت تصل الينا كرسالة اعلامية لها اهدافها وابعادها الامر الذي يحتم علينا الاعتقاد بوجود أطراف متخصصة في صناعة النكتة السياسية تلك الاطراف تهدف الى خدمة موقف حزب او شخصية معينة وتعمل على استخدام النكتة السياسية في المجال الدعائي والدعائي المضاد.
• النكتة السياسية أداة وعي
وعد السقاف طالبة جامعية تقول بان النكتة السياسية هي منهج يرافق ظهور الثورات والازمات ولهذا أوكلت الكثير من الانظمة جهات معينة لتحليل النكتة وصناعتها. وتضيف : النكتة سلاح يمتلكه الشعب يحاول من خلاله محاربة الفساد والشخصيات التي يراها فاسدة هي المتنفس الوحيد لهذا الشعب.
الدكتور عدنان القاضي استاذ علم نفس بجامعة تعز ( في تصريح لؤكالة الاناضول ) قال : ان النكتة السياسية باتت حاليا تعبر عن الاستغراب وصعوبة الواقع السياسي والفجوة التي تكونت بينه وبين طموح الشباب الثوري. وأضاف : يتم استخدام النكتة السياسية لزيادة الوعي المجتمعي ببعض القضايا السياسية والاجتماعية ويتم من خلالها تمرير بعض الافكار والروى التي من الصعوبة احيانا تمريرها بولسطة الكتابات والخطابات وساعد في ذلك تطور تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي الذي عزز انتشار النكتة بيسر وسهولة.
محمد الحسني طالب جامعي يقول : النكتة السياسية هي الطفل العاق الناتج عن تلك التقلبات السياسية والازمات المتلاحقة التي تصيب المواطن والمجتمع وتدفعه الى التعبير عن ذلك بواسطة النكتة السياسية التي يحاول من خلالها وصف رايه حول هذه الواقعة بطريقة ساخرة ولاذعة تعمل على ايصال رسالة واضحة المعالم وسريعة الى اولئك الذين خلقت من اجلهم النكتة والى جانب ادخالها السرور والفكاهة والضحك فهي تصنع وعي معين وراي عام حول قضية معينة.
النكتة السياسية ذلك السوط الذي يجلد به المواطن ساسته ينتقدهم و يجرحهم بدون اي مخاوف قد تقيد حريته. هي شرارة الثورة واللبنه الاولى لصناعة الاراء حول قضية او شخصية معينة. تتمرد فيها الكلمة عن حدود اللغة والتعقيد العلمي لتصل بسهولة من والى المواطن ليطلقها ضحكات تقتل وتصيب اولئك الذين سخروا من حلم الوطن والمواطن.
.