أمريكا تنذر روسيا: نريد «وقفا فورياً لإطلاق النار» وموسكو تحذر من خطر نشوب «حرب عالمية»
قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إنه يأمل أن يؤدي مؤتمر ميونيخ الأمني إلى وقف عاجل للنار في سوريا. وقال شتاينماير أمام ممثلين لنحو 17 دولة وثلاث منظمات دولية يشاركون في لقاء ميونيخ الذي يحمل رقم 52 إن «الوضع في سوريا خطير، وإنه يأمل أن يخفف هذا الاجتماع من المآسي التي يواجهها المدنيون هناك». وأضاف: «إن لم نتمكن من كبح دوامة العنف والعنف المضاد، فإن هذه الحرب الأهلية الفظيعة ستستمر وسيزداد عدد الضحايا». وصرح «أن هذا هو الاجتماع الرابع للمجموعة الدولية لنصرة سوريا، حيث تأتي ميونيخ بعد اجتماعات فيينا ونيويورك وجنيف، والهدف من هذا اللقاء هو جعل عملية السلام في سوريا ممكنة».
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه سيطلب في ميونيخ من الروس أعمالا ملموسة. وقال في لهجة تحذيرية «إذا كان الهدف من الكلام هو الكلام فقط للتمكن من استئناف القصف، فإن أحدا لن يقبل بذلك».
من جهته حذر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف من خطر نشوب «حرب عالمية جديدة» في حال حصل هجوم بري خارجي في سوريا، في مقابلة تنشرها صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية اليوم.
وقال مدفيديف إن «الهجمات البرية عادة تؤدي إلى أن تصبح أي حرب دائمة»، مضيفا أنه «ينبغي إرغام جميع الأطراف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بدل التسبب باندلاع حرب عالمية جديدة».
كما أعلن دبلوماسي أمريكي لـ»فرانس برس» في واشنطن أن بلاده تريد «وقفا فوريا لإطلاق النار» في سوريا وتأمل في تحقيق ذلك «في أقرب وقت»، وذلك في موازاة اجتماع دولي في ميونيخ يبحث النزاع السوري.
وردا على سؤال عن اقتراح لموسكو بإعلان وقف لإطلاق النار اعتبارا من أول آذار/ مارس أشارت إليه الصحافة الروسية في ميونيخ، قال هذا المسؤول في الخارجية الأمريكية «تواصل الولايات المتحدة العمل من أجل وقف فوري لإطلاق النار. نواصل عملنا عبر قنوات مختلفة للتوصل إلى ذلك في أقرب وقت».
وكرر موقف وزير الخارجية جون كيري الذي يدعو منذ أسبوع إلى وقف «فوري» لإطلاق النار ووقف القصف الروسي لمنطقة حلب في شمال سوريا.
وأكدت مصادر ديبلوماسية عسكرية عربية في الرياض أن السعودية أطلعت حلفاءها في دول التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب على خططها للتدخل العسكري البري في سوريا لدعم فصائل المعارضة السورية للتخفيف من الضغوط العسكرية التي تعرضت وتتعرض لها، نتيجة التصعيد لقوات النظام المدعوم من روسيا جويا، وعبر مستشارين عسكريين يقودون العمليات العسكرية ضد قوات المعارضة السورية.
وقالت المصادر إن الرياض بحثت خطط التدخل المطلوبة مع قادة عسكريين من عدة دول عربية من بينها قطر والإمارات ومصر والأردن والسودان ودول إسلامية، من بينها تركيا وباكستان وماليزيا. وهذه الخطط سبق وأن بحثتها الرياض مع عسكريين من دول التحالف الدولي (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) بشكل خاص وهي ما تعرف بـ»الخطة ب»، والتي تضغط الرياض لبدء تنفيذها فورا، الأمر الذي جعل واشنطن تطلب من روسيا وقف إطلاق نار عاجل في سوريا قبل الموافقة على البدء بـ»الخطة ب». وترى الرياض أن التصعيد والضغط العسكري للنظام السوري والذي يغطيه التدخل الروسي أوجد أوضاعا ضاغطة على قوات المعارضة التي خسرت الكثير من المعارك العسكرية والمناطق التي كانت تسيطر عليها، ويتوجب التدخل العسكري العاجل لدعم قوات المعارضة السورية.
وكان وزير الخارجية السعودي قد أشار في تصريحات عقب لقائه العاجل مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في واشنطن أول أمس إلى وجود «الخطة ب» في حال عدم التوصل إلى وقف لإطلاق النار وعدم نجاح محادثات جنيف بالتوصل إلى الحل السياسي اللازم لإنهاء الأزمة السورية. وتقول المصادر العسكرية العربية إن «الخطة ب» للتدخل في سوريا درست وأعدت مع قيادات عسكريه أمريكية وبريطانية وفرنسية، وإنها تنتظر قرارا سياسيا، وإن اجتماعات بروكسل تستهدف الاتفاق سياسيا عليها. ويتردد في الرياض أن «الخطة ب» تتضمن السماح للسعودية بتزويد بعض قوات المعارضة السورية بصواريخ أرض – جو لاستخدامها (تحت إشراف مستشارين عسكريين من قوات التحالف الإسلامي والدولي التي ستتدخل في سوريا) للتصدي للغارات الروسية، وتتضمن إقامة منطقة آمنة في شمال وجنوب سوريا.
وترددت معلومات في الرياض عن أن السعودية بدأت بإرسال قوات للمعارضة السورية دربوا في السعودية وفي الأردن تحت إشرافها وبتمويلها خلال الشهور الماضية إلى داخل سوريا من الجنوب. وتقول مصادر إن الإدارة الأمريكية ستطرح على روسيا وقف إطلاق نار «عاجل» في سوريا دون انتظار عقد مؤتمر جنيف، قبل قرارها بالبدء في تنفيذ «الخطة ب « والتي قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية في سوريا من أجل البدء بتنفيذ «الخطة ب» العسكرية في سوريا، تطلب وقف إطلاق نار عاجل قبل ذلك
وكانت روسيا قد طرحت قبيل الاجتماع الأمني الدولي عرضا لوقف إطلاق النار في سوريا. وقالت إنها تنتظر رد واشنطن وذلك قبيل اجتماع دولي مهم يعقد في ميونيخ بهدف العمل على إنقاذ عملية السلام التي انطلقت في جنيف والسعي لوقف تدفق المهاجرين الى أوروبا، حيث أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مستهل لقائه نظيره الامريكي جون كيري أن روسيا قدمت «عرضا ملموسا» لوقف إطلاق نار في سوريا وتنتظر ردا أمريكيا. وقال لافروف «ننتظر الرد الأمريكي قبل عرضه على المجموعة الدولية لدعم سوريا».
وأبدت أطراف عدة حذرا بشأن وقف سريع للمعارك. وقال المتحدث باسم الخارجية الألمانية مارتن شيفر «يصعب التحدث عن (وقف لإطلاق النار) عندما نشهد أحداث الأيام الأخيرة». وأضاف «يجب أن ندرس كيفية نقل المساعدات الإنسانية لأشخاص يائسين وجائعين» و»كيفية إعادة تحريك مفاوضات» السلام.
ورأت بعض وسائل الإعلام الألمانية أن المبادرة الروسية غير جادة وأنها تأتي بعد أكثر من أسبوع من القصف المستمر للطائرات الروسية، وقالت قناة N24 الاخبارية إنه بالرغم من المبادرات المطروحة، فإنها لا تعتقد أن يخرج المؤتمر بنتائج ملموسة وسط هذا التباين الكبير في اهتمامات الدول المشاركة. وقال خبراء استضافتهم المحطة التلفزيونية الألمانية إنه من الضروري بحث البدائل المطروحة في حال فشلت الأطراف المجتمعة في الوصول لأي اتفاق، «لأن كل يوم آخر يمر، يعني ذلك المزيد من الدمار في سوريا والمزيد من الدماء التي تسفك».
من جهتها اتهمت لقناة التلفزيونية الألمانية WDR الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه يريد أن يحقق العديد من المطامح في سوريا، من بينها إضعاف ألمانيا ومحاربة المستشارة أنغيلا ميركل. وقالت المحطة التلفزيونية إن القصف المتواصل دفع بعشرات الآلاف إلى الهرب من بيوتهم خوفا من القصف الروسي، وأوضحت المحطة أن إحداث موجة لجوء جديدة هي من بين أهداف بوتين، والذي يريد إضعاف أوروبا والمانيا خاصة لوقوفهم ضده في أزمة القرم الأخيرة.
في سياق متصل قالت القناة التلفزيونية الثانية ZDF إنه وبالرغم من نغمة التفاؤل التي تكلم بها وزير الخارجية الألماني في افتتاح المؤتمر، إلا أنه من المستبعد الوصول إلى أي حل. وقالت القناة التلفزيونية، ربما لو تم الاتفاق على إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية فقط، فقد يعتبر هذا الأمر انتصارا كبيرا. وأضافت القناة التلفزيونية، يبدو أنها ستكون ليلة طويلة جدا للمجتمعين في ميونيخ
ويشارك في الاجتماع الأمني الذي يعتبر الأكبر في العالم، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، 17 دولة هي، المانيا، مصر، الصين، فرنسا، بريطانيا، العراق، إيران، إيطاليا، الأردن، قطر، لبنان، عمان، روسيا، المملكة العربية السعودية، تركيا والولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وستتناول المباحثات خصوصا وصول المساعدات الإنسانية إلى المدن المحاصرة من قوات النظام لا سيما حلب، حيث بات المتمردون عالقين في الأحياء الشرقية مع 350 ألف مدني.
وفي حال فشل العملية السياسية فإنه ليس لدى الغربيين أي خطة بديلة ما لم يقرروا فعلا المواجهة المباشرة مع الروس على الأرض.
جاء ذلك فيما حققت فصائل المعارضة المسلحة، أمس الخميس، تقدما في منطقة جبل التركمان (بايربوجاق) شمالي محافظة اللاذقية (غرب)، بعد سلسلة من الهزائم التي كانت تكبدتها في المنطقة الشهر الماضي أمام قوات النظام السوري المدعومة بغطاء جوي روسي. وأفاد أبو اليزيد مسؤول الإعلام العسكري في «حركة أحرار الشام الإسلامية»، (فصيل معارض) أن قوات المعارضة سيطرت على قرية «قورجة» وتلة «الحياة» المجاورة لها، وقتلت 14 عنصرا لقوات النظام إثر اشتباكات معها استمرت لساعات في المنطقة.
وأوضح أبو اليزيد أن فصائل المعارضة اغتنمت من قوات النظام سيارتين إحداهما مزودة بمدفع مضاد للطيران عيار 12.7 إلى جانب كمية من الذخائر والأسلحة الخفيفة.
وأضاف أن أهمية القرية والتلة الاستراتيجية التي سيطرت عليها المعارضة تأتي من كونهما تقعان في منطقة جبل «عالية» المشرف على كثير من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام في جبلي «التركمان» و»الأكراد»، كما أن تلة «الحياة» هي صلة الوصل بين الجبلين (التركمان والأكراد).
وفي سياق متصل، أشار أبو اليزيد إلى أن «حركة أحرار الشام الإسلامية» استهدفت مركزاً لضباط روس ومن جنسيات أخرى في تلة «غزالة» بجبل الأكراد شمال غرب بلدة «سلمى» التي سيطر عليها النظام مؤخرا، بقذائف المدفعية وصواريخ محلية الصنع، مؤكدا وقوع قتلى وجرحى في صفوفهم، من دون أن يورد تفاصيل إضافية.
وكانت قوات النظام السوري قد شنت منتصف الشهر الماضي هجوماً واسعاً على جبلي التركمان والأكراد في ريف اللاذقية بإشراف مباشر من ضباط روس تمكنت خلاله من السيطرة على مساحات واسعة من الجبلين أهمها برج زاهية وبلدة ربيعة في جبل التركمان وبلدة سلمى في جبل الأكراد.
جاء ذلك فيما باتت قوات النظام السوري على مشارف مدينة تل رفعت، أبرز معاقل الفصائل المقاتلة في ريف حلب الشمالي، حيث يخوض الطرفان منذ الخميس اشتباكات على بعد ثلاثة كيلومترات منها، وفق ما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «باتت قوات النظام والمسلحون الموالون لها مع استمرار تقدمها في ريف حلب الشمالي بغطاء جوي روسي، على مشارف مدينة تل رفعت، حيث تخوض منذ الخميس اشتباكات عنيفة ضد الفصائل الإسلامية والمقاتلة في بلدة كفرنايا التي تبعد ثلاثة كيلومترات عنها».
وتسيطر الفصائل الإسلامية والمقاتلة منذ عام 2012 على تل رفعت التي تبعد مسافة عشرين كيلومتراً عن الحدود التركية. وتعد تل رفعت أبرز معاقلها في ريف حلب الشمالي إلى جانب مارع واعزاز.
وتعرضت تل رفعت الخميس بحسب المرصد، لغارات جوية شنتها الطائرات الروسية التي تنفذ حملة جوية في سوريا مساندة لقوات النظام منذ نهاية أيلول/سبتمبر.
ويأتي تقدم قوات النظام باتجاه تل رفعت في إطار هجوم واسع بدأته مطلع شباط/ فبراير بدعم جوي روسي في ريف حلب الشمالي. وتمكنت بموجبه من استعادة السيطرة على قرى وبلدات عدة من الفصائل الإسلامية والمقاتلة، وقطع طريق إمداد رئيسي يربط مدينة حلب بريفها الشمالي باتجاه تركيا وبالتالي تضييق الخناق على مقاتلي المعارضة في مدينة حلب.
وتسعى قوات النظام وفق عبد الرحمن للتقدم باتجاه الشمال للسيطرة على تل رفعت ومن ثم اعزاز في محاولة «للوصول إلى الحدود التركية ومنع أي تسلل للمقاتلين أو دخول للسلاح من تركيا».
لكن مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية وجيش الثوار وفق عبد الرحمن، «باتوا غداة سيطرتهم على مطار منغ العسكري موجودين على الطريق الذي يصل بين تل رفعت واعزاز، وبالتالي هم قادرون على قطعه في أي لحظة».
.