ما وراء التعتيم على مصير القيادي بـ"الإصلاح اليمني" محمد قحطان؟
منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في ٢١ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٤م، دخلت اليمن في منعطف خطير، َوحرب وفوضى عارمة، ومرحلة هي الأسوأ في تاريخ اليمن، تنازعتها المصالح الداخلية والأطمَاع الخارجية.
ومر اليمن في الفترة التي أراد الحوثيون فيها للقوة، أن تكون هي الصوت الأعلى والسلطة الأشد في اليمن، بعاصفة من الاختطافات والاعتقالات والاغتيالات، نفذتها جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بحق مناوئيهم، قادة وحتى أفرادا.
وأثارت العديد من الاختطافات التي قامت بها جماعة الحوثي والموالين لهم الرأي العام، وكان من أبرز القادة الذين اختطفتهم تلك الجماعة، القيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان.
فقبل أيام قال المبعوث الأممي لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، بأنه أعطي شخصيا أدلة قاطعة، تؤكد بأن شقيق الرئيس اليمني ناصر هادي، ووزير الدفاع محمود الصبيحي، والعميد فيصل رجب، ما زالوا على قيد الحياة، وبصحة جيدة، وعن مصير القيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان، أكد ولد الشيخ بأن لم يتلقَ تأكيدات فيما يتعلق به، وأشار إلى أنه سأل إذا ما كان ذلك يعتبر أنه توفي، فأخبره المختطفون بأن المعلومات غير موجودة، والاتصالات صعبة، ويسزودون الأمم المتحدة بمعلومات في المستقبل حال توفرها.
وأثارت تصريحات ولد الشيخ النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تداول وسم (أين محمد قحطان)، كما أثارت تصريحاته التكهنات حول مصير القيادي البارز في حزب الإصلاح.
كان قد تم اعتقال القيادي محمد قحطان للمرة الأولى، في محافظة إب وسط اليمن في ٢٤ فبراير/ شباط ٢٠١٥م، ثم أفرج عنه، وفرض عليه الحوثيون الإقامة الجبرية، ثم اختطف قحطان للمرة الثانية في الرابع من أبريل/ نيسان ٢٠١٥م، ولم يعرف بعد مصيره حتى اللحظة.
تواطؤ أممي
الباحث السياسي والاقتصادي نشوان الشرعبي قال ل" يمن مونيتور": "من حقنا أن نتساءل أولا، ماهي الجهود التي بذلها المبعوث الأممي فيما يتعلق بمصير قحطان، ربما هناك بعدم الكشف عن مصيره، خاصة إذا عرفنا الدور الذي به قحطان في التصدي لألاعيب المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر وعرقلتها، ما جعل بن عمر ينزعج منه كثيرا، وكون ولد الشيخ هو مكمل للدور المشبوه الذي قام به سلفه، في التواطؤ مع جماعة الحوثي وحلفائهم".
ويرى الشرعبي بأن" هناك غموضا كبيرا يكتنف حياة قحطان، ولذلك يتعمد الحوثيون عدم الافصاح بأي شئ حوله في اللحظة الراهنة، خوفا من تداعيات ذلك على مستقبل جماعة الحوثي".
هدف صالح من اختطافه
يعتقد المحلل السياسي فيصل علي بأن "صالح هو من يقف وراء اختطافه، ويحتفظ به كورقة اخيرة للتفاوض في نهاية الحرب، ولا يعتقد أن علي صالح سيؤذي قحطان، فمازال صالح يريد أن يفاوض الاصلاح من خلال الضغط على الحزب الذي أيد عاصفة الحزم، وانخرط أعضاؤه في المقاومة الشعبية على طول وعرض البلاد، وربما يعتقد صالح أن بإمكان الإصلاح إقناع التحالف، على تركه يخرج من البلاد، ولذا يحتفظ بالقائد قحطان لهذا الغرض".
تصفية قحطان
من جانبه لا يستبعد عضو المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية فهد سلطان، احتمال تصفية قحطان، فهو يقول:" بأن التصريحات التي خرج بها إسماعيل ولد الشيخ، حول المختطفين، والحديث عن القيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان المختطف لدى الحوثيين يعزز ذلك".
ولا يستبعد الباحث سلطان ذلك لعدد من الاعتبارات منها: "أن صالح يمارس عملية انتقام واسعة ضد الشعب اليمني، الذي انتفض عليه في ثورة 2011م، إضافة الى أنه قام بتصفية خصومه السياسيين واحداً تلو الآخر".
كما" أن أغلب السياسيين اليوم نازحين في عواصم العالم، إضافة الى أن مهندسي اللقاء المشترك الذي أجهض مشروع التوريث باكراً، وأفقد صالح القدر على المناورة كثيراً في السير نحو مشروعه، ما دفعه بحسب فهد سلطان إلى اغتيال أمين عام الحزب الاشتراكي جار الله عمر، أحد أعمدة اللقاء المشترك، ثم تم تصفية محمد عبدالملك المتوكل والذي كان أحد المهندسين والمنظرين أيضا، ولم يتبقى سوى محمد قحطان والذي له خصومة شخصية مع صالح، إضافة الى أنه من مهندسي اللقاء المشترك ذاته".
وسيلة للابتزاز
ويؤكد فهد في حديثه مع" يمن مونيتور" بأن" الطريقة التي يتعامل بها الحوثيون مع ملف محمد قحطان هي طريقة إيرانية بامتياز، بحيث يبقى لدى حزب الإصلاح بصيص من الأمل، وقليل من الاحتمال، وهذا يبقي حبال السياسة مشرعة، إضافة إلى ضغط مباشر وابتزاز مستمر من قبل الحوثيين بخصوص هذا الملف".
ويتفق الشرعبي مع فهد حول ذلك، فهو يؤكد بأن" قحطان رقم صعب في المعادلة السياسية اليمنية، وربما يخطط الحوثيون لتحقيق بعض المكاسب عن طريقه، في جولات تفاوض قادمة، كونهم قد خسروا كل أوراقهم، ولم يتبق في جعبتهم، سوى المناورة بورقة المختطفين والمعتقلين السياسيين وقحطان رمز وطني كبير في قائمة المختطفين، إضافة إلى حصار مدينة تعز".
لماذا قحطان؟
ويؤكد الشرعبي" بأن مختطفي قحطان، هم بدرجة أساسية يستهدفون حزب الإصلاح، كون الإصلاح عدوهم الأول، إن لم يكن الأول والأخير في البلد، فهم يدركون ماذا يعني قحطان لحزب الإصلاح، وبالذات في هذه المرحلة الحساسة، لمقدرته على نسج التحالفات للحزب وقراءة الواقع السياسي جيدا".
ويتابع: "هم إضافة إلى ذلك يستهدفون قيم التعايش المشترك، ويعملون على استمرار تمزيق النسيج المجتمعي، ويعمقون المناطقية بصورة بشعة، سواء رضينا بذلك أم لا، حتى صرنا نسمع مؤخرا، أصواتا بدأت ترتفع، وتعتبر أن استهداف قحطان وتعنت الحوثيين فيما يخص شخص،ه هو استهداف لجغرافيا بعينها".
عن قحطان
ومحمد قحطان هو قيادي في حزب الإصلاح، وعضو الهيئة العليا للحزب، ومن مواليد ١٩٥٨م، وظل لثمان سنوات ناطقا باسم تكتل أحزاب اللقاء المشترك.
الكاتب والمحلل السياسي فيصل علي ذكر ل" يمن مونيتور" بأن" محمد قحطان قائد سياسي لا يحمل السلاح وكان أبرز قادة الإصلاح الذين دفعوا باتجاه خلع علي صالح ، وهو ليس كغيره من القادة السياسيين في حزب الإصلاح، فهو يعي معنى تغيير نظام صالح العائلي "المناطقي"، وينتمي لمدينة تعز ذات الثقل الثقافي والسياسي في اليمن، كما أن قحطان يؤكد انتماء الحزب الإسلامي الذي يعد هو أبرز قادته السياسيين، إلى بيئة الجزيرة العربية، ولم يستق فكره من الإخوان المسلمين كما يعتقد البعض، فهو يرى أنه امتداداً لمدرسة الإمام الشوكاني في الإصلاح الديني والسياسي والاجتماعي، والإمام الشوكاني ينتمي لمدرسة إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب، هذا الطرح لم يأت من فراغ لكن من قراءة واقعية قام بها قحطان لمنهج الحزب وفكره وجذوره الحقيقة".
"كل هذا جعل علي صالح يترك قيادات الإصلاح الدينية والاجتماعية متواضعة التأثير، والتي ليس لديها حضور سياسي لافت، تغادر إلى خارج البلاد، واعتقل قحطان الذي يعلم المعادلة جيدا، والقادر على إدارة الصراع السياسي قبل وبعد الانقلاب، وقبل وبعد الحرب". حسب فيصل.
وتكثف جماعة الحوثي وصالح من الاختطافات والاعتقالات منذ بدء عاصفة الحزم في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية في ٢٦ مارس/ آذار العام الماضي، بتهم كثيرة لا يجد الكثير من المواطنين سببا لها، كما زادت مؤخرا عمليات التصفية الجسدية في المحافظات التي تم تحريرها من أيدي جماعة الحوثي، وذلك لتبق اليمن في حالة عدم استقرار، لتنفيذ أجندة خارجية، وإطالة عمر الحرب التي أشعلها الحوثيون وحليفهم صالح، المدعومين من قبل دولة إيران.
.