تبعيات رفع العقوبات ضد ايران على اقتصادات الشرق الأوسط
دخل يوم السبت الإتفاق حول النووي الإيراني حيز التنفيذ، و أعلنت الولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي رفع العقوبات الإقتصادية والمالية عن إيران مقابل قيود على نشاطها النووي. ما هي تداعيات القرار على اقتصادات المنطقة ؟
فيما يلي مقتبسات من تحليل معمّق للدكتور ناصر السعيدي حول هذا الموضوع :
ارتفاع في النموّ والتجارة والاستثمار
“إيران بلد كبير (مساحته 1،648،195 كلم مربّع) يتميّز بموقعه الاستراتيجي وبمجتمع شابّ يساوي سكّانه حوالي 80 مليون شخص (مثل مصر). ولدى إيران يَد عاملة مثقفة ومنتجة تضمّ مشاركة عالية من العنصر النسائي، ويتميّز اقتصادها بتنوّعه وارتكازه على الزراعة والإنتاج والصناعة. تملك إيران موارد نفط وغاز كبيرة ولديها 18،2% من احتياطي الغاز المُثبت في العالم (أي ما يفوق احتياطي روسيا وقطر) و9،3% من احتياطي النفط على الرغم من عدم التنقيب عن أيّ بئر جديدة منذ عام 2007. بسبب العقوبات المفروضة عليها، لم يصل النموّ إلى معدّلاته المعتادة على مدى 25 عاماً وباتت البنية التحتية للبلاد بالية.
فرصة كبيرة للتجارة والاستثمار
عند رفع العقوبات عنها، ستتمكّن إيران من استعمال احتياطيات العملات الأجنبية التي تقارب 90 مليار دولار أميركي، ما سيؤدي إلى إنعاش قطاعات التجارة والسياحة وإنتاج النفط والصادرات بشكل كبير. كذلك، ستتحسّن الاستثمارات الخاصة وسينمو إجمالي الناتج المحلي وسيحظى الاستقرار الاقتصادي بقاعدة راسخة.
طبيعياً، تحتاج ايران حوالي 850 مليار دولار كإجمالي الإنفاق الرأسمالي خلال عام 2020 وما بعده، منها نحو 300 إلى 320 مليار دولار في الاستثمار الأجنبي. يتطلّب قطاع النفط والغاز وحده 250 إلى 300 مليار دولار، مع التركيز على البنية التحتية والنقل (بما في ذلك السيارات والطائرات) والخدمات اللوجستية والخدمات بشكل عام والسياحة والضيافة والتجارة. النفط والغاز سيشكّلان الأولوية الفورية، وقد وضعت إيران نموذجاً جديداً للعقود النفطية الدولية الجديدة التي تهدف إلى جذب شركات النفط الدولية، بما فيها تلك التي في الولايات المتحدة وأوروبا والصين. تُعتبر احتياطيات النفط والغاز في ايران فرصة غير مسبوقة. مع الاستثمارات المتجددة في قطاع الطاقة ومع إعادة دخول إيران إلى سوق النفط والغاز الدولية، من المرجح أن تنخفض أسعار النفط بنسبة 5 إلى 10 دولار (مع عواقب أخرى لإعادة تنظيم منظمة الدول المصدرة للبترول وسوق الطاقة العالمية).
لن يقتصر التحسّن على قطاع الطاقة، فرفع العقوبات سيؤدي إلى إنعاش سريع للنمو من مجرّد 3% في 2015- 2016 إلى 6 – 8% في 2016-2018 بفضل النموّ المرتقب في التجارة والاستثمار المباشر محلياً وأجنبياً، وسيكون الإيرانيون في بلاد الانتشار مسؤولون عن جزء كبير من التحسّن بفضل الرأسمال البشري والأعمال التجارية والموارد المالية. ولكن، للاستفادة إلى أقصى حدّ من إزالة العقوبات، يجب أن تجري إيران إصلاحات هيكلية وقانونية وتنظيمية لتخفيض كلفة ممارسة الأعمال التجارية وتحسين مناخ الاستثمار وحماية المستثمرين.
ستكون دول الخليج والعراق ولبنان المستفيدة الرئيسية من هذا الانفراج
بعد رفع العقوبات عن إيران، ستكون الحصة الأكبر من المكتسبات من نصيب الإمارات العربية المتحدة وعُمان مباشرةً وكذلك الشركاء التجاريين البارزين للبلاد بما فيهم الصين والاتحاد الأوروبي. ستستفيد الإمارات العربية المتحدة ودبي كمركز إقليمي للأعمال والتجارة والمال والجالية الإيرانية النشطة والنظام المصرفي في لبنان من الانفتاح الايراني. أمّا دول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالرأسمال، فستستفيد من فرص ارتفاع العائدات على الاستثمار، في حين أن شركات المقاولات والتطوير العقاري ستتمكّن من المشاركة في مشاريع البنية التحتية والتنمية.” لذلك، فإنّ رفع العقوبات عن إيران سيؤدي إلى طفرة غير مسبوقة في المنطقة.
.