مدير أمن عدن: لدينا أدلة دامغة على تورط قوى إقليمية في دعم الإرهابيين (حوار)
قال العميد شلال علي شايع هادي، مدير أمن عدن، إن الخلايا النائمة التي تتبع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح والحوثيين وبعض القوى الإقليمية هي التي تقف وراء محاولة إرباك المشهد الأمني في عدن وسلسلة الاغتيالات والعمليات الانتحارية التي تشهدها المدينة، منذ اندحرت ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع صالح من المدينة في يوليو (تموز) من العام الماضي على يد المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني وقوات التحالف بقيادة السعودية.
وكشف هادي لـ«الشرق الأوسط»، في أول حوار صحافي له منذ تعيينه مطلع الشهر الماضي في هذا المنصب، عن أن أجهزة القضاء سوف تستأنف عملها في عدن قريبا بخصوص ملفات عدد كبير من المتورطين في تلك العمليات الإرهابية لإحالتها إلى القضاء.
ويتطرق الحوار مع العميد شلال، وهو قائد المقاومة الشعبية الجنوبية، إلى جملة من القضايا الأمنية الراهنة والمقلقة. وهو يبعث برسائل كثيرة إلى الداخل المحلي وإلى المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي وإلى بعض الأطراف الداخلية، التي يعتقد أن لها صلة بتنظيمات إرهابية. ويؤكد أن الخطة الأمنية ستنفذ بشكل كامل، وأن المواطن في عدن هو اللاعب الأساسي في المساعدة في تحسين الأوضاع الأمنية ومواجهة التحديات.
وإلى نص الحوار:
* تشهد عدن اختلالات أمنية عديدة أبرزها التفجيرات الانتحارية والاغتيالات.. ماذا يحدث وماذا عن الخطة الأمنية؟
- الكل يعلم ما تعرضت له عدن من هجمة شرسة وأسلوب ممنهج لتدميرها، بشكل كامل، من قبل قوات علي عبد الله صالح وميليشيات الحوثيين الروافض، الذين تمترسوا واستخدموا أهم المنشآت الحيوية والأمنية في المدينة كساحة للحرب وبكل الأسلحة في الحرب الأخيرة، وبفضل الله وبفضل صمود أبناء عدن الباسلة وبفضل قوت التحالف، التي أتت منقذة ومدافعة عن الحق، تم التصدي لهؤلاء الروافض الذين سفكوا الدماء وأباحوا الأعراض وارتكبوا أعمالا وحشية.
ومنذ منحنا الثقة، في ظل هذا الظرف الحالي، وهناك تعاون كبير من قبل التحالف لتنفيذ الخطة الأمنية لسلامة عدن وسكانها. ولا نغفل الشكر الجزيل للالتفاف الشعبي حول القيادة في عدن، وهو الالتفاف الذي ينادي بمساعدة ومساندة رجال الأمن والمقاومة لتحقيق رسالتهم ومهامهم اليومية. وهذا يضاف إلى مساندتهم وتحملهم أثناء الحرب (مارس/ آذار – يوليو/ تموز، 2015).. نحن الآن في طور تنفيذ الخطة الأمنية وتثبيت الأمن للانتقال إلى المرحلة الأخرى وهي مرحلة إعادة إعمار ما دمرته الحرب في عدن، وللانتقال إلى مرحلة الإعمار لا بد من أن ننهي الجانب الأمني بتطبيق كل مراحل الخطة الأمنية، من أجل عودة المكانة التاريخية للعاصمة عدن. ونحن نمر بمرحلة من أصعب المراحل، حيث نواجه هجمة أخرى تتمثل في محاولات إعاقة أو إفشال خططنا من خلال تفعيلهم لخلاياهم النائمة والأشكال التخريبية.
* تقولون إنكم في حرب ثانية، حاليا.. هل حددتم ملامح من تواجهون؟
- الأجهزة الأمنية لن تقف مكتوفة الأيدي، ولكن لا ننسى أن أجهزة الأمن تعرضت كغيرها من المؤسسات في عدن للتدمير، لكننا نعمل بالإصرار والعزيمة والإرادة، وقد بدأنا في تحقيق نتائج إيجابية وطيبة، وقريبا سوف تمارس أجهزة القضاء في عدن مهامها، نيابة ومحاكم، وسوف تحال إليها الكثير من القضايا التي تتعلق بالاختلالات الأمنية والجرائم الإرهابية التي جرت في عدن وضبطناها، وذلك لينالوا محاكمات عادلة.
وهناك ملفات جاهزة ومتهمون معتقلون، والخطة الأمنية لدينا تهدف إلى السيطرة على كل شبر من هذه المدينة الباسلة، والجميع يعرفون منبع الإرهاب ومن أين انطلق وينطلق، ولدينا تقارير موثقة حول الدعم الذي يتلقاه الإرهابيون، الذين باتت الأجهزة الأمنية على معرفة بهم، وكل الدعم والإشراف على هذه الجماعات من رموز كانت في الدولة وفي مقدمتها المخلوع علي عبد الله صالح، وأيضا الجهات الداعمة للحوثيين، التي لا تريد الأمن والأمان، في المنطقة برمتها، وليس في اليمن فحسب.
ومن خلال التقدم الذي يحرز في تنفيذ الخطة الأمنية نحصل على المزيد من المعلومات، ودعم التحالف لنا كبير في هذا الجانب وفي المقدمة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ودولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ خليفة بن زايد.
* لكن لدى الناس في عدن حالة قلق من مسلسل الاغتيالات والخلايا النائمة؟
- إضافة إلى ما لخصته في إجابتي السابقة، فليس لدينا أي شك مثقال ذرة، بل متأكدون من ارتباط ما يسمى إرهاب «داعش» و«القاعدة» وغيرهما بتلك الأسماء والجهات التي ذكرتها، فجميعها منظومة واحدة في إطار العمل الإرهابي، لكننا نطمئن أهلنا في عدن ونطمئن الجوار، والعمل يجري بتعاون كبير ووثيق من قبل مواطني وسكان عدن للتصدي لكل أشكال الإرهاب، وخلايا الإرهاب لا تعمل اليوم فقط في عدن، وإنما في مناطق ودول عديدة، ونعول كثيرا على استمرار دعم الأشقاء في التحالف لمواصلة هذه المهام الوطنية.
* لكن الشارع في عدن يقول إن المسلحين ينتشرون بزي مدني وشبه عسكري، وهناك خلط بين من ينتمون للأجهزة الأمنية أو المقاومة وبين الإرهابيين.. ما تعليقكم؟
- منذ كلفنا بهذه المهمة، انتقلنا إلى الواقع العملي وليس العمل المكتبي، وإنما النزول الميداني، وضمن نشاطنا العمل على معالجة هذه الظواهر التي تؤدي إلى تأخير تنفيذ الخطة الأمنية، ومن ذلك توفير المستلزمات التي نقدر على توفيرها في الوقت الراهن، وذلك ليكون الناس قادرين على التمييز بين القوى الأمنية وبين من يعملون، بقصد أو بغير قصد، كأدوات للقوى التي تريد تقويض الأمن والاستقرار في عدن.. وفي إطار الخطة الأمنية، أيضا، لدينا مسألة ضبط الأسلحة غير المرخصة، بحيث لا يحمل السلاح سوى من قبل رجال الأمن، إضافة إلى الانتقال إلى مرحلة مصادرة كل الأسلحة سواء الثقيلة أو المتوسطة.
* هناك حديث عن امتلاك البعض لأسلحة ثقيلة، فهل عمليات المداهمة التي بدأتها أجهزة الأمن ستكون دائمة واستراتيجية لمصادرة وسحب تلك الأسلحة؟
- الخطة الأمنية، بكل ما تحويه من بنود، سوف تستمر ولن يستثنى أحد من تنفيذ ما ورد فيها، ونحن نراهن على التعاطي والالتزام الكبير لدى المواطنين في عدن بتنفيذ ضرورات الخطة الأمنية التي ننفذها مع الأخ المحافظ وبإشراف مباشر من الرئيس عبد ربه منصور هادي، وبالتالي من لم يلتزم فقد كتب على نفسه مخالفة تنفيذ الخطة الأمنية، المكونة من العديد من البنود والنقاط والإجراءات، التي تتيح الفرصة، أيضا، للالتزام الأخلاقي، ورسائلنا واضحة لمن يمتلك سلاحا ليس مقررا أن يكون معه بأن بقاءه لديه أكثر من الوقت اللازم يثير الكثير من علامات الاستفهام ويصنف على أنه سيستخدم لإعادة زعزعة أمن واستقرار عدن، ولذلك نسعى إلى ضبط وتنظيم حمل السلاح وتشديد الخناق على كل الممارسات التي كانت تمارس وبالتستر بالدين، وهي فئات ضالة وممارساتها خاطئة وبعيدة، كل البعد، عن ديننا الإسلامي الحنيف وكتاب الله وسنة رسوله.
* هناك قلق محلي وإقليمي وربما دولي من مزاعم الحوثيين بوجود «داعش» في عدن.. ماذا تقولون بخصوص ذلك؟
- كما ذكرت سلفا، فنوايا وخطط المنظمات الإرهابية لا تقتصر على منطقة أو مكان أو دولة معينة، ولكن بالتكامل والعمل واستمرار التواصل مع حلفائنا وإخواننا، الذين لديهم نفس مواقفنا، من خلال الوقوف بحزم أمام أي ممارسات أو تمدد لتنفيذ أي مخططات إرهابية، ونحن نؤكد لخلايا صالح والحوثيين أو التنظيمات الإرهابية المرتبطة بصالح أو غيره أننا لن نسمح باستمرار العبث ولن نتهاون إزاء كل من تسول له نفسه الإضرار بأمننا، وعليهم أن يبحثوا لهم عن أماكن أخرى غير عدن واليمن وللصبر حدود، ونحن على تواصل مع دول الجوار التي يهمها أمن وسلامة عدن، وفي المقدمة السعودية والإمارات، نظرا للارتباط السياسي والجغرافي.
لدينا شعب مسالم ينادي بالحصول على الأمن ويقدم التضحيات من أجل التصدي لأي مخططات، وتنفيذ الخطة الأمنية لا يقتصر على شخص معين، وإنما أجهزة أمنية ومقاومة وشعب بأكمله، وفوق ذلك توفيق الله الذي وفقنا في حسم المعركة والظفر بالنصر في الحرب، وندعو الله أن يوفقنا في الحفاظ على النصر، فنحن نريد الانتقال إلى الحياة المدنية الآمنة.
.