«قناديل» و«زنابيل».. معايير حوثية للتمييز الطائفي
كرس الحوثيون ممارسات وسلوكيات أعادت تقديمهم، ومنذ 21 سبتمبر/أيلول 2014، كجماعة متمردة تتبني توجهاً فكرياً منحرفاً يرتكز على مبدأ الاقصاء والتمييز الطائفي الذي اختزلته الكثير من الوقائع والسوابق.
واعتبر الباحث في تاريخ حركة التمرد الحوثية عبد العزيز أحمد متاش في حديث لصحيفة «الخليج» أن نزعة التمييز الطائفي والعرقي تمثل أحد أشنع الممارسات التي تنتهجها جماعة الحوثي والتي طالت ليس فقط الشخصيات والمكونات المجتمعية المناهضة للحوثيين، وإنما أتباع الجماعة ذاتها والذين تتفاوت تصنيفاتهم من قبل قيادة جماعة الحوثي بين «قناديل» وهو المصطلح الذي يطلق على النخب التي ترتبط بالجماعة عقائدياً، و«الزنابيل» وهم أنصار الجماعة وأغلبهم من رجال القبائل الموالية.
سوابق التمييز الطائفي والعنصري كسلوك تنفرد به جماعة الحوثي تجاوز مجرد تقويضهم لحالة ومظاهر التعايش السلمي بين المذاهب والتيارات الفكرية والعقائدية، التي طالما اتسمت بها مفردات الحياة الاجتماعية في اليمن، ليصل إلى انتهاج عملية فرز ترتكز على النزعة العنصرية الممقوتة ذاتها في صفوف مقاتلي الجماعة وعناصر ميليشياتها المسلحة.
وأكد وهيب عبد السلام الباقري أحد الناشطين المحليين المتطوعين ضمن أطقم الهلال الأحمر اليمني في حديث ل«الخليج» أن القيادات الميدانية للحوثيين تعتمد معايير غير إنسانية وعنصرية في التعامل حتى مع جثامين القتلى من عناصر الميليشيات التابعة للجماعة، منوهاً في هذا الصدد إلى أنهم يرفضون استلام الكثير من جثث قتلاهم وخاصة المقاتلين المنحدرين من قبائل موالية ويقتصر الاستلام على القتلى الذين ينحدرون من عائلات ترتبط بولاء عقائدي مع فكر الجماعة أو ما يطلق عليهم «الهاشميين».
وكشف الباقري عن انتشار مروع لجثامين القتلى من مقاتلي جماعة الحوثي في العديد من المواقع التي شهدت معارك عنيفة، حيث لا تزال ملقاة والعديد منها بدأ في التحلل وتعرض للنهش من قبل الكلاب الضالة.
تبادر القيادات الميدانية للجماعة وبتوجيهات من زعيمها عبد الملك الحوثي إلى نقل عدد محدود من جثامين القتلى الذين تتوافر فيهم المعايير المرتكزة على نزعة الفرز والمفاضلة الطائفية والعنصرية إلى صعدة لتتم مواراتها الثرى في مقبرة شاسعة تتوزع فيها الأضرحة المغطاة بأوراق الشجر والأزهار، فيما لا تُبدي هذه القيادات الحد الأدنى من الاكتراث لإشعار أسر القتلى من عناصر الميليشيا المنحدرين من قبائل موالية بمصير أبنائها الذين يتسم العديد منهم بكونهم من صغار السن وتم اقتيادهم بشكل قسري لخوض معارك عنيفة في جبهات القتال المتعددة ليسقطوا كضحايا إضافيين لانتهاكات جماعة الحوثي، التي لم يشهد لها التاريخ اليمني المعاصر مثيلاً.
واتهم الناشط الاجتماعي عبد الحكيم أحمد الرماح في حديث ل«الخليج» جماعة الحوثي بارتكاب جرائم حرب تتجاوز في فداحتها وجسامتها التدمير المتعمد للمدن والقرى بالاشتراك مع القوات الموالية للمخلوع علي صالح إلى الزج بأطفال ومراهقين وطلاب مدارس للانتحار القسري في محرقة الحرب المفتعلة، من قبل الانقلابيين في العديد من المحافظات، معتبراً أن ثمة قصوراً في مواقف الهيئات الإقليمية والدولية الناشطة في مجال حقوق الإنسان وحقوق الطفولة من مناهضة وتجريم هذه الممارسات التي تتساوى في فداحتها مع جرائم القتل العمد.
.