الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 06:40 مساءً
مهانة العلم وقيمة المعلم
تبًا لزمنٍ يُهان فيه المعلم، المعلم الذي يفني عمره بين السبورات والكتب، ليزرع في طلابه بذور العلم المعرفة، يجدُ نفسه اليوم في حلقة مفرغة من الانتظار المُر، أشهرٌ تتلوها أشهر، وراتبه الذي هو حقٌ شهري لا منة ولا صدقة، ينتظرُ ذلك "الفتات" الذي يُلقى إليه، ليتحول إلى متسولٍ بكرامة، يتردد على الصرافات والبنوك، لا ليقبض حقه، بل لـ "يبحث" عنه وكأنه صدقة تُسكتُ الجوع لا حق من حقوقه المهدوره.
المرارة تزداد حينما تتراقص الوعود على شاشات المحطات والقنوات، إعلانات رنانة عن صرف راتب شهرين، بيعٌ للوهم لموظفٍ بسيط أنهكته الديون وغياب الأساسيات، يُخطط المعلم المسكين، يُرتب أولوياته على أساس هذه الوعود، يرسم خريطة بسيطة لسد رمق أسرته بعد غيابٍ طويل للراتب امتد لأربعة أشهر، يذهب مستبشرًا، يحملُ بين طيات روحه أملًا صغيرًا في قضاء بعض الحاجات الضرورية التي توقفت، ليُصدم بواقع مرير، راتب شهر واحد فقط!
متى ندرك أن إهانة المعلم هي إهانة للعلم ذاته؟ متى نفهم أن المجتمع الذي يُجَوِّعُ معلمه، لا يمكن أن يكون مجتمعًا متعلمًا أو مزدهرًا؟ متى نعي أن بناء الأوطان يأتي بالعلم والمعلم؟
إن المعلم يستحق راتبًا يكفل له حياة كريمة، وعيشًا بكرامة تليق بمن يصنع القادة والأطباء والمهندسين.
كفى تلاعبًا بأقوات الناس وأعصابهم ليكن المعلم هو الأولوية، فهو الركيزة التي إن اهتزت، انهارت الأمة بأكملها.
فسلامٌ على زمنٍ كان فيه المعلم رسولًا، وويلٌ لزمنٍ أصبح فيه متسولًا.