الأربعاء 06 أغسطس 2025 05:25 مساءً
الطمع صادر أنفاس الفقراء
عشر سنوات من الحرمان، من الذل، من العوز.. شعب مغلوب على أمره، تضور جوعا، وعانى الأمرين. تمت مصادرة حقه في الحياة، حتى لقمة العيش باتت حلما صعب المنال. الأفضل حالا لا يعرف من المأكولات سوى الروتي والفاصوليا، والبعض لم يجد سوى القمامة مصدرا لغذائه. تغيرت أشكال الشحاتين، وازدادت أعدادهم مع تغيّر الأوضاع. حُرم الناس من خيرات بلادهم: من الأسماك، والفواكه، واللحوم، والأجبان، والألبان، وكل ما لذ وطاب. لم يعد للعيد طعمه، فالناس لا يكتسون كما كانوا. الأب يرى أبناءه يتسعكون في الشوارع بلا تعليم، بينما أبناء المقتدرين يدرسون في أرقى المدارس. أي حياة هذه التي عاشها هذا الشعب الصابر المحتسب؟
واليوم، ومع بزوغ بوادر انفراج في الأزمة، بدأت أنفاس الناس تلتقط قليلا من الأمل. الفقراء والمحرومون استشعروا لأول مرة أن الكفة قد تميل قليلًا لصالحهم، لكن هناك من لم يرقه هذا التغير. أولئك الذين عاشوا في نعيم طوال السنوات العجاف، واستفادوا من ارتفاع العملات الأجنبية، بنوا العمارات، اشتروا السيارات، تعددت زيجاتهم، وتوسعت تجارتهم. لكن ما إن شعروا أن المعادلة بدأت تتغير، حتى عادوا إلى حواسيبهم ليحسبوا الخسائر المحتملة، رغم أنهم ما زالوا في بحبوحة من العيش. إنه الطمع.. ذاك الذي أعمى عيونهم، وأقسى قلوبهم، ونسى هؤلاء أن هذا الشعب لا يعرف شكل الدولار، ولا ألوان العملات السعودية، لكنه اكتوى بنار ارتفاعها لسنوات طويلة.
دعوا الناس تتنفس. لا تكونوا حجر عثرة في طريق انفراجة طال انتظارها. ما يضيركم إن عاش غيركم بجواركم؟ لن يضركم شيء، ولن تنقص منكم نعمة. فكما كنتم علية القوم، ستبقون كذلك، ولكن بقدر من العدالة يضمن للآخرين مساحة عيش تحفظ كرامتهم. إن هذا الشعب لا يطلب الكثير، فقط حقه في حياة كريمة، في وطنه، من خير أرضه، وعلى تراب بلاده، فهل هذا كثير؟