الاثنين 16 يونيو 2025 01:41 مساءً
متى يُنصف عضو هيئة التدريس؟ جعجعة بلا طحين
!
أ.د مهدي دبان
منذ سنوات طويلة، يتردد على مسامعنا حديث التسويات لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات. وعود متكررة، وخطابات براقة، وتصريحات تتهاوى أمام أول اختبار جدي للإنصاف والعدالة. وكأننا أمام جعجعة لا نرى منها طحينًا! فبعض أعضاء هيئة التدريس ينتظرون تسوياتهم منذ أكثر من عشر سنوات، دون أي بادرة أمل تلوح في الأفق، غير بعض التصريحات هنا وهناك كذر الرماد على العيون أو إسقاطا للواجب.
في المقابل، هناك من تعب وسعى، من طرق أبواب الوزارات، وجلب القرارات، بل واستخرج الفتاوى من الخدمة المدنية تؤيد حقه وتؤكد استحقاقه. ومع ذلك، لا جديد. لا تنفيذ، ولا تقدير، ولا حتى احترام لمسيرته وجهوده، وكأن تعب السنين في مهب الريح. يُتركون معلقين بين الروتين والإهمال، تتآكل أعمارهم وهم ينتظرون الإنصاف الذي طال انتظاره.
كم من أستاذ جامعي بات يشعر بأن كرامته تمتهن حين يُعامل كرقم في سجل، لا كصاحب رسالة وعلم! متى يُعاد له اعتباره، ويُعطى حقه بلا منّة ولا مماطلة؟ أليس من المخزي أن تظل قضية بحجم كرامة عضو هيئة التدريس رهينة أدراج مغلقة وإجراءات عقيمة؟ إن إصلاح التعليم يبدأ من احترام المعلم، وأستاذ الجامعة هو قمة الهرم التعليمي والعلمي، فكيف يُبنى المستقبل وأساسه هش ومهمل؟
آن الأوان أن يتحول الكلام إلى فعل، والوعود إلى قرارات نافذة، والجعجعة إلى طحين يسد جوع الإنصاف. أعيدوا لأعضاء هيئة التدريس كرامتهم قبل أن نخسر ما تبقى من شغفهم وإيمانهم برسالتهم. فهم ليسوا موظفين عاديين، بل صناع عقول ومهندسو الوعي، وأي تأخير في إنصافهم هو تأخير في مستقبل الوطن بأكمله.