عهدٌ جديد... حينما ينتصر الضمير على الإهمال
أنباء عدن: الأربعاء 07 مايو 2025 10:17 مساءً

أ.د مهدي دبان
في زمن اعتاد فيه الناس على التجاهل واللامبالاة، ظهرت مبادرة لم تكن مجرد محاولة عابرة، بل كانت أشبه بحجر ثقيل رُمي بقوة وسط بركة آسنة من الفساد والإهمال. لقد جاءت هذه المبادرة لتعيد تعريف المسؤولية الحقيقية، ولتبرز الفرق الجوهري بين من يحرص على المصلحة العامة، ومن يعبث بثقة الناس ومقدراتهم؛ بين من يحب وطنه ويخدمه بإخلاص، ومن امتلأ قلبه بالكراهية والأنانية.
شباب في عمر الزهور، جسدوا المعاني النبيلة بعناية فائقة، بقلوب نابضة بالصدق، وعقولٍ تواقة للتغيير، وأيادٍ امتدت بالخير دون انتظار مقابل. أما القائمون على شؤون المحافظة، وصندوق الطرق في الجمهورية، فقد مثلوا - بكل أسف - الجانب الآخر من الصورة؛ صورة الإهمال، اللامبالاة، والتقاعس عن أداء الواجب.
لقد سطر أولئك الفتية الرائعون عهداً جديداً في مسيرة الوطن. عهد أساسه النية الصافية، والعمل الخالص لوجه الله وخدمة المواطنين، وتيسير سبل الحياة لهم. ولعل استجابة رب العالمين لجهودهم كانت دليلا على إخلاص نيتهم، وصدق توجههم. ألم يقل الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: "لو عثرت بغلة في العراق، لخشيت أن يسألني الله عنها، لم لم تمهد لها الطريق يا عمر؟" فكيف بطريق دولي تمر عليه آلاف المركبات يومياً من سيارات، وشاحنات، وباصات نقل جماعي؟ ألا يستحق هذا الطريق أن يعبد ويُرصف لتقليل الحوادث، والحفاظ على الأرواح، وتوفير الوقت والجهد؟
هنيئاً لمحافظة احتضنت مثل هؤلاء الشباب الشجعان، وزاد الله من أمثالهم. ففي وقت يختبئ فيه بعض المسؤولين خلف مكاتبهم، متناسين دورهم الحقيقي، يظهر رجال آخرون يحملون هم الناس، ويكشفون الغطاء عن عورات المتخاذلين، ويضربون المثل الأسمى في التضحية والعمل. وقد كان... فليت البقية تتعلم.
في كل زمان ومكان، يبقى الأمل معقوداً على أصحاب الضمير الحي، الذين يعملون بصمت، ويضيئون الدرب للآخرين. ولئن خذلتنا المؤسسات، فإن في أبناء الوطن من يعيد لنا الثقة، ويثبت أن الخير باق ما دامت هناك قلوب تنبض بالحب، وعقول تفكر في غيرها قبل نفسها. بوركت سواعدكم، ودام عطاؤكم.
.