سجّلونا معاكم...
الاثنين 14 أبريل 2025 05:31 مساءً

للشهر الرابع على التوالي، ومدارسنا وجامعاتنا ما زالت مغلقة، وأصوات المعلمين وأساتذة الجامعات تختنق تحت وطأة الجوع والخذلان. فئة بأكملها أفنت عمرها في خدمة الأجيال وبناء العقول، واليوم تترك لتواجه مصيرها وحدها في واقع معيشي خانق، دون أن تلوح في الأفق أية حلول جدية من قبل المجلس الرئاسي أو الحكومة.
والأدهى من ذلك أن الجهات المسؤولة لم تكلف نفسها حتى الآن عناء الجلوس مع النقابات المعنية للخروج باتفاق ينصف هؤلاء الجنود المجهولين. بل تركت المعلم والأستاذ يسقطان بصمت في مستنقع الحاجة وذل العوز، وكأنهم عبء على الدولة لا كنزها الحقيقي وصانع حضارتها ومجدها .
في الوقت ذاته، لا تزال القيادات السياسية تصرف الملايين من الأموال – بمختلف العملات الأجنبية– لشراء الولاءات والذمم، ومغازلة القبائل والشخصيات والنشطاء والمطبلين والمطبلات لتلميع مشاريع وأجندات لا تخدم سوى مصالحها الضيقة. أما من صنعوا عقول الأطباء والمهندسين والقياديين أنفسهم، فيطلب منهم الصبر والسكوت والتضحية، بينما بطون أطفالهم خاوية، وكرامتهم تستباح مع كل يوم إضراب.
المعلم اليوم يعيش صراعًا قاسيا بين نداء ضميره تجاه طلابه، وبين بكاء أطفاله في البيت. بين رسالته التي آمن بها، وواقعه الذي لا يرحم. وبعد كل هذا الظلم والتجاهل، لم يعد لديه ما يخسره. لم يعد قادرا على الصمت. فانطلقت صرخته ساخرة، لكنها موجعة، كما عبّر عنها الشاعر الجميل عادل السخياني:
"سجّلوني معاكم يا حكومة مرافق
سجّلوني حراسة أو ديروال سائق"
صرخة تحمل في طيّاتها كل القهر، وتفضح حجم المأساة التي يعيشها من كان يومًا مصباح المعرفة، ومشعل الطريق.
فهل من مجيب؟ هل من بصيص نور في آخر هذا النفق؟ أم أن المعلم سيظل ينزف بصمت، ويكافأ بالنسيان ؟!!!!
أ.د مهدي دبان
.