هجوم الحوثيين على "صافر".. انسداد جديد في الملف الاقتصادي
أنباء عدن: الأحد 25 أغسطس 2024 07:04 مساءً
عبداللاه سُميح – إرم نيوز:
رأى خبراء ومحللون، أن هجوم ميليشيا الحوثي، على منشأة "صافر" النفطية بمحافظة مأرب، يكشف عن رغبة حوثية في العودة إلى التصعيد ضد الحكومة المعترف بها دوليًا، وسط مؤشرات على انسداد جديد يشهده الملف الاقتصادي.
وتمكنت قوات الجيش اليمني، الجمعة الماضي، من التصدي لثلاث طائرات انتحارية مسيّرة، تابعة للحوثيين، تستهدف منشأة "صافر" النفطية، في عملية جديدة، تأتي بعد هجمات أخرى مماثلة، استهدفت منشآت نفطية في حضرموت وشبوة، جنوبي البلاد، أواخر العام 2022؛ ما تسبب في توقف تصدير النفط الخام إلى الخارج.
ويعكس الهجوم الجديد، حالة الانسداد التي وصلت إليها التفاهمات غير المعلنة، بين الحكومة الشرعية وميليشيا الحوثي، برعاية من مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، أواخر الشهر الماضي، المتعلقة بشأن استئناف تصدير النفط الخام، عقب تمسك الحوثيين بحصة تصل إلى 65% من عائدات النفط الخام، مقابل السماح بعودة التصدير، وهو ما حال دون الوصول إلى نقاط مشتركة.
*تصعيد خطير*
واعتبرت الحكومة اليمنية، الهجوم على إحدى أهم المنشآت الحيوية لإنتاج النفط والغاز، بـ"التصعيد الخطير، المندرج ضمن الحرب الاقتصادية التي تشنها ميليشيا الحوثي على الحكومة والشعب اليمني، ونهجها التدميري للبنية التحتية ومقدرات اليمن، وسياساتها الممنهجة في إفقار وتجويع الشعب".
وحذّر وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، من استغلال الحوثيين لحالة "التراخي الدولي، للاستمرار في مسارها التصعيدي الذي يُهدد بنسف فرص التهدئة، وجرّ الأوضاع إلى مزيد من التعقيد، وينذر بانهيار الأوضاع الاقتصادية ومفاقمة المعاناة الإنسانية".
مؤكدًا أن الحكومة المعترف بها دوليًا، "لن تقف مكتوفة الأيدي، وستتخذ التدابير كافة التي تحفظ مصالح ومقدرات الشعب اليمني، وتصون تضحياته في معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب".
وطالب الإرياني، المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص، بـ"إصدار إدانة صريحة لهذا العمل الإرهابي، واتخاذ مواقف صارمة إزاء هذا التصعيد الخطير، الذي يؤكد عدم اكتراث ميليشيا الحوثي بالجهود التي تبذلها الدول الشقيقة والصديقة لإحلال السلام".
*تبديد الآمال*
وسبق أن توصلت الأطراف اليمنية، أواخر يوليو/ تموز الماضي، إلى اتفاق برعاية أممية، لوقف التصعيد المتبادل بشأن الوضع الاقتصادي والمصرفي، فيما نص أحد بنوده على "عقد اجتماعات لمناقشة القضايا الاقتصادية والإنسانية كافة، بناء على خارطة الطريق".
ويقول الباحث في الشؤون الاقتصادية، وفيق صالح، إن الحكومة اليمنية، كانت تأمل أن تسهم اتفاقية "خفض التصعيد" في السماح لها بتصدير النفط الخام مجددًا، "لكن هذا الاستهداف يكشف عدم جدية الحوثيين في إنجاح تنفيذ هذه الاتفاقية، واستمرارهم في استهداف الركائز الاقتصادية للحكومة الشرعية كافة".
وأشار صالح في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن معاودة الحوثيين حربهم الاقتصادية ضد الموارد العامة "يبدد الآمال في أي محاولات لرفع معاناة الشعب اليمني في الجانبين المعيشي والاقتصادي".
مؤكدًا أن الحوثيين استخدموا الورقة الاقتصادية "كورقة حرب منذ تسعة أعوام، وهو ما ألقى بتداعيات كارثية على الأوضاع المعيشية للمواطنين في مختلف المحافظات، وأدى إلى حرمان أكثر من مليون موظف من المناطق المنكوبة بميليشيا الحوثي، من الحصول على مرتباتهم".
وذكر أن شركة "صافر" النفطية، ظلت تزود كل المحافظات اليمنية بمادة الغاز المنزلي، وبأسعار مناسبة، واستطاعت تخطي كل المخاطر لاستمرار عملها كمصلحة سيادية ومكتسب لكل يمني، "إلا أن الإجرام الحوثي يأبى أن يرى أية مصالح ومكتسبات إنتاجية للشعب اليمني".
*فشل جديد*
وتعدّ شركة "صافر" الوطنية لاستكشاف وإنتاج الغاز والنفط، أكبر منتج للغاز الطبيعي، وثاني أكبر الشركات الوطنية انتاجًا للنفط الذي يمثّل 70% من موارد الموازنة العامة للدولة.
وقال المحلل الاقتصادي، محمد الجماعي، إن منشأة "صافر" في الوقت الحالي، "شبه متوقفة في مجال الاستكشاف وإنتاج الغاز الطبيعي المسال منذ عشرة أعوام، وهو ما يتسبب في فقدان اليمن نحو مليار ونصف المليار دولار سنويًا".
وذكر في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن المنشأة ظلت تضخ الغاز المنزلي إلى كل بيت في الجمهورية اليمنية إلى ما قبل أواخر العام 2021، إلى جانب ضخها ما بين 15 إلى 20 ألف برميل نفط خام، يباع في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وحول عملية استهداف المنشأة، يعتقد الجماعي، أنه يمكن قراءتها من عدة أوجه "لأن الحوثيين لم يجرؤوا على تنفيذ هذه الخطوة منذ بداية الحرب، ولم يهددوها أيضًا، إلا مؤخرًا بعد أن فرضت عليهم بعض أشكال الحصار الاقتصادي، لا سيما وقد فشلوا رغم سعيهم واستماتتهم في الحصول على أي ورقة تمكنهم من السيطرة عليها، أو على بعض إيرادها".
مضيفًا أنه يمكن تفسير هذه الخطوة المتهورة من وجه آخر، "وهو أن الحوثيين وصلوا إلى انسداد، رغم ما منحه الاتفاق الأخير لهم من مساحة لاسترداد الأنفاس، لكنهم لم يستطيعوا معه فرض شروط جديدة أو الحصول على مزايا أكثر، كما أن ذلك يعبر عن فشل الاتفاق الأخير بوضوح".
.