الشيخ علي بن سالم الغرابي
ونحن نعيش في زمن المتردية والنطيحة وما أكل السبع سياسيًا على مستوى حضرموت خاصةً، وعلى مستوى البلاد بشكلٍ عام، وزمن من يبيعون كل شيء ويقدمون التنازلات الكبيرة مقابل الكراسي والأموال، من الشخصيات السياسية الحضرمية التي أستوقفتني كثيرًا الراحل: علي سالم الغرابي.
من قال عنه المحضار في مطلع قصيدته الشهيرة: " مول شوعه وقبّ ما توطى من مكانه غلب "، تمعن قوة البيت ومن قائلها لتعرف ماذا كان الشخص المقصود!
هذا الرجل اجتمعت فيه خصال قلّما تجتمع في شخصيةٍ واحدة فهو المثقف والمتعلم بحق، ويقال إن من أسباب محاولة اغتياله الشهيرة في ( حلفون بالديس الشرقية سنة 1972م) والتي تعرض فيها لإصابات اخترقت جسده وملاحقته لسنوات طويلة شعور بعض القيادات في تلك الحقبة بعقدة النقص من ثقافته ومستواه التعليمي علاوة على ذكائه الحد، وهو كذلك الشخصية القبلية الذي تثق به قبيلته وتراه خير من يمثلها ولكي تحميه جعلته مقدمًا عليها، فقد جمع بين الثقافة والتعليم وبين القبلية والمشيخة، كذلك هو من فضل العيش ما بين الجبال والكهوف والأودية على مغادرة الوطن والعيش في الحياة الفارهة خارج الديار، فقد ظل لسبعة سنوات ينتقل في تلك المناطق الوعرة على النأي بالنفس وتوديع الوطن!
عاش الغرابي يتيمًا بعد وفاة والده وهو في عمرٍ صغير، وكانت له اسهامات صحفية بشبابه مثلًا في صحيفة ( الطليعة) ذائعة الصيت في ذلك الزمان وكانت كتابته ضد الظلم والاستعمار، وكان ينتمي فكريًا إلى حزب البعث العربي الاشتراكي الأمر الذي جعله يدفع الثمن باهظًا بعد الاستقلال سنة (1967م) والشيء الذي أوجد المبررات لمن يضمرون له النوايا السيئة، وفي نهاية السبعينات وبجهود الوسطاء تم العفو عنه، ونقل للعلاج في الجزائر، ولكنه حين عاد إلى عدن توفي فقد أشتد المرض به بعد سنوات طويلة عاشها في تلك الحياة القاسية ما بين الجبال والجوع، يروى أنه بعد العفو عرض عليه أن يكون وزيرًا للثقافة لكنه رفض المنصب.
رحم اللّه الشيخ علي بن سالم الغرابي، عاش على مبدأ طيلة حياته، ومات دونه، وغادر الدنيا فقيرًا رافضًا أن يغادر مكانه ويتخطى ثغور الوطن، كارهًا أن يطلب حفنة مال ومناصب مقابل أن ( يتوطى من مكانه ولا يغلب).
- ناصر بامندود
.