عمره تجاوز 102 عامًا.. ثابت السقاف.. ثاني مشرف كهرباء بأبين ومناضل جسور يعاني الظلم والجور
انباء عدن الثلاثاء 02 مايو 2023 05:55 مساءً
القتاه/ د. الخضر عبدالله:
المناضل السيد (ثابت فضل منصور السقاف) من مواليد عام 1922م، في منطقة الشيخ الدويل عاصمة مدينة الشيخ عثمان بعدن، وبعد مضي عدة سنوات قام والده بنقل الأسرة إلى مسقط رأسه قرية (الغافرية) بمنطقة دثينة التابعة لمديرية لودر بمحافظة أبين.. ونشأ وترعرع في كنف والده السيد (فضل)، وتتمتع أسرتهم بحضور اجتماعي بارز في محيطها القبلي.
رعي الأغنام وزراعة الأرض
بداية حياته الطفولية كان يمارسها في رعي الأغنام والمواشي وزراعة الأرض، نتيجة الفقر والعوز الذي كانت تعيشه أسرته، والسبب ذاته الذي حرم (ثابت) من تلقيه تعليمه، أسوة بزملائه من أبناء منطقته. وبسبب شحة المطار وجدب الأرض قام والده بنقلهم إلى منطقة أرض (آل يافع) في جعار التي كانت تحت ولاية السلطان عيدروس.
أعمال متعبة وشاقة
عقب استقرار أسرة السيد (ثابت) في أرض آل يافع جعار عمل في حصاد (القطن) الذهب الأبيض التي حظيت المنطقة به في ذلك الوقت، واتهم المزارعون بهذه الزراعة منذ في خمسينيات القرن الماضي، مدعومة بتشجيع كبير لهم في حينها من السلطات من خلال تقديم القروض الميسرة في بداية زراعة المحصول حتى جنييه.
والمهمة التي أعطيت لــ(ثابت) في هذه العمل هو جني القطن يدويا ثم جمعه في أكياس (طرابيل) واستمر في هذا العمل ما يقارب عامين، ثم انتقل بعدها إلى العمل في الري في نوازع المياه واستمر في هذا العمل ما على نحو عام كامل.
وثم حصل على عمل آخر يعد من أفضل الأعمال السابقة التي حصل عليها، وهذه المرة بدأ يمتهن (حمال أحجار) في بناء جسور الري الذي كان بدايته منطقة القنطرة من باتيس إلى حدود أبين، وعمل في هذه المهنة لمدة أقصاها عامين، كما حصل في مدينة جعار على وظيفة (الكومي) في محلج القطن بأبين براتب 3 شلنات ونصف لعام واحد فقط.
وفي عام 1952م شغل كموظف عادي في محلج الكود تحت إدارة أحمد الصاعدي استمر عمله فيه سنة كاملة بعدها انتقل على وظيفة أخرى كحارس لمحصول القطن بعد وزنه في دلتا أبين، ولم يستمر في هذا العمل طويلا.
بداية العمل في الكهرباء
وفي منتصف عام 1958م انخرط (السيد ثابت) في الكهرباء وأصبح كواحد من عمالها بمنطقة (الجبل التابعة لجعار آل يافع) واختاره لهذا العمل (المستر بروم) بريطاني الجنسية، وكان (بروم) حينها مديرا لإدارة كهرباء المنطقة المذكورة.
وفي عام 63م ومع استمرار شغف (ثابت) وميوله للعمل في الكهرباء والتعرف أكثر على العمل الإداري وخدمة المواطنين في هذه الوظيفة، تم اختياره كمشرف عام على المحطة التوليدية في حافة (قدر الله بجعار) تحت إشراف (الحاج علي جميل ناجي)، وشغل (ثابت) هذا المنصب حتى تقاعده الإجباري عام 1991م وخرج على التقاعد براتب (خمسة آلاف ريال فقط).
أثناء تولي (ثابت) الإشراف على المحطة التوليدية بجعار قام بمهام كبيرة منها توصيل التيار الكهربائي إلى مناطق جعار، ولودر ومكيراس وأحور ورصد وسرار.
شجاعة وأخلاق
كان "السيد ثابت" لديه مقومات المسؤول المجتهد، ويتحلى بالصبر، والشجاعة، ودماثة الأخلاق، كما أن لديه قدرات عجيبة في اتخاذ القرار، والقدرة على دفع الأخرين للعمل، دون ممارسة أي ضغوط عليهم، كان كريماً يحس بعظمة المسؤولية تجاه الموظفين والعاملين معه وجمع بين التسامح وبين الصبر والأقدام وحب المغامرة التي كسبها من منبع أجداده.
رمي القنبلة على عملاء بريطانيا
وبانطلاقة ثورة 14 أكتوبر التحررية المسلحة في عام 1963م بقيادة الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل والتي شكلت في أغسطس 1963م من حركة القوميين العرب وتسع فصائل وطنية أخرى، رتب وضع السيد (ثابت السقاف) بحيث صار عضواً في الجبهة القومية وضمن المكلفين بالعمل الفدائي في جعار.. ومن بطولاته النضالية التي تشهد له قيامه برمي قنبلة يدوية على مكتب الضابط السياسي وأحد عملاء بريطانيا في جعار، لكن من سوء الحظ أن القنبلة لم تنفجر وفشلت العملية الفدائية ونجا (ثابت) من قبضة القيادة البريطانية بأعجوبة.
الانخراط في الجبهة القومية
بعد ذلك انخرط السيد (ثابت السقاف) في قلب الجبهة القومية لتحرير عدن وخاض حرب التحرير نفسها من أجل نيل الاستقلال من الاحتلال البريطاني عام 1967. والحال هذه تُظهر أن سيرة (ثابت) كانت رحلة متواصلة في طريق السعي إلى التحرّر والاستقلال والكرامة، وخاض حرب التحرير جنبًا إلى جنب مع رفاقه المناضلين والثوار، وكان اسمه التنظيمي (شاهين).
راتب لا يسمن ولا يغني من جوع
بعد تحقيق الوحدة اليمنية بين دولتي التشطير شمال وجنوب اليمن وفي نهاية العام 1991م، حصل السيد (ثابت فضل السقاف) على تقاعد إجباري كحرمان لحقوقه وجهض نضاله وحصل حينها على راتب (5 آلاف ريال) حيث أصبح يعيشون بمعاش ضعيف لا يسمن ولا يغني من جوع، رغم المتابعات الحثيثة ما بين إدارتي الخدمة المدنية والمعاشات، وأصبح يزاول الأذان لرفع الصلاة في أبين، ومتنقلا بين مساجد عدن.
هل من رد اعتبار؟
اليوم بات السيد (ثابت) يبلغ من العمر 102 عام، ويعاني أوضاعا مأساوية وظروفا قاسية لا يمتلك بيتا يأويه بل يقطن في منزل بإيجار، وبراتب (لا يكفي على توفير وجبة فطور في الشهر).
وقال السيد (ثابت) في حديثه معنا: "رغم خدمتي الطويلة في كهرباء أبين خدمة فعلية مدتها (35 عاما)) وقد هرمت وراتبي مازال متدنيا مقارنة بزملائي الآخرين الذين يتحصلون على رواتب مرتفعة وحقوقهم أولا بأول دون مماطلة من قبل الجهات المختصة، أما أنا ما زلت مغلوبا على أمري منذ قيام الوحدة بين الشطرين في 22 مايو 1990م حتى يومنا هذا لعدم الكيل بمكيال واحد عند المعاملة من قبل المسؤولين عن ذلك".
وأضاف ثابت: "أجدها مناسبة عبر صحيفة (عدن الغد) الغراء التي تعتبر همزة الوصل بينا وبينكم لإيصال صرختنا المدوية للمرة الأخيرة بعد أن ضاقت صدورنا وتدهورت أحوالنا من كثرة الانتظار وفقدنا الأمل في الحصول على حقوقنا الضائعة.. والسبب الرئيسي في ضياع حقوقي المالية هو (مدير عام المعاشات بمحافظة أبين) رغم متابعتي المتواصلة وكبر سني".. فهل تلقى استجابته آذانا مصغية؟!!
.