من نحن | اتصل بنا | الاثنين 18 نوفمبر 2024 10:45 صباحاً

مقالات
السبت 05 نوفمبر 2022 09:48 صباحاً

مجتمع كسيح.. ونخب متوحشة

 
تجمعني به رياضة الفجر، وفسحة الصباح، هناك عند كشك الصحف في جولة البط ، أو جولة البجع في جولة الجمهورية....جولة البط التي كانت يومًا نوافيرها توزع رذاذ قطراتها على كل العابرين ، فتنساب القطرات مع شعاع الشمس الطالع من البحر مع لحظات الصباح كأنها حبات من الفضة تتساقط من السماء، جولة البط التي كانت، فأضحت اليوم مكبًا من القمامة وكومة من مخلفات البشر والقراطيس والمعلبات ، وصارت مرقدًا  للمجانين والمشردين وأصحاب الأمراض النفسية.
 
ذاك هو المفكر البروفيسور الذي - كما يبدو لي-  عزف عن كتابة المقالات اليومية، بعد أن كانت واجهات الصحف تتزين بمقالاته وصورته وأفكاره هو وكوكبة من المفكرين والكتاب أمثال د. هشام السقاف وغيرهم ممن غابوا إلا فيما ندر، وبرز بدلاً عنهم خداج الصحافة وفلتات زمن الإعلام الغريب.
 
عن د. البروفيسور سمير الشميري أتحدث، المفكر المعروف والمحاضر في جامعة عدن، الذي أهداني نسخةً من آخر كتاب صدر له، وفيه مرآة عاكسة للهاوية السحيقة التي سقط فيها بلدنا، والتراجع الاجتماعي والسياسي والثقافي المخيف الذي وصلنا إليه كافراز سلبي لمابعد ثورات الربيع العربي، وأسوأ منتج لمرحلة ما بعد حرب الحوثي.
 
( مجتمع كسيح ...ونخب متوحشة)  ذاك هو الكتاب الذي يبلغ  210  صفحات من القطع المتوسط ، حيث يجمع بين جانبيه كل آلامنا وأوجاعنا وأناتنا وعذابات أيامنا ، وشرنقة الهوان والامتهان التي يعيش تحت ذلها انسان هذه البلاد كمنتج لنخب فاسدة متوحشة ومنتج لمؤامرات داخلية وإقليمية ودولية والارتهان للخارج دون أدنى تعويل لما يترتب جراء هذا الضياع ، في ظل سقوط آخر هامش للنظام ، حيث اجتاحت الحياة فوضى عارمة طمست كل قيم الحياة الجميلة ، واستبدلتها بالانحطاط والرذالة والتعصب والحقد والسفالة والخنوع.
 
بمنظاره السوسيولوجي والنفسي والاجتماعي والثقافي والإنساني يرصد المفكر البريفسور الشميري كل جزئيات الحياة ودرجة التردي والانحطاط والتراجع المخيف في كل جوانب الحياة ، مثله مثل طبيب يشخص كل جوانب الداء ويقترح الدواء في بلدٍ صارت الفوضى هي القانون الوحيد الذي بقي لنا ويا أسفا اااااه ، حيث تردت الخدمات بشكل عام من كهرباء ومياه ورواتب وغلاء أسعار  وانعدام للغاز و.....و......في ظل تحكم نخبة مرتهنة للخارج بكل جحود وتنكر لهذه البلاد ، صارت فيه الوزارات والمرافق والألوية والسفارات إقطاعيات خاصة، فئة تموت من التخمة وتذهب إلى أرقى عواصم الدنيا لتسحب الشحوم من كروشها المتعفنة ، وتموت الفئة الأخرى من الفاقة والجوع والمرض.
 
كم تمنيت وكم أتمنى وأنا أقلّب صفحات الكتاب أن لو يبعث الله لنا ( فارس الأحلام والزمن) الذي حلم به الدكتور المقالح يوح تكالب الأعداء على ثورة سبتمبر يوم بزوغها ؛ ليقرأ هذا التشخيص ويبدأ بالعلاج وبإعطاء الجرعة للنخبة المتوحشة التي تستلم مخصصاتها بالدولار، حيث أورد د. الشميري أرقام مهولة من هذه النخب المتعفنة التي تعيش في فنادق الخارج على حساب أمعاء الجوعى والمشردين.
 
دعوني أقف عند جزئية بسيطة هي:  أن لدينا عدد  105 ملحق في سفارات دول لاتربطنا بهم أي علاقة صحية أو فنية أو اقتصادية براتب 6 آلاف دولار كأدنى حد.
 
ولدينا  37 وزير ، و37 نائب 37 وكيل ، كما أن لدينا 220 وكلاء محافظات ، و 300 وزير مفوض ومستشار ، و30 موظف في مكتب رئيس الوزراء بدرجة وزير ونائب وزير ووكيل وزارة ، والعدد نفسه في مكتب الرئاسة وبالدرجات نفسها.
 
لا يتسع الحيز لاستعراض كل ما ورد في الكتاب، لكنه حوى كل تفاصيل الحياة السياسية والثقافية والعلاقات الاجتماعية، ووقف على درجة مخيفة من تردي الأخلاق والقضاء على مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية، التي حلت محلها المليشيات والعصابات والقبلية والمناطقية وعمت الفوضى كل مناحي الحياة، في ظل فوضى عارمة وعجز عن دفع رواتب العسكر والموظفين، وسقوط مريع للعملة الوطنية.
 
الكتاب مدعّم بالنظريات العلمية وأقوال وأفعال المفكرين ، كما أن صاحبه لم يغفل الإشارة إلى ما تعرضت له بلداننا مما يسمى بنظرية ( الصدمة) التي تتلخص  في زلزلة حياة المجتمع بوعي وبدون وعي ، وإشاعة الفوضى على كل النواحي ، وتحطيم القيم الإنسانية التي تعد( السور الأخير ضد التوحش والبربرية) كما يقول المفكر إدوارد سعيد.

 
 
أختيار المحرر
"طوق روسيا الذهبي".. أهم المدن والمعالم
علامات إذا ظهرت أسفل الأظافر تشير لسرطان خطير
أضرار شرب الليمون قبل النوم: آثار خطيرة على الجسم!
اكتشف تأثير البلح الأصفر على مستويات السكر والكوليسترول.. مفاجأة
آخر الأخبار
الأكثر قراءة
مقالات
لماذا ساءت طباع، واحيانا اخلاق، بعض مشجعي كرة القدم في فيسبوك، خصوصا اولئك المتعصبين للريال وبرشلونة في
    النبي محمد ﷺ خرج ليلًا خلسة من مكة هاربًا وهو يقول: والله إنكِ أحب الأرض إليّ، ولولا أن أهلك أخرجوني
كان عمي هلال في ال14 عندما أرسله جدي من القرية الى بيتنا في مدينة تعز لقضاء عدة اسابيع قبل حلول الخريف والعام
    ما تثير الدهشة وتوقظ الاستغراب هي قضية الإنسانية التي تملأ قلوب بعض من يعيشون بيننا. بشكل أو بآخر، تجد
  كما يقال لا يكون المشروع والموقع السياحي جميلا وجاذبا للزوار, إلا بتوافر كل العناصر والإمكانيات المريحة
اتبعنا على فيسبوك
جميع الحقوق محفوظة لـ [أنباء عدن-إخباري مستقل] © 2011 - 2024