أثار برشلونة الجدل والتساؤلات بين منافسيه وأنصاره معا، إذ كان من أكثر الأندية نشاطا في سوق الانتقالات الصيفية الجارية، رغم ظروفه المالية الصعبة.
وأنفق برشلونة 170 مليون يورو هذا الصيف في الصفقات الجديدة: روبرت ليفاندوفسكي (50 مليون يورو)، ورافينيا (65)، وجوليس كوندي (55)، كما ضم مجانا الثنائي فرانك كيسي وأندرياس كريستنسن.
وضعية مزرية!
خلال السنوات الثلاث الماضية كان برشلونة يترنح من فرط العجز والتخبط المالي على وقع ديون بلغت 1.3 مليار يورو، تمثل تركة الرئيس السابق بارتوميو وإدارته.
ومع تداعيات كوفيد-19 سجلت القيمة الصافية لبرشلونة (أصول النادي مطروحا منها الالتزامات المصرفية والديون) رقما سلبيا بلغ 451 مليون يورو في موسم 2020-21، إضافة لخسائر 481 مليون يورو، بينما اقتطع النادي 155 مليون يورو من رواتب لاعبيه في الصيف الماضي.
ويعني كل ذلك أن النادي الكتالوني لم يكن أمامه للتعاقد مع صفقات جديدة هذا الموسم إلا: تخفيض الرواتب مجددا، أو زيادة الدخل أو تقليص النفقات.
واستدعى ذلك ظهور مصطلح الإنقاذ: "الرافعات الاقتصادية"، وهو إجراء مالي لبيع أصول النادي جزئيا من أجل توفير سيولة مالية لتخفيض الديون.
خطوات الإنقاذ
في مايو/ أيار الماضي اتخذت إدارة لابورتا الخطوة الأولى في طريق الإنقاذ، بقرض قيمته نحو 600 مليون يورو من بنك جولدمان ساكس أعاد به برشلونة هيكلة ديونه وحولها من قصيرة إلى طويلة الأجل، بضمان عائدات البث التليفزيوني لمباريات الفريق.
وسوف يسدد النادي قيمة القرض في 10 سنوات بفائدة ضئيلة تبلغ 1.98٪، كما سيقوم البنك نفسه بدور المستشار المالي لبلوجرانا.
ووفقا لصحيفة موندو ديبورتيفو سيؤمن الاتفاق 455 مليون يورو من قيمة القرض لبرشلونة، و140 مليون يورو للتفاوض على ديون سابقة، مع التزام جولدمان ساكس بمنح النادي الكتالوني 70 مليون يورو في صورة دعم إضافي في حالات الطوارئ، لاحقا.
وفي يونيو/ حزيران الماضي في جمعية عمومية غير عادية صوت مسؤولو برشلونة بالموافقة على مشروع لابورتا ببيع 49.9% من أصول شركته المختصة في إدارة متاجره ومنتجاته وحقوق الترخيص لهما المعروفة اختصارا بـ (BLM)، بقيمة 300 مليون يورو، ومثلت هذه الرافعة الاقتصادية الأولى.
ثم فعّل برشلونة الرافعة الثانية ببيع 25% من حقوقه التلفزيونية لمباريات الليجا لمدة 25 عاما لشركة Sixth Street مقابل 600 مليون يورو.
كما حصل على رعاية ضخمة من شركة الموسيقى السويدية سبوتيفاي مقابل 236 مليون يورو.
كيف أسهمت العملات المشفرة وتطبيقاتها في خطة إنقاذ برشلونة؟
في مطلع الشهر الجاري أعلن برشلونة عن حصوله على 100 مليون يورو من شركة سوسيوس، المختصة في تداول رموز المعجبين الرقمية Tokens عبر سلسلة الكتل "بلوك تشين".
ويسلط الضوء على تقنية سلسلة الكتل Blockchain وتطبيقاتها المختلفة بشكل عام، وعلاقتها بالرياضة وكرة القدم تحديدا، في عدة حلقات متنوعة تُنشر أسبوعيا.
يمكنكم الاطلاع على الحلقات السابقة (هنا).
وجاء في بيان رسمي للطرفين أن الشركة باتت الشريك الرسمي لبرشلونة، وستقود مشاريع النادي في مجالات بلوك تشين، والرموز الرقمية غير القابلة للاستبدال NFTs، إضافة لتسريع وتطوير استراتيجيات برشلونة المتعلقة بـ web3 (الجيل الثالث للويب).
وأضافت "ستعين الاتفاقية برشلونة على ابتكار منتجات رقمية قيّمة لمشجعيه البالغ عددهم 400 مليون متابع بمنصاته الاجتماعية، وتولد تدفقات وعوائد مالية مستدامة على المدى الطويل".
وكانت شركة سوسيوس نفسها قد دشنت في فبراير/ شباط 2020 أول رمز رقمي مشفر للبارسا (BAR Fan Token) عبر منصتها في "بلوك تشين"، ومنذ ذلك الحين ربح منها برشلونة نحو 38 مليون يورو.
وفي 12 أغسطس/ آب فعّل برشلونة الرافعة الرابعة فباع 24.5٪ من ستوديوهاته لشركة Orphues Media (أورفيوس ميديا) مقابل 100 مليون يورو أيضا.
وأوضح برشلونة في بيان رسمي أن "أورفيوس" تعد شركة إنتاج سمعي وبصري عريقة في هذا المجال، مؤكدا أن تلك الاتفاقية تكمل سابقتها مع سوسيوس.
مخاطرة أم خطة مدروسة؟
يقول دان بلوملي خبير الاقتصاد الرياضي في جامعة شيفيلد هالام البريطانية، لشبكة بلومبرج: "الخطة لن تؤتي ثمارها إلا إذا كان أداء الفريق جيدا، والشرط الأهم استمراريته في دوري أبطال أوروبا. (ذات الأذنين) تمثل أولوية لبرشلونة مستقبلا لأنه قد يجني منها نحو 100 مليون يورو سنويا".
وأضاف "لقد كان إقصاء الفريق من المجموعات في الموسم الماضي الأسوأ له منذ موسم 2000-01".
وأوضح بلوملي "برشلونة يستفيد حاليا ببيع عائدات طويلة الأجل لتوليد نقود قصيرة الأجل. هذه الاستراتيجية محفوفة بالمخاطر".
عبر حل الرافعات نجح برشلونة قبل ساعات في تسجيل كل صفقات الموسم الجديد 2022-2023، لكن لم ينكر المسؤولون التنفيذيون في إدارة لابورتا أنها مخاطرة كبرى، غير أنهم يجادلون بأن البارسا يملك فريقا كبيرا الآن، وسيبلغ مستوى التوقعات لعبور تلك الأزمة!