الخميس 15 أكتوبر 2020 09:10 صباحاً
كورونا يضرب من جديد
كورونا يضرب من جديد. قالت دراسة استرالية إن الفيروس بمقدوره البقاء على الأسطح الجافة لمدة شهر كامل، وإن لم تحدد الدراسة علاقة ذلك البقاء ب"الوباء".
كما قالت دراسة يابانية نشرت في الأيام الماضية إن جفاف الأجواء، كما في الشتاء، يساعد الفيروس على الانتقال. الباحثون اليابانيون استخدموا نماذج حاسوبية كبيرة ومن خلالها لاحظوا إن حركة الفيروس تهبط إلى النصف إذا ما ارتفعت رطوبة الجو من 30 إلى 60 في المائة.
كذلك قالت بيانات نشرت في الأيام الماضية إن الفيروس يعيش بشكل طبيعي في درجة حرارة الغرفة، ويعاني من صعوبة في العيش كلما ارتفعت الحرارة. وعند درجة حرارة 40 مئوية تصبح فرصه في الحياة ضئيلة.
لاحظنا في الأشهر الماضية أن الفيروس الذي ضرب في كل الدنيا كان بطيء الحركة في أفريقيا. لا يتعلق الأمر بضعف كفاءة أجهزة الرصد في تلك القارة، بل بالظروف البيئية التي واجهها الفيروس "الموسمي". فالمستشفيات قليلة العدد بقيت أيضاً قليلة المرضى.
عاد كورونا في الخريف كما توقعت أغلب النماذج الوبائية في الربيع الماضي. في الأيام الماضية نشر باحثون أميركيون نتائج بحوثهم التي أجروها على الحمى الأسبانية، 1918 ـ 1919. وجد الباحثون تشابهات كثيرة في ديناميكية الفيروسين، ولاحظوا أن الطقس البارد والممطر الذي عاشته أوروبا في تلك الأيام كان عاملاً حاسماً.
حتى إن الطيور المهاجرة بقيت في أماكنها على الأنهار، بسبب تغير الظروف. ساعدت تلك الطيور على انتشار الوباء بصورة درامية، وكانت الموجة الثانية التي ضربت العالم في الخريف أكثر وحشية من الموجة الأولى.
بالأمس سجلت روسيا ما يقرب من 15 ألف حالة إصابة في يوم واحد. اللقاح الروسي أعيد إلى الأدراج. وبحسب مسؤولين روس تحدثوا لرويترز فإن اللقاح لم يعط سوى لبضعة مئات من الناس. قرر معهد غمالايا، المنتج للدواء، الدخول في الطور الثالث من الدراسة، وسيعطي اللقاح لحوالي 42 ألف شخصاً.
لا يوجد نظام في العالم، أياً كانت لا معقوليته، مستعد لحقن شعبه، وشعوب أخرى، بمادة بيولوجية لم تختبر جيداً، ولا تعرف حدود أمانها. فيما يتعلق بلقاح كورونا فنحن بإزاء مركب بيولوجي من المفترض أن يعطى لكل الدنيا.
ألمانيا تعود مكرهة إلى الإغلاق. الحياة العامة ضربت مجدداً، التوتر في أعاليه، المشاريع الصغيرة على الحافة، الأطفال يدخلون السنة الثانية بلا مدارس [يدرسون عن بعد]، ولا يعرف أحد كيف سنخرج من هذه المعضلة. ثمة مشاريع لقاحات لدى دول عديدة [أكثر من 220 لقاح].
اللقاحات لا تبدو أنها ستقدم الإجابة الحاسمة والختامية. فقد قالت دراسة هولندية نشرت قبل عشرة أيام إنها فحصت عينات مخزنة من عشرة أشخاص كانوا جزء من بحث علمي على مدى ثلاثة عقود [منذ العام 1985]. لاحظت الدراسة أن الأجسام المضادة التي كانت تتشكل بعد إصابتهم بفيروسات تنتمي إلى عائلة كورونا [أكثر من 2000 نوع فيروسي] كانت تزيد وتنقص ثم تعود للزيادة في نفس العام، أو خلال عدد من الشهور.
استنتجت الدراسة أن الزيادات في تركيز الأجسام المضادة، بعد انخفاضها، تعني أن الشخص كان يصاب بفيروسات كورونا مرة أخرى، ومرة أخرى. كما قالت دراسة أخرى أنها لاحظت هبوطاً ملحوظاً في تركيز الأجسام المضادة في أجسام المصابين بفيروس كورونا المستجد كوف سارس 2 بعد تسعين يوماً. لم تخلص الدراسة لاستنتاج معين، لكنها طرحت أسئلة على شاكلة:
هل يعني ذلك أن الجسم سيصبح عرضة للإصابة من جديد بعد انقضاء تسعين يوماً. دعونا نعد صياغة السؤال: بعد 90 يوماً من اللقاح؟
كان الدكتور فاوتشي، نجم كورونا الأشهر، قال قبل أسابيع إن اللقاح سيجلب مناعة لن تتجاوز ال60 في المائة. قال: كنا نتمنى لو أننا سنحصل على مناعة تصل إلى 95 في المائة، ولكن ذلك لن يحدث للأسف. ويتحدث الوبائيون عن شكل آخر من أشكال المواجهة: تفكيك حياتنا الاجتماعية الراهنة وإعادة صياغتها من جديد.
في النهاية هي مواجهة شاملة بين الفرد والوباء، بين المنظومة والوباء، وبين العلم والأوبئة. ولا بد من كعب أخيل في اللعبة. أما اللقاح فهو الجزء الأكبر من الإجابة.
كل المحبة
م.غ.