واشنطن بوست تنشر مقالاً لصحفي يمني ردا على مقال الحوثي (نص المقال)
نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا بعنوان "ليس للحوثيين الحق في الحديث عن حرية الصحافة" للصحفي اليمني الخطاب الروحاني، والمقيم بواشنطن العاصمة، ردا على مقال كانت البوست قد نشرته لرئيس ما يسمى باللجنة الثورية الحوثية محمد علي الحوثي، وتسبب بجدل كبير بين اوساط المتابعين للحالة اليمنية.
نص المقال:
في نوفمبر2016، اتصل بي المدير السابق بصحيفة المصدر اليمنية في العاصمة صنعاء، سائلاً ما إذا كنت أستطيع التطوع للقيام ببعض اعمال التحرير للصحيفة، وقال: "لم يعد لدينا صحفيون، وكنت واحدا من القلائل الذين تمكنوا من الفرار". كانسان كان يحلم بالعمل كمراسل منذ أيام دراستي، والذي قضى حياته منذ ذلك الحين يناضل من أجل حرية الصحافة، شعرت بحزن عميق بسبب كلماته.
ولهذا السبب، صدمت عندما قرأت في صحيفة الواشنطن بوست كلمات زعيم جماعة الحوثي المتمردة التي تحاول استغلال وفاة الصحفي جمال خاشقجي. جعلني أفكر في الرحلة التي قمت بها أنا ومئات الصحفيين اليمنيين الآخرين خلال السنوات الثلاث الماضية.
دفع الصحفيون اليمنيون ثمناً باهظاً في القتال من أجل حرية الصحافة في العقود الأخيرة. لقد ضحوا بدمائهم لكسب حقوقهم، خاصة خلال الثورة ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح في عام 2011، بعد أن اضطر صالح للتنحي، نمى المشهد الإعلامي اليمني: فتحت العديد من المنصات الإخبارية بين ليلة وضحاها، تمتع الصحفيون بحرية غير مسبوقة لدرجة إن بعضهم تندر بعدم معرفته عن ما يمكن عمله بكل هذا الانفتاح. استمر هذا العصر الذهبي حتى قام الحوثيون المدعومون من إيران بانقلاب عسكري في سبتمبر 2014. لقد أصبحت وسائل الإعلام العدو رقم 1. في الرواية الحوثية، جميع الصحفيين جواسيس للغرب وأعداء اليمن، وقامت مجموعة الحوثي بغلق وسائل الإعلام التي لم تتماشى معهم، و تم اختطاف المئات من الصحفيين وتعذيبهم وأحياناً يصل التعذيب حد الموت.
بحلول نهاية عام 2017، كان 13 صحفيًا محتجزين لدى الحوثي، وفقًا للجنة حماية الصحفيين، فقد اعتقلوا منذ ذلك الحين ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص آخرين اعرفهم. في مايو 2015، اختُطف الصحفيان عبد الله قابل ويوسف العيزري، وبعد بضعة أيام، ألقت نقابة الصحفيين اليمنيين باللوم على الحوثيين في وفاة الصحفيَين اللذين كان الحوثيون يستخدمونها كدروع بشرية لحماية منشأة عسكرية في مدينة ذمار من الغارات الجوية السعودية، أنا شخصياً تلقيت تهديدات من الحوثيين، وتم اقتحام مقر الصحيفة التي عملت بها وإغلاقها. عندما لم يتمكنوا من الوصول إلي بشكل مباشر، قاموا باعتقال والدي وأخي وأجبروهم على التبرؤ مني كجاسوس.
لقد صدمت قصة مقتل خاشقجي الوحشية الأمريكيين بحق، وقد انتقد مشرعون من واشنطن من كلى الحزبين عملية قتله. إنني أحيي الروح الاستثنائية التي أظهرها مشرعو واشنطن في الادعاء بعدم وجود قاتل أو نظام يمكن أن يفلت من جرائمه. لكن خاشقجي هو مجرد واحد من العديد من ضحايا هذه السياسات. ولا ينبغي استغلال موته المأساوي في المناشدة إلى حرية الصحافة، كما سعى محمد علي الحوثي إلى القيام به بمقاله لصحيفة واشنطن بوست؛ و بدلاً من ذلك، يجب أن نحترم حياة خاشقجي عن طريق حماية الصحافة. يجب أن تعني العدالة لخاشقجي العدالة أيضًا للمعاناة في حرب اليمن، وخاصة الصحفيين.
لقد جلبت مأساة خاشقجي، التي كنت فخوراً بكونه صديقاً لي، اهتماماً طال انتظاره للحرب في اليمن ومشاركة المملكة العربية السعودية بها، وكوني يمني، شعرت بالارتياح لأن العالم قد استيقظ أخيراً، لكن مع استمرار المباحثات، شعرت بأن أصواتنا كيمنيين لم يتم تمثيلها.
بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تدخل قوات التحالف بقيادة السعودية لدعم حكومة اليمن الشرعية المعترف بها دوليا ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، لا توجد نهاية تلوح في الأفق للحرب. بدأ اليمنيون يفقدون الأمل في أي نوع من العودة إلى الحياة الطبيعية، إن الوضع الإنساني والاقتصادي لا يقل أهمية عن االانقسامات الاجتماعية والسياسية الكراثية الآخذة في التعمق.
لقد حان الوقت لكي يتخذ العالم إجراءات، وقد دعا البعض في واشنطن الإدارة الحالية إلى وقف مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، على الرغم من أن هذه خطوة أولى مهمة، إلا أنها لن تكون كافية بحد ذاتها لوقف الحرب.
يجب أن يتذكر المجتمع الدولي أن السعودية ليست وحدها المسؤولة، إن دور دولة الإمارات العربية المتحدة يتمتع بنفس التأثير والمثير للجدل مثل دور المملكة العربية السعودية، إن لم يكن أكثر. واتهمت الحكومة اليمنية مراراً وتكراراً الإمارات بدعم الميليشيات المسلحة والتسبب بتفاقم الأزمة الإنسانية، رغم أن الإمارات تزعم أنها ساعدت اليمنيين "على تحرير" مدنهم من الحوثيين، فلا يوجد صحفي على الأرض يجرؤ على الكتابة بصورة حاسمة عن الأعمال الإماراتية.
في هذه الأثناء ، يواصل الحوثيون شنّ حرب داخلية، بما في ذلك الحصار الطويل والمدمر على مدينة تعز، التي لم تحظ باهتمام إعلامي مثل أجزاء أخرى من مناطق اليمن. لقد تسبب الحوثيون في هذه الحرب وتحملوا المسؤولية الأساسية عن استمرارها؛ أي جهود حقيقية لإنهاء الحرب يجب أن تعترف بذلك. يجب على أولئك الذين يحاولون التوسط من أجل إنهاء النزاع الاهتمام بهذا الامر. وان لم يفعلوا ذلك فإن جهودهم قد تنتهي لصالح أمراء الحروب.
بقدر ما يحتاج اليمنيون لتوقف الحرب، فإنهم بحاجة أيضًا إلى ضمان عدم تكرار ذلك مرة أخرى. وكما كتب جمال خاشقجي ذات مرة عن مواطنيه السعوديين، فاننا نحن اليمنيين نستحق الأفضل أيضاً.
مترجم من صحيفة الواشنطن بوست
.