الأحد 27 مايو 2018 02:18 مساءً
عدن الإذاعة والتلفزيون
لم تكن يوماً عدن مجرد اسم يخط على الخرائط والمجسمات، أو اكليشة تحفر بخطوط أعجمية أو عربية يمكن لأي كانت جنسيته أو لغته ان يثبتها على واجهة كرتون أو شوالة أو اسطوانة داعكاً أياها بـ (برش) غُمس في دلو دهان لتنطبع حروفها وفق الشكل واللون المطلوب.
عدن لم تكن ولا ينبغي لها أن تكون مجرد رسم يصلب على رؤوس أوراق رسمية ودمغات ضريبية وأختام وملفات يتم إلصاقها أو طبعها بحكم العادة المعتادة، ودونما حاجة للالتفات إليها والاحساس بمعانيها، مجرد حروف نادراً ما يعود هذا أو ذاك للتأكد من وجودها وفقط عندما يأتي من يطعن أو يشكك بمكان ووجهة صدورها.
عدن لم تكن ولا يمكن لها أن تكون مجرد اسم يردد مع طلقات الرصاصات، وهدير دبابة، وعنجهية بلطجي، وادعاء دعي، ووسيلة وطريقة لاغتصاب حق، وضياع وهدر هوية، أو اضفاء شرعية على باطل يرتكب.
عدن كانت وستظل برامج وأغنية صباحية إذاعية وتلفزيونية.. كانت معنى وقامة تتجدد وتتجسد في الوقت والزمن .. تنساب كلمة ونغما، وحلما يتولد .. عدن الراديو والشاشة.. (هنا إذاعة عدن وتلفزيون عدن) صوت يضفي على الحركة لونها ورائحتها، صوت يسري مع هبوب الريح والنسائم، من كل شاطئ وجبل، من بشاشة روح ووجدان وتطلع الانسان الذي لا يتوقف في المضي لملاقاتها دون كلل في المقهى والطريق والشاطئ وبطون الحافلات وعلى سطوح المنازل، في الأصيل والشروق والغروب.
عدن كانت وستظل جذر هوية وانتماء، ومشروعا يعاود الانبلاج مع تباشير كل صباح على صوت مذيع يردد (هنا عدن.. هنا إذاعة عدن) ليكتمل سلم العبارة بصوت يغني للشروق والطيور والأمل، اسعار اللحوم والخضار وأنواع السمك ومواضيع وأخبار الصحف يتلوها مذيعون من مبنى إذاعة وتلفزيون عدن.
اخبار ولقاءات وأحاديث عمال ورجال مرور ورجال أمن وطلاب مدارس وجامعات وفعاليات وأنشطة، مسرحيات وفنون ورجالات أدب، عربات ترحل طوال ساعات النهار والليل إلى محافل الثقافة والأدب، مخرجون ومعدون ومذيعون ومشرفون وموجهون .. طواقم تحمل البشائر والأمل.
عدن الإذاعة والتلفزيون التي كانت تبيت وتصحو في مختلف مدن وقرى الوطن .. عدن الصوت والصورة، السمع والبصر .. عدن ظبي من شمسان، جل من نفس الصباح، ريح الشروق، ووصياد، يا ساحل أبين، .. يا قافلة، على طريق البريقة، واشارح الحول .. الخ.
هنا إذاعة وتلفزيون عدن.. لطفي أمان، الجرادة، البردوني، القمندان، الفضول، عبدالله غدوة، الصريمي .. الخ. عدن .. عدن يا ليت عدن مسير يوم.
عدن الاذاعة والتلفزيون متى تعود؟ ولماذا لا تعود؟
وإلى من ستظل عدن، بدون عدن الاذاعة والتلفزيون؟!!