السبت 16 يوليو 2016 11:47 مساءً
الورقة الأخيرة
ليس أمام السلطة الشرعية اليمنية من خيار سوى التحلي بمزيد من القوة في مواجهة الضغوط والكثير من الفطنة كي لاتقع وتوقع معها البلاد ضحية لفخاخ يرى كثيرون أنها تٌنصب من أكثر من طرف !.
وفقا لمسؤول حكومي لاتزال الشرعية ترفض الإنصياع للضغوط وتتمكسك بعدم الذهاب الى جولة مشاورات جديدة في الكويت دون توفر شروط بينها التوقيع على وثيقة مشتركة تقر مرجعيات الحوار.
التزمت الأمم المتحدة كتابيا للسلطة الشرعية بمرجعية الحوار بعد القمة الثلاثية التي جمعت في الدوحة في مايو الماضي أمير قطر والرئيس اليمني والأمين العام للأمم المتحدة بحضور مبعوثه الخاص وبقي أن يلتزم وفد الانقلابيين بالمرجعية ذاتها اذ أريد لمشاورات الكويت أن لاتصبح مجرد وسيلة لكسب الوقت وخلط الاوراق.
تطالب الحكومة وفقا للمصدر بتعهد مكتوب أوسع ووثيقة يوقع عليها طرفا المشاورات الحكومة والانقلابيين اضافة الى الأمم المتحدة تؤكد أن قرار مجلس الامن 2216 وقرارات المجلس الأخرى ذات الصلة والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار هي مرجعية واطار المشاورات إضافة الى وضع سقف زمني يبدأ بتنفيذ اجراءات بناء الثقة التي تم التوافق عليها في جولتين من المشاورات في سويسرا.
قبول الحكومة الذهاب مجددا الى مشاورات دون مرجعية سيفتح كما يرى كثيرون بابا لرياح ستعصف أول ما تصعف بها وبشرعيتها ..
ويستبعد مراقبون أن تقدم الحكومة اليمنية على ذلك وهي خرجت للتو رابحة – ولو مؤقتا !- من معركة في أروقة مجلس الأمن الدولي كانت تهدف الى فرض خارطة طريق تحكم مشاورات ومسار الكويت مسبقا وتحسم نتائجه بضم الانقلابيين بسلاحهم في حكومة وحدة وطنية تعود الى صنعاء المفخخة بسلاح وكتائب المليشيا لتكون بمثابة الفخ الأكثر خطورة الذي ينتظر الشرعية ومن شأنه ان يبتلع – إن وقعت فيه الحكومة – أمل غالب اليمنيين في اقامة دولة مدنية لكل اليمنيين!.
من معلومات جرى جمعها من ديبلوماسيين عرب وغربيين في الأمم المتحدة يمكن تلخيص ما جرى في أروقة وكواليس مجلس الأمن بشأن البيان الرئاسي حول اليمن بالتالي :
– طلب المبعوث الأممي الخاص الى اليمن بيانا صحيفا من المجلس لدعم جهوده لاستئناف المشاورات اليمنية في الكويت في موعدها في الخامس عشر من يوليو الجاري .. والطلب معتاد وطبيعي ومتوقع!.
– تقدمت بريطانيا الى المجلس بدلا من ذلك بمشروع بيان رئاسي ! .. والبيان الرئاسي أكثر الزامية من البيان العادي وهو يسبق القرار في قوته ويعد من الوثائق الرسمية التي تثبت ضمن المرجعيات !.
– الأهم من ذلك صيغة البيان ! .. وبتكثيف وبعيدا عن التفاصيل وضع البيان سقفا عاليا في صيغته الاصلية ملخصه أن مجلس الأمن يدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل جميع الأطراف وأن على الأطراف اليمنية أن تقدم مقترحات بشأن خارطة طريق للحل تشمل تنفيذ إجراءات أمنية وسياسية بشكل متزامن!.
– والبيان بهذه الصيغة حاول أن يلغي ما ورد في قرار صدر تحت الفصل السابع ! .. اذ يعفي مليشيا الانقلاب من خطوات طالب مجلس الامن أن تنفذها فورا ودون شروط وهي الانسحاب من المدن وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط وتسليم مؤسسات الدولة والامتناع عن ممارسة مهام من إختصاص الحكومة …. ثم استئئناف الحوار السياسي لاستكمال العملية الانتقالية وفقا للمرجعيات المقرة.
– بفكرة ” التزامن ” رأى كاتب البيان حلا وسطا وفي حقيقته ليس سوى حل قاصم لظهر السلطة الشرعية التي تطالب كما هو معروف بتنفيذ متسلسل وفقا لماورد في القرار وبما يزيل مظاهر الانقلاب أولا في حين يشترط الانقلابيون تشكيل حكومة تشملهم بسلاحهم ” فلمن يسلمونه!” ويكون مقرها صنعاء الخاضعة لسيطرتهم ” فلا مدينة آمنة في اليمن عدا صنعاء! ” من أجل بدء التنفيذ !.
– تحرك اليمن والتحالف العربي عبر مصر والسنغال وهما عضوان في التحالف وعضوان في المجلس وعبر مفاوضات شاقة ومطولة تم خلالها منع اعتماد البيان الرئاسي مرتين من قبل مصر ” تمثل المجموعة العربية ” والسنغال ” تمثل افريقيا ” الى حين تم التوصل الى صيغة مشتركة دعمتها بريطانيا وجميع أعضاء المجلس عدا روسيا !.
– الصيغة النهائية أزالت اللغم الرئيسي ” التزامن ” وأكدت على ربط تنفيذ أي اجراءات لخارطة طريق بالمرجعيات وفي مقدمتها القرار 2216 بل وتم اضافة بنود على الصيغة البريطانية تؤكد ضرورة استعادة الحكومة السيطرة على مؤسسات الحكومة وازالة كافة العوائق والعقبات التي تحول دون ممارسة مهما ” التعيينات وخلافه ” والترحيب بنقل مقر عمل لجنة التهدئة والتنسيق الى السعودية .
– الولايات المتحدة وروسيا لم تسجلا مواقف لافتة خلال المفاوضات حول البيان وتركتا بريطانيا في مواجهة التحالف العربي الى حين تم التوافق على الصيغة النهائية التي دعمتها الولايات المتحدة .. واعترضت عليها روسيا ما حال دون اعتماد البيان !.
– اعترضت روسيا البيان مرتين في البدء على المادتين اللتين تم اضافتهما على البيان الاصلي بشأن ضرورة استعادة سيطرة الحكومة على مؤسسات الدولة والترحيب باستضافة السعودية للجنة المذكورة وذلك قبل ان تحصر بعد ذلك اعتراضها في المادة الخاصة بالترحيب بنقل عمل اللجنة.
– من ديبلوماسي سمعت العبارة التالية ” لا أعتقد أن هذا هو السبب الحقيقي لاعتراض روسيا على البيان ومنعها اعتماده ..هناك سبب آخر وقد لايكون ذي علاقة بالبيان من اساسه خصوصا أن روسيا كانت شريكة في بيان مجموعة ال 18 حمل مضامين مشابهة..الفكرة ذاتها سمعتها من ديبلوماسي آخر.
– تزامن ذلك مع أول لقاء جمع المبعوث الخاص في صنعاء مع الرئيس المخلوع .. ولم يكن لإحتجاج مسؤوليين يمنيين على ذلك أي أثر .. فالمنظمة التقت وتلتقي بمتمردين ومطلوبين واسماء في قوائم العقوبات إن اقتضت الحاجة لإنجاح الوساطة في أي نزاع .. كان رد المنظمة !.
وفقا لمراقبين فإن إستجابة الحكومة لأي ضغوط تعيدها اسيرة مجددا الى صنعاء ستؤدي حتما الى خسارة القاعدة الشعبية المؤيدة لشرعيتها في الداخل وإن حدث ذلك خسرت أهم ورقة بل كل الأروراق في الداخل والخارج ! .. ويبدو لكثيرين أن السلطة الشرعية كما تحتاج الى القوة والفطنة على طاولة المشاورات تحتاج الى التحلي بهما وأيضا بالكفاءة في إدارة شؤون المناطق المحررة لأن ذلك دورها .. وكي تسحب مزيدا من الأوراق من أيدي الأنقلابيين !.