إبراهيم الحمدي " هبة السماء " وأسطورة السيادة الوطنية الخالدة
الخالدون من غير الأنبياء هم أناس وهبتهم السماء ملكات وقدرات خاصة لخدمة البشرية وقيادتها في مسيرة استخلاف الأرض البعض منهم سخرها في صنع الخير للبشرية وآخرون انحرفوا بها وصنعوا الشر.
صانعوا الخير هؤلاء هم بمثابة هدايا من السماء للبشر بغض النظر عن المجال الذي أودعوا فيه ملكاتهم و قدراتهم الخاصة دينيا كان أو دنيويا فكله يصب في بحيرة الخير والصلاح المطلوب لخدمة البشرية .
وعبر التاريخ أيما قوم تجرأوا على الفتك بهبة السماء الممنوحة لهم أو فرطوا بها فقد وضعوا أنفسهم محل سخط السماء ومستحقي غضبها .
وتحت هذا العنوان عنوان " الخالدون " رحل الشهيد القائد إبراهيم الحمدي وترك ذكره وإنجازاته الخالدة وراءه لتدون في أسمى صفحات التاريخ .
كأسطورة يمنية خالدة حافظ على السيادة الوطنية ودفع حياته ثمنا لها حين اغتاله لصوص السلطة بأياديهم المرتهنة للعمالة والتبعية .
ثمان وثلاثون عاما منذ اغتيل هذا الرمز الوطني الكبير حينها أدخل اليمن حلبة صراع مغلقة ربما كعقوبة لأنه فرط بهدية السماء التي منحتها له و لم ينتفض في وجه من سلبوه تلك المنحة القائد الأسطورة .
القائد الذي حمل أمانة هذا الوطن في عنقه فضرب أروع الصور لأدائها كحاكم انطلق بوطنه نحو المجد مستعملا في ذلك ما منحته السماء من ملكات وقدرات لذلك .
إذ زرعت السماء في قلبه عشق الوطن فأثمر في كيانه عزة وحرصا حافظ بهما على أراضي وطنه وسيادته واستقلاله .
وحركة السماء في أعماقه روح العدل والانضباط فترجمتها جوارحه في ذلك النظام والقانون الذي ساد في كل زاوية من زوايا هذا الوطن .
وإذ سقته السماء قناعة التملك وزهدا في العيش فأرتوت روحه نزاهة حافظ بها على أموال الشعب وثرواته فلم يترك وراءه ثروة خاصة لوارثيه .
بل رحل تاركا لشعبه احتياطي من النقد الأجنبي بلغ ثلاثة أرباع المليار دولار في الوقت الذي لم يتجاوز فيه احتياطي الشقيقة مصر حينها ربع مليار دولار .
أربعة عقود شارفت على نهايتها واليمن مازال مأسور داخل تلك الحلبة المغلقة في جولات صراع متتالية تصنعها وتديرها قوى الهيمنة الخارجية ومطاياها الحاكمون بالداخل .
عقود أربعة أنهتها السماء بإحلال عدالتها بعد أن انتهت مهلتها لهم فآن أوان عقوبتهم جميعا إذ أتى الدور عليهم ليكونوا هم من بداخل تلك الحلبة يتصارعون .
ربما ليرفع بعدها غضب السماء الذي حل بهذا البلد من يدري قد تكون بقية سنتان لتنتهي بذلك عقوبة أربعون عاما كانت كعقوبة بني إسرائيل إذ تاهوا في سيناء أربعون عام .
لم أكتب هذه السطور عن الزعيم الراحل إبراهيم الحمدي لأسرد إنجازاته العظيمة بل كتبتها لأذكر بأنه يوما ما كان اليمن يحكمه أحد العظماء الذين أنجبهم العالم ولأساهم في تحطيم قبة التعتيم المضروبة على تاريخ وحقيقة هذا الرمز الوطني الكبير .