هلِّا تساءلتم أين ذهب هؤلاء!!؟؟
أولا الحمد لله على سلامة القادة الأبطال العميد عيدروس والعميد شلال والدكتور ناصر ومرافقيهم، فهؤلاء ليسوا مجرد مسؤولين حكوميين معينين من قبل الرئيس هادي، بل هم رموز وطنية يمثل استهدافها استهدافا للمعاني النبيلة التي تجسدها سيرتهم الذاتية، ولأنني لست بصدد استعراض سجاياهم الأخلاقية ولا أود الخوض في هذه الجزئية فسأكتفي بالتأكيد على مجموعة من الحقائق حملتها محاولة الاغتيال التي تعرضوا لها ظهر اليوم (٥/١/٢٠١٦م) والتي نجم عنها استشهاد أحد مرافقيهم نبتهل إلى الله أن يتغمده بالرحمة والمغفرة وإصابة عدد من الجرحى ندعو الله أن يشفيهم، وأهم هذه الحقائق:
١. إن الحرب مع تحالف الحوافش (الحوثيين والعفاشيين) لم تنته بعد، وإنما انتقلت من المواجهة المباشرة التي هزم فيها هذا التحالف البغيض إلى أعمال التخريب والتفجير والاغتيال محاولات الاغتيال وغيرها من الأفعال الخفية المتصلة بالنهب والسلب وتعميم الفوضى وخلط الأوراق وإشعال الفتن والحرائق هنا وهناك.
٢. ومن هذه الحقيقة تتفرع حقيقة أخرى وهي إن تحالف الأشرار الذي هزم في المواجهة المسلحة المباشرة، لم يخسر كل أدوات الصراع ووسائل الحرب، فهو إذ يتمتع بخبرة إدارة دولة كاملة بأدوات التخريب والعبث وصناعة المكائد وتدبير المؤامرات على مدى ثلث قرن من الزمان، إنما يستخدم كل ذلك بما يعنيه من كوادر وخبرات وأجهزة وتقنيات وجواسيس ومصادر الحصول على المعلومات لتوظيف كل ذلك في حربه مع من وجه له تلك الصفعة القاسية التي لن ينساها قادته، وما القادة الثلاثة وقبلهم اللواء أحمد سيف اليافعي وقبله الشهيد جعفر محمد سعد وأحمد الإدريسي وسواهم إلا وموزا من صانعي تلك الصفعة المرة.
٣. إن من انسحب من عدن ولحج والضالع وأبين وبعض مناطق شبوة ليس إلا القليل من القادة المكشوفين من قيادات هذا التحالف البغيض، وربما بعض الأفراد المعروفين والذين انكشفوا أثنا المواجهة العسكرية، لكن الآلاف من الجنود والعسس والمخبرين والفنيين والتكنيكيين وخبراء القتل والمخططين وغيرهم ما يزالون مختفين ويمارسون حياتهم العادية في كل المحافظات التي نسميها بالمحررة، بل إن البعض منهم ما يزالون يداومون في معسكراتهم ويرتدون الزي العسكري للوحدات التي قاتلوا عبرها ضد الشرعية ودفاعا عن تحالف الحوافش، وهؤلاء هم عبارة عن آلاف الألغام الموقوتة التي ستتفجر وتفجر معها الأوضاع الأمنية وهم ينفذون عملا تقنيا دقيقا ومتكاملا يندرج في إطار الحرب المتواصلة منذ العام ١٩٩٤م.
هناك العشرات من الأسماء المعروفة للجميع، ممن اشتركوا في تدشين المعركة في مارس ٢٠١٥م في عدن وساهموا في اصطياد الأسرى وعلى رأسهم العميد محمود الصبيحي، وتهريب القتلة والمجرمين وعلى رأسهم السفاح السقاف من عدن، ومن ساهموا في نهب مخصصات الحرب وسخروا مرافق الدولة ومؤسساتها وحولتها إلى أدوات لتمرير مخططات المخلوع وحلفائه، هؤلاء ربما توارى بعضهم عن الأنظار وهم لم يذهبوا إلى صنعا بل وبعضهم لم يغادر عدن ولحج وأبين وشبوة، هل سأل السادة الوزراء ومعهم رئيس الجمهورية وطبعا المحافظين ومن يقف في صفهم من الضباط والمقاومين، هل سألوا أنفسهم أين ذهب هؤلاء!؟ وماذا يفعلون في هذه الحرب المستمرة؟
يا سادة!! نحن لا ندعو إلى قمعهم أو تصفيتهم جسديا، ولا حتى إلى محاكمتهم على ما ارتكبوا من جرائم وما نهبوا من أموال وما دمروا من قيم ومعاني وما أفسدوا من أخلاقيات ومُثُل، وهو مطلب ينبغي أن يطرح في يوم من الأيام لكننا ندعو إلى وضعهم تحت مجهر التتبع والرصد والمراقبة والحذر مما يخفون من مكائد وما يدبرون من دسائس تتجلى نتائجها في أعمال التخريب والعبث والتفجير والقتل والاغتيال.
ناقشت احد الأكاديميين حول أحد هذه الأسماء فرد علي بالقول: بس هذا فلان الفلاني بسمعته ومكانته وعلاقاته الطيبة بالناس!
إن العواطف في هذه القضية هي البوابة إلى درب الجحيم، فالصراع مع القتلة والمجرمين والمخربين والمفسدين والعابثين الذين لم يتورعوا عن مواصلة أدوارهم منذ العام ١٩٩٤م حتى اليوم لا يمكن أن يكون للاعتبارات المعنوية والعلاقات والعواطف الشخصية ولا للنوايا الطيبة مكانا فيه لأن الرأفة بهؤلاء أو الإشفاق عليهم يعني أن نطلق أيديهم ليفعلوا ما يطلبه منهم تحالف الأشرار الذي يوجههم ويستثمر في نشاطهم وحتى في ما تبقى لهم من سمعة وعلاقات، وقديما قالت العرب "إن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة".