السبت 23 أغسطس 2025 12:57 مساءً
من أحق بالإعاشة؟
المعلم الكحيان... ذاك الذي تكالبت عليه القوى جميعها، وحاصرته الهموم من كل جانب، فجاع وذل وهان. لم ترحم ضعفه لا حكومة ولا إعلام ولا مجتمع، ولم يقدروا ما يقدمه من خدمات جليلة ولا رسالته السامية. بينما آخرون يتسكعون في شوارع القاهرة وإسطنبول، تُغدق عليهم آلاف الدولارات بلا جهد ولا رسالة ولا عرق جبين.
المعلم الكحيان... ذاك الذي انحنى ظهره ووهنت عيناه، حتى صار زبونا دائما في مستشفى مكة للعيون من كثرة تصحيح الأوراق ومراجعة كراسات التلاميذ. ذاك الذي أنهكه السكر، فصار نحيلاً من شدة التوتر، وصوت طلابه يلاحقه ليل نهار. وبينما هو يقاوم كل تلك الأمراض والهموم، ثمة من ترسل لها الدولارات لتتسوق من أرقى المحلات في القاهرة ودبي، وتشتري المكياجات والعطور ... وكأن المال مال ابيها والبلد لهم وحدهم.
المعلم الكحيان... أثقلته هموم أولاده ومستقبلهم، أعلن إضرابه وصرخ مطالبا بحقوقه، فاتهمه القاصي والداني. قيل له عنوة: "يجب أن تدرس، فالدولة ليس لديها ما تعطيك"، في حين أن المال يوزع بسخاء على مرتادي الكباريهات واللاعبين بالوطن. فمن أحق بالإعاشة إذن؟ أهو المعلم الذي أفنى حياته في خدمة أجيال الأمة، أم من يعيثون في الأرض فسادا بلا حساب ولا عقاب؟
إن الإجابة واضحة، وصوتها يعلو في كل ضمير حي: المعلم هو الأحق بالإعاشة، هو الأحق بالتقدير، وهو الأولى بالرعاية. فبدون المعلم، لا وطن، ولا جيل، ولا مستقبل.