الخميس 29 مايو 2025 10:14 مساءً
لا سياسة في الجوع..ولا خصومة في الطريق
أ.د مهدي دبان
لا يهمنا من يتخذ القرار، ولا كيف يتخذه، ولا ما هي أهدافه النهائية… طالما أن القرار يصب في نهاية المطاف في مصلحة الناس، ويخفف من معاناتهم اليومية، فنحن معه. ليست الغاية أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل سنوات، بقدر ما هي أن تبقى الأواصر قائمة، والطرق سالكة، والنفوس متصالحة مع حقها في الحياة الكريمة.
فهل يُعقل أن تُغلق الطرق، وتُقطع الأرحام، وتُنسى علاقات اجتماعية وإنسانية ربطت بين أبناء المحافظات، سواء كانوا في كيان واحد أو كيانين؟ إن ما يجمع الناس أعمق من الحدود، وأبقى من المواقف السياسية العابرة.
لنا في التاريخ عبرة، فأوروبا خاضت دولها حربين عالميتين، قُتل فيهما أكثر من ٧٠ مليون إنسان تقريبا، عادت الحياة فيها لتدب من جديد، لا فقط بفتح الطرق، بل بإلغاء التأشيرات وجوازات السفر، ليصبح المواطن الأوروبي يتنقل بين الدول ببطاقة تعريف فقط. لماذا؟ لأنهم أدركوا أن الإنسان لا يُعاقب بجغرافيا السياسة، ولا يُمنع من حقه في الحياة تحت وطأة خلاف بين صانعي القرار.
لذلك، ومهما حصل، يجب أن تبقى الطرقات مفتوحة. لا نتحدث فقط عن طريق عدن – الضالع – صنعاء، بل عن كل الطرقات المغلقة التي أصبحت جروحاً في جسد الوطن. فتح الطرق لا يعني بالضرورة أن القضية قد انتهت أو أن المصير قد حُسم. بل يعني ببساطة أن هناك وعياً بأن القضايا السياسية يجب أن تأخذ مجراها بعيداً عن الجوانب الإنسانية والخدماتية والاجتماعية التي لا ذنب لها في صراع الساسة.

إن فتح الطرقات ليس قراراً سياسياً بقدر ما هو موقف إنساني. فلنمنح الناس حقهم في الوصول، في اللقاء، في الحياة. ودعوا السياسة تسلك طريقها الطويل، ولكن لا تجعلوها تُغلق الطرق على الناس في رحلة كفاحهم من أجل البقاء.