الأحد 20 أكتوبر 2024 12:19 مساءً
عمي هلال ووجه الرئيس
كان عمي هلال في ال14 عندما أرسله جدي من القرية الى بيتنا في مدينة تعز لقضاء عدة اسابيع قبل حلول الخريف والعام الدراسي الجديد.
يقع البيت في الحارة المقابلة لبوابة "مشروع المياه" الذي صار لاحقا مبنى المحافظة. حملت الحارة (الحافة بلهجة المدينة) اسمين هما أقرب إلى طبيعتها على ما سبباه لي من دوار جغرافي مرمن: "حبيل الظبي" و"شعب الدبة". والاسمان يصلحان مدخلا لمناقشة "الهوية" الملتبسة للمدينة فالحارة ليست عتيقة كما حارات المدينة التاريخية في "المدينة"- او ما يمكن اعتبارهال"داون تاون" ولا هي الحارة الحديثة كما حارة فندق الأخوة والمنتزة ومدرسة الشعب؛ لم أكن أعرف أين ينتهي الاسم الاول (الحبيل) واين يبدأ "شعب" - بكسر حرف الشين- ينتسب إلى "الدبة" اي اليقطين.
في الطرف الشرقي للشعب (أو الحبيل) يقع المظهر الذي يشرف على الطريق من مشروع المياه (المحافظة) إلى جامع الخير فالكمب ويواجه مدخل الشارع الذي يؤدي إلى ميدان الشهداء وحارة الجحملية.
في المظهر جلسنا، عمي هلال وأنا، قبل ظهيرة ال11 من اكتوبر 1977، وجلس أطفال حبيل الظبي ينتظرون موكب الرئيس القادم من شمال المدينة (إب) ليحتفل مع سكان "المدينة" بالعيد ال15 لثورة 26 سبتمبر. كنا على أتم الاستعداد لانتظار الرئيس ساعات لو اقتضى الأمر؛ فالأطفال كما الكبار يحبونه.
لم يكن لنا دور مرسوم فالأطفال الذين لم يحتشدوا في ساحة الاحتفال اتخذوا مواقعهم في على طول الطريق ليرقبوا الرئيس القادم من الشمال، والهدف الأغلى كان بسيطا: مشاهدة الرئيس والتلويح له بالأيدي إن لاحت الفرصة.
مر الموكب (3 سيارات تقريبا) ورأينا الرئيس، من عل ولكن من قرب، فموقعنا الذي اختاره بعناية عمي استراتيجي.
لحظتها أطلق هلال نبوءنه التي لازمتني سنويا وما تزال؛ قال إن وجهه المضيء يعني أنه سيموت! قال شيئا لا يدركه "ابن الحبيل" فابن القرية يحمل من المعارف والخبرات ما يفوق بمراحل معارف إبن أخيه وأترابه من سكان الحبيل والشعب والكمب والمدينة بأسرها. جميعنا فرحون وسعداء بالرئيس ووجهه "الوضاء" لكن "القروي" هلال رأى ما هو أعمق فأطلق نبوءته وعاد إلى القرية.
بعد أسبوعين بالتمام خطفت "المكيدة" بطلنا المحبوب فصار اسمه ملازما لاسم الحمدي، في اكتوبر على وجه الخصوص، وفي اكتوبر ال47 انتقل "هلال" إلى دار البقاء.
Sami Ghaleb