سيذكر التاريخ عام ١٩٧٤ و مهندس الدبلوماسية محمد صالح مطيع
سيذكر عام ١٩٧٤ ، بالنسبة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، كعام للانفتاح السياسي والدبلوماسي على دول الجوار .
فمنذ الاستقلال عام ١٩٦٧ ظلت العلاقات الدبلوماسية مقطوعة مع دول المنطقة فيما عدا الكويت التي رحبت فور استقلال الجنوب بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع الدولة الوليدة ، وأنشأت مكتباً لهيئة الخليج والجنوب العربي الذي أشرف على إقامة الكثير من المشاريع في مجال التعليم والخدمات الاجتماعية .
كان محمد صالح مطيع رحمه الله هو وزير خارجية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية منذ العام (١٩٧٣ حتى ١٩٨٠) ، وكان يعد مهندس الانفتاح السياسي على دول الجوار . ولا يختلف كثيرون أن محمد صالح يافعي ، الذي عرف بإسمه الحركي "مطيع" قد تميز ببعد النظر في قيادة دبلوماسية الجنوب ، وعلاقات الدولة السياسية آنذاك على الصعيد الإقليمي والدولي في ظروف غاية في التعقيد .
في عام ١٩٧٤ دشن بداية العلاقات الدبلوماسية بزيارته التاريخية لكل من البحرين وقطر والامارات العربية المتحدة ، وكنت ضمن الوفد الذي زار هذه البلدان بقيادته ، ولمست عن قرب حجم الجهد الذي قام به لتحقيق هذا الهدف . وفي عام ١٩٧٦ تم استكمال بناء العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية . وبقيت عمان لوقت متأخر لأسباب يطول شرحها .
في عهده كوزير للخارجية شهدت العلاقات الدبلوماسية لليمن الديمقراطية ازدهاراً كبيراً على نطاق واسع ، وعمل بكل جهد على استعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الامريكية . وقام بعض اعضاء الكونجرس الأمريكي بزيارة عدن كتمهيد لاستعادة العلاقات الدبلوماسية التي كانت قد قطعت عام ١٩٦٩ .
تمتع " مطيع" بعلاقات ممتازة مع رفاقه ومع العاملين في السلك الدبلوماسي ومع دوائر اجتماعية وسياسية واسعة ، ولعب دوراً إيجابياً في الحوارات السياسية بين فصائل العمل الوطني التي أدت إلى قيام التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية ، ثم الحزب الاشتراكي اليمني .
كان "مطيع" صاحب كاريزما قيادية تجيد فن الحوار وإدارة الاختلاف ، لكن الظروف التي صاحبت كثيراً من المحطات السياسية قد أسهمت في بناء تراكمات لم تترك في كثير من الأحيان غير خيار المواجهة .
من عجائب السياسة في اليمن أن يثير مثل هذا النجاح أسئلة لا لون لها ، مهمتها البحث عن أسباب النجاح بعيدا عن الحقيقة ، وهي نفس الأسباب التي دائماً ما تكون إجاباتها جاهزة وتصب في خانة الصراع على السلطة .
أعدم مطيع ،في لحظة من اللحظات التي دائماً ما كان فيها الوعي بقيمة الحياة تستغرقة سلطة تتهشم قوائمها بمقارع التطبيل لخلق الزعامات .
حدث هذا مراراً في اليمن وفي تجارب كثيرة ، ولم تنفرد اليمن الديمقراطية بمسار مختلف .
كان إعدام مطيع خسارة كبيرة ، فتحت ثغرات كبيرة في الجسم الذي كان يتهيأ للانتقال إلى مسارات أرحب ، وكان ما كان .