الجمعة 26 مارس 2021 10:42 مساءً
أشتدي أزمة.... تنفرجي!
(في ذكرى إعلان الحرب على اليمن 26 مارس 2015م )
بإنقضاء هذا اليوم الموافق 26 مارس 2021م ، تكون قد مرّت علينا وعلى بلادنا (ست سنين عجاف) هي سنوات الحرب المباشرة (أو العاصفة) التي بدأت في ذلك اليوم ولم تضع أوزارها بعد!
في الواقع، كانت المعاناة والأزمة قد بدأت في بلادنا وحياتنا، من قبل ذلك التاريخ بحوالى (أربع سنوات إرتجاف)!، وسميتها كذلك، لأنه حينها، أرتجفت السلطة الحاكمة وعجزت عن مواجهة وأحتواء الغضب الشعبي و "التشعُّبي!" (أو مايسمى بالربيع اليمني/ ثورة الشباب 2011)، فأنقلب ذلك الربيع لاحقاً خريفاً ووبالاً علينا!
وبحسبة بسيطة، يصبح إجمالي عدد (العِجاف والإرتجاف) عشر سنوات بالتمام والكمال. وبهذا يكون قد مرّ علينا عقدٌ من الزمانِ ونحنُ في هذه الدوامةُ من الأزماتِ والصراعات والحرب والشتات!
الحربُ هي الحرب، كريهةٌ، مستمرةُ، مستعرةٌ. وأمّا المواقف والتحليلات والتصريحات والتغريدات والفسبكات بشأنها، فمنتثرة ومنتشرة، صعوداً وهبوطاً مثل مؤشرات تداول أسهم البورصة: تبادل، بيع، شراء،...إلخ!
لقد عشتُ الحرب في عدن و صنعاء. عرفت ماذا تعنيه وتسببه من رعبٍ و خوفٍ وجوعٍ وقتلٍ وقصف ودمار وحصار وقطع للطرقات وللأرزاق وللخدمات من كهرباء و ماء ووقود و غاز ودواء و غذاء وخلافه. لقد عاصرتها ليل نهار، وكنت شاهدة عيان على مآسيها وتبعاتها الكارثية، ومخزون في ذاكرتي قدر من المعلومات الصحيحة عنها وكذا بعض من قصصها ومآسيها، كما تعرض منزلنا في عدن لدمار جزئي بفعل أحد صواريخها الهوجاء، والتي كانت كالجوارح الشاردة تُحلّق وتسرح وتمرح فوق رؤوسنا - دون قيد أو شرط أو أدنى إعتبار لأدميتنا وأماكننا - قبل أن تحطُ منقضّة على الفريسة المسكينة دون تعيين!
وقد يأتي يوماً وأكتب عنها تفصيلاً للذكرى والعِبرة فقط ( لعل الذكرى تنفع المؤمنين)، وذلك عندما يكون السلام قد عم ربوع البلاد والعباد، وعندما يكون المتحاربون وأطراف الصراع (على السلطة) قد وضعوا السلاح والكراهية والعناد جانباً، ووعوا وأدركوا أن بلدنا لنا جميعاً دون إستثناء، وإن الدين لله والوطن للجميع، وأن السلطة هي للشعب، وهو مصدر كل السلطات، وأن لا صوت يعلو فوق صوت الشعب !
كما غيري من الملايين، أتابع بإهتمام وترقب، مايدور على الساحة اليمنية والإقليمية والدولية، وأفرح بأية تحرّك أو مبادرة أو بارقة أمل من هنا أو هناك، لإيقاف هذه الحرب ورفع الحصار عنا، لتعود دولتنا لمكانها المفترض والفاعل بين باقي الدول، ولنعود نحن كمواطنين لحياتنا الطبيعية كما باقي الشعوب، وخصوصاً شعوب دول الجوار المحظوظين الآمنين المستقرين في بلدانهم، فنحن لسنا أقل منهم في متطلباتنا وإحتياجاتنا وطموحاتنا وتطلعاتنا، ومثلهم نستحق أن نعيش في خير وأمن وسلام في بلادنا، وداخل بيوتنا وبين أهلنا، فنحن:
- شعب شجاع مسالم كريم عريق يجب أن لايستهان بتاريخه، ولا يستهان بأبنائه.
- شعب متجذّر في أرضه، ولقد وضع أجدادنا بصماتهم الخالدة في تاريخ الحضارات الإنسانية، ويعرف ذلك كل ذي علم وفهم، في شتى أصقاع العالم شرقاً وغرباً،
- شعب ودود ذكي ومثابر قابل للحياة والتطوّر، ولايمكن تجاهله أو تجاوزه أو التندر بخصوصه،
وبهذه المناسبة، في ذكرى إعلان الحرب، أتوجه إلى:
- رعاة السلام الحقيقيين في العالم،
- الخمسة الكبار ( مجلس الأمن) وكل من له يد طولى في مايحصل لنا،
- جيراننا اللصيقين العرب المسلمين: المملكة العربية السعودية (الشقيقة الكبرى) و سلطنة عمان (الشقيقة الصغرى)،
- قادة بلادنا وحكمائنا ومشائخنا ورجالات السياسة والفكر والميدان، بمختلف توصيفاتهم السياسية والإجتماعية والدينية ( ساسة، ثائرين، أقيال، سادة، أيدلوجيين، عقائدين...إلخ)،
وأقول لهم: لقد أشتدت علينا الأزمات، تعبنا من هذه الحرب الشعواء، التي لاناقة لنا فيها ولاجمل، ونحن الشعب اليمني (أو العدني أو الجنوبي أو الشمالى أو الشرقي أو الغربي أو سموه بماشئتم، وقرروا بما عدلتم!)، في هذه الرقعة الجغرافية المنكوبة، نعاني ونرزح ونئن من هذه الحرب وحصارها، وآن الأوان لأن تنهوها أو تشاركوا في إنهائها ووضع أوزارها، وأن تصنعوا معنا السلام!
كلي أمل في أن مبادرة السلام السعودية الأخير بشأن إنهاء الحرب في اليمن، هي بداية تمهيد لطريق سلام مستدام، وأن (أهل الحل والعقد) عندنا سيلتقطوها لامحالة، وسيتم البناء عليها بمزيد من مبادرات وتفاهمات وإتفاقيات لاحقة قد تُخرجنا في الآخير من هذا النفق المظلم إلى النور، فبداية الغيث قطرة كما يقولوا، وأنا أرى أنها، أي المبادرة، جائت من بدايتها كالغيث وذلك قياساً لما تحمله من معانى وإنفتاح وقبول بالآخر.
أتمنى بأن أزمتنا إلى تلاشي وفرج قريب. فلكل حرب بداية ونهاية، وقد أخذت هذه الحرب اللعينة مايكفيها من لحمنا ودمنا، ومن حجرنا وشجرنا، ومن أخضرنا واليابس! وكما قال الشاعر إبن المحن في قصيدته "المنفرجة":
أشتدّي أزمةُ تنفرجِ ..... قد أَذّنَ ليلُكِ بالبَلَجِ
وظلام الليل لهُ سُرُجٌ ..... حتى يغشاهُ أبو السُرُجِ
وسحابُ الخيرِ لهُ مطرٌ..... فإذا جاءَ الإبَّانُ تجِي
.........
وإذا بك ضاق الأمر فقُل ..... أشتدّيَ أزمة تنفرجِ
المحامية/ أوسان سلطان ناجي، عدن 26 مارس 2021م