حوار مع مسنّة ألمانية كنت أشرف على علاجها
. خبريني كيف فعلت هذا؟
ـ ماذا تقصد؟ سألتني وهي تستوي جالسة.
ـ جُعتُ كثيراً. قبل الحرب كان الأكل شحيحاً. بعد الحرب صار معدوماً. جعلتنا الحرب أمة جائعة. أكلت الخضار، حتى لحم الخنزير الذي تراه في كل مكان وبأرخص الأثمان كان آنذاك حلماً. كان كل الشحم حلماً. جعت بالأيام والسنوات، الجوع أنقذني وهو سر الصحة التي أنا عليها.
. الجوع لوحده لا يكفي. لا بد وأنك كنت تفعلين أشياء أخرى.
ـ [تفكر قليلاً]. نعم، الحركة. كنت دائمة الحركة. لم أتوقف عن العمل، حتى الآن لا أزال أتحرك. وكنت لا أقوم سوى بالأعمال التي تتطلب حركة.
. الجوع والحركة؟ قلت متسائلاً.
ـ يمكنك أن تقول هذا. مات ابني قبل الستين من عمره. أنا سأصل إلى المائة وهو بالكاد تجاوز الخمسين. لم يكن ينظر إلى طعامه، وكان يدخن مثل المجانين. وتلك هي العاقبة المؤلمة.
. هل تفتقدين شيئاً من ماضيك؟
ـ بالطبع لا أفتقد الجوع. لدي أحفاد وأبناء أحفاد. أنا في غاية السعادة. كل واحد من أحفادي ومن أبنائهم وجد طريقاً رائعاً. كل طرقهم رائعة. أما أنا ..[تصمت].
. ماذا؟
ـ تمنيت لو أني التحقت بمدرسة. لم أجد الفرصة. كنت أرى المدارس من بعيد ويقفز الحزن إلى صدري. إلى أن أتيحت لي الفرصة مرة واحدة في العمر ودخلت مدرسة. دخلتها مرة واحدة فقط.
. وماذا فعلت في ذلك اليوم الواحد؟
ـ كنتُ أدهن الخبز بالزبدة وأوزعه على اللاجئين.
ـــ
من حوار مع مسنّة ألمانية كنت أشرف على علاجها.
م.غ.